بعد شهرين من اغتيال هنية وأيام من اغتيال نصر الله، جاء اليوم الرد الإيراني المنتظر على دولة
الاحتلال.
مساء الثلاثاء هاجمت إيران بنحو 300 صاروخ باليستي مواقع عسكرية ومطارات في الأراضي المحتلة، وقالت إنه جاء ردا على اغتيال هنية ونصر الله عملا بمبدأ الدفاع عن النفس وحفظ الأمن.
من أكتوبر الماضي إلى الجاري، أعيد المشهد غير المألوف في "تل أبيب"، بسماء مزدحمة بالصواريخ، والملايين يتزاحمون في الملاجئ.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية، إن إيران تحدثت علنا عن ردها على "إسرائيل" في وقت سابق، وهو يبدو ضعف الهجوم السابق في نيسان/ أبريل الماضي.
ويختلف الرد الإيراني الأخير عن الهجوم الأول في نيسان/ أبريل الماضي، من عدة جوانب، يرصدها هذا التقرير.
الأسلحة المستخدمة
منتصف أبريل/ نيسان الماضي، أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه نفذ عملية بطائرات مسيرة وصواريخ، "ردا على جريمة الكيان الصهيوني بقصف قنصليتنا في سوريا".
وأضاف أن "العملية نفذت بعشرات
الصواريخ والطائرات المسيرة، لضرب أهداف محددة في الأراضي المحتلة".
واستخدمت إيران في هجومها منتصف أبريل، طائرات مسيرة من الأسطول الكبير الذي تمتلكه، سيما طائرات شاهد المطورة، حيث أطلقت 185 طائرة دون طيار من المسيرات الانتحارية من نوع شاهد 136 وشاهد 149، و36 صاروخ كروز و110 صواريخ أرض-أرض من نوع "خيبر".
واستغرقت الصواريخ والمسيرات عدة ساعات للوصول إلى أهدافها، بينما في الهجوم الأخير وصلت الصواريخ بشكل سريع.
واستخدمت إيران في هجومها الأخير وللمرة الأولى، صواريخ فرط صوتية من طراز "فتاح" في هجومها على الأهداف العسكرية للاحتلال الإسرائيلي.
وتعدّ هذه الصواريخ من أبرز إنجازات الصناعات العسكرية الإيرانية، حيث تم الكشف عنها لأول مرة، في حزيران/ يونيو من عام 2023، خلال استعراض عسكري٬ بحضور الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، الذي أشاد بالصاروخ الجديد٬ ووصفه حينذاك بأنه "من مكونات الاقتدار الوطني".
يتميز صاروخ "فتاح" بسرعته الفائقة التي تتجاوز سرعة الصوت، وتم تصميمه بأيدي خبراء مركز الصناعة الجوية التابع للحرس الثوري الإيراني. ويتكون من قسمين:
فشل الإحباط
في الهجوم الأول، استطاعت الدفاعات الجوية للاحتلال ودول المنطقة اعتراض غالبية الصواريخ والمسيرات.
وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانيال هاغاري، اعتراض 99% بالمئة من الصواريخ والطائرات المسيرة التي وجهتها إيران نحو الأراضي المحتلة.
وزعم هاغاري أن عددا قليلا من الصواريخ التي أطلقتها إيران سقط في الأراضي المحتلة.
وعلى العكس من ذلك فقد فشلت منظومة الاحتلال للدفاع الجوي في اعتراض الصواريخ هذه المرة.
وشوهدت العشرات من الصواريخ وهي تنهمر على الأراضي المحتلة، وتحدثت وسائل إعلام غربية عن سقوط صاروخ قرب مقر الموساد في "تل أبيب"، فيما قصفت صواريخ أخرى قاعدة نفتاييم.
وعلى غرار الهجوم الأول شاركت دول عربية على رأسها الأردن بصد الصواريخ الإيرانية، كما أعلنت كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا أنها قدمت دعما عسكريا وشاركت في إسقاط الصواريخ.
رقعة الأهداف
في نيسان/ أبريل الماضي، ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية، أن الجيش استهدف بنجاح قاعدة جوية إسرائيلية في النقب بصواريخ خيبر.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية، أن الجيش استهدف بنجاح قاعدة جوية إسرائيلية في النقب بصواريخ خيبر.
وأضافت الوكالة أن القاعدة الجوية المستهدفة في النقب كانت منطلقا للهجوم على القنصلية بدمشق.
وأعلن جيش الاحتلال حينها، عن إصابة مطار عسكري إسرائيلي في الهجوم الصاروخي الإيراني، مبينا أن عدد الصواريخ التي أطلقت تجاوز الـ 200 صاروخ.
أما في الهجوم الأخير، فقد سقطت الصواريخ الإيراني في مواقع عديدة شمال وجنوب الأراضي المحتلة.
وقال رئيس هيئة الأركان الإيراني محمد باقري، إن "الكيان الصهيوني ضاعف جرائمه باغتيال نصر الله ما جعلنا غير قادرين على التحمل"، مبينا "ضبطنا النفس منذ اغتيال هنية بطلب من أمريكا وأوروبا لإحلال وقف إطلاق النار في غزة".
وأكد أن طهران ضربت ثلاث قواعد جوية رئيسة ومقرا للموساد في الهجوم، وقاعدة نفتاييم التي تضم مقاتلات إف-35، ورادارات وتجمعا للدبابات وناقلات الجند في محيط غزة، وقاعدة حتسريم المسؤولة عن اغتيال نصر الله.
وقال الحرس الثوري الإيراني إن هجومه الصاروخي ضرب "ثلاث قواعد عسكرية" في منطقة "تل أبيب".
وقال الحرس الثوري في بيان نقلته وكالة "إيسنا" للأنباء: "استهدفنا ثلاث قواعد عسكرية حول تل أبيب" خلال العملية التي أطلقت فيها عشرات الصواريخ الباليستية.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي: "أطلقت إيران ما لا يقل عن 200 صاروخ، وصفارات الإنذار متواصلة في جميع أنحاء البلاد".
سر التوقيت
في هجوم نيسان/ أبريل الماضي، تحدثت مصادر مطلعة لوسائل إعلام أن إيران أبلغت عدة دول بالهجوم قبل موعده بأيام، بينما في هجوم الثلاثاء، قالت طهران إنها بلغت موسكو بالموعد قبل الهجوم بوقت قصير.
وكانت التحذيرات الأمريكية من هجوم إيراني وشيك استبقت الهجوم بساعتين فقط.
ومن زاوية أخرى، يأتي الهجوم الإيراني الجديد في وضع إقليمي متصاعد، فالحرب لم تعد محصورة في قطاع غزة كما في السابق، وباتت طبول الحرب تدق على تخوم بيروت ودمشق، وسط حالة توحش وتوسع عدواني إسرائيلي مسبوق بنشوة نتنياهو من نتائج عدوانه على
لبنان.