أجّل
الاتحاد الدولي لكرة القدم "
الفيفا" اتخاذ قرار بشأن الدعوة
الفلسطينية لحظر الاتحاد
الإسرائيلي من المشاركة في كرة القدم الدولية، في ظل حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة، قائلا؛ إنه لجنته التأديبية "ستراجع هذه الادعاءات".
وجاء ذلك بعد اجتماع عقد في مقره في زيوريخ الخميس، وقال الاتحاد الدولي، وهو الهيئة الحاكمة لكرة القدم في العالم؛ إن لجنته التأديبية ستراجع ادعاءات التمييز التي أثارها الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم.
وقال رئيس الفيفا جياني إنفانتينو؛ إن المجلس نفذ "العناية الواجبة" بشأن هذه المسألة، واتبع نصيحة خبراء مستقلين، وبناء عليه "سيتم تكليف لجنة الحوكمة والتدقيق والامتثال التابعة للفيفا بمهمة التحقيق وتقديم المشورة للمجلس لاحقا، بشأن مشاركة فرق كرة قدم إسرائيلية، يُزعم أنها مقرها في الأراضي الفلسطينية في المسابقات الإسرائيلية".
الملف الروسي
بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/ فبراير 2022، في تصعيد كبير للحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في عام 2014، وبعد ذلك بأربعة أيام فقط، بدأت عقوبات "الفيفا" والاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" ضد
روسيا.
وتضمنت العقوبات استبعاد "الفيفا" لروسيا من كأس العالم، مع إعلان إيقاف كل المنتخبات الروسية الوطنية وأنديتها "حتى إشعار آخر"، وذلك في بيان مشترك مع "الويفا".
وبناء على هذا القرار، لم يتمكن منتخب روسيا من خوض الملحق المؤهل إلى مونديال قطر 2022 ضد بولندا، كما لم يتمكن منتخب السيدات أيضا من المشاركة في كأس أوروبا الذي أقيم في إنجلترا في تموز/ يوليو من العام نفسه.
إلى جانب ذلك، تم إقصاء نادي سبارتاك موسكو، الممثل الوحيد لروسيا في المسابقات الأوروبية، وتحديدا من الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ".
وتضمن البيان المشترك أن "كرة القدم هنا متضامنة ومساندة كليا لجميع الأشخاص المصابين في أوكرانيا. يأمل الرئيسان (للفيفا وللويفا) في أن يتحسن الوضع في أوكرانيا بطريقة جدية وسريعة، من أجل أن تكون كرة القدم مجددا عامل وحدة وسلام بين الشعوب".
وفي ذات اليوم، أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية في بيان، أنه "من أجل حماية نزاهة المسابقات الرياضية العالمية، ومن أجل سلامة جميع المشاركين، توصي اللجنة الأولمبية الدولية الاتحادات الرياضية الدولية ومنظمي الأحداث الرياضية، بعدم دعوة أو السماح بمشاركة الرياضيين والمسؤولين الروس والبيلاروس في المسابقات الدولية".
وبخصوص وسام الاستحقاق الأولمبي الممنوح لبوتين، قالت اللجنة الأولمبية الدولية في بيان؛ "إن المجلس التنفيذي للجنة الأولمبية الدولية، بناء على الظروف الاستثنائية للوضع، وبالنظر إلى الانتهاك الخطير للغاية للهدنة الأولمبية والانتهاكات الأخرى للميثاق الأولمبي من قبل الحكومة الروسية في الماضي، اتخذ قرارا بسحب وسام الاستحقاق الأولمبي من جميع الأشخاص، الذين يشغلون حاليا وظيفة مهمة في حكومة الاتحاد الروسي".
ونتيجة هذه القرارات المستمرة حتى الآن، ومنعت روسيا من المشاركة في مختلف البطولات، وأبرزها بطولة أمم أوروبا التي أقيمت في ألمانيا 2024، أصبحت البلاد في عزلة كروية ورياضية تامة.
وجاءت كل هذه العقوبات لتُضاف إلى التدابير الحالية المفروضة على روسيا منذ عام 2014، بعد ضم شبه جزيرة القرم، وعدم تنفيذ اتفاقيات مينسك.
الاتحاد الإسرائيلي
منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة ضد قطاع غزة لنحو سنة كاملة، وخلفت أكثر من 137 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، أجل "الفيفا" التصويت على قرار حظر الاتحاد الإسرائيلي من المشاركة في كرة القدم الدولية ثلاث مرات.
وتقدم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بطلب لاستبعاد "إسرائيل" في أيار/ مايو الماضي بسبب الحرب في غزة، بينما أمر الفيفا بتقييم قانوني للموقف، ووعد بالنظر في الأمر في اجتماع غير عادي لمجلسه في تموز/ يوليو الماضي.
وفي تموز/ يوليو الماضي، أرجأ "الفيفا" النظر في الطلب الفلسطيني إلى ما بعد دورة ألعاب باريس الصيفية، قائلا؛ إن الطرفين طلبا مزيدا من الوقت لتقديم دفوعهما.
وفي نهاية آب/ أغسطس الماضي، أعلن "الفيفا" أنه سينظر في مقترحات الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ضد الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وفق ما ذكرت صحيفة ديكيان هيرالد.
والخميس، قال "الفيفا"؛ إنه سيطلب من لجنة الانضباط التابعة له، النظر في دعوى للاتحاد الفلسطيني للعبة، بشأن ممارسات الاحتلال التمييزية تجاه اللاعبين الفلسطينيين التي على صلة بالعدوان على غزة.
ومع بداية تقديم الطلب الفلسطيني، الذي دعمه رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، الشيخ سلمان آل خليفة، رفض رئيس الاتحاد الدولي جياني إنفانتينو، تعليق عضوية الاحتلال، ولم يتجاوب بتنظيم تصويت على هذا التعليق، خلال مؤتمر "الفيفا" الذي عقد في بانكوك بالتايلاند خلال أيار/ مايو 2024.
وقال إنفانتينو حينها: "نظرا للوضع المستعجل، سيعقد اجتماع استثنائي لمجلس فيفا قبل 20 تموز/ يوليو (بعد شهرين) لمراجعة نتائج التقييم واتخاذ القرارات المناسبة"، ومن ثم جرى التأجيل لأكثر من مرة حتى الوقت الحالي دون البت في القضية، رغم أن القرار اتخذ عندما تعلق الأمر بأوكرانيا خلال أربعة أيام فقط.
ودعمت "الفيفا" واتحاداتها مظاهر التضامن العالمي مع أوكرانيا في ملاعب كرة القدم، التي شهدت رفع الأعلام الأوكرانية، ونشر مناشدات وقف الحرب على الشاشات ودخول اللاعبين للملاعب بالعلم الأوكراني، وإهداء الأهداف واحتفالات الفوز لـ "أوكرانيا".
وجاء ذلك مع التضييق على التضامن مع القضية الفلسطينية، أو رفع أعلام أو عبارات تضامنية، باعتبار أنها سياسية وخارج نطاق الرياضة.
وخالف إنفانتينو ذريعة: "خلط السياسة بكرة القدم" حينما بادر لترويج التطبيع العربي مع "إسرائيل"، ودعوته لتنظيم نسخة مشتركة من كأس العالم بين الإمارات و"إسرائيل".
"غض الطرف"
خلال العدوان الثلاثي عام 1956 قامت فرنسا وبريطانيا و"إسرائيل" بغزو مصر، ومحاولة احتلال قناة السويس، وخلال هذا العدوان، ارتكب جيش الاحتلال مجازر دامية في رفح وخان يونس جنوب قطاع غزة أوقعت مئات الشهداء، ولم تقم "الفيفا" بطرد فرنسا وبريطانيا من كأس العالم 1958، الذي أحرزت فيه فرنسا المركز الثالث.
وفي ذات العام، خلال حرب فيتنام والغزو الأمريكي، واستخدام مختلف أنواع الأسلحة المحرمة دوليا حتى مطلع السبعينيات، ولم يتخذ بحق الولايات المتحدة أي عقوبة طوال هذه السنوات.
وفي 1967، قامت "إسرائيل" باحتلال قطاع غزة وصحراء سيناء والضفة الغربية وهضبة الجولان، في عدوان استهداف 3 دول عربية، ولم تقم الفيفا أو الهيئات الرياضية في حينه باتخاذ أي عقوبات.
وفي عام 1982 تزامنا مع انطلاق بطولة كأس العالم 1982 التي استضافتها إسبانيا، شنت "إسرائيل" غزوا شاملا على لبنان، دمرت البنية التحتية، وارتكبت مجازر بشعة أبرزها "صبرا وشاتيلا"، واحتلال العاصمة بيروت، وأيضا لم تتخذ الاتحادات الرياضية أي إجراء أيضا بحقها.
وتكرر ذات الأمر عام 2001، عندما قادت الولايات المتحدة غزو أفغانستان والعراق، وأسقطت أنظمتها الحاكمة، وارتكبت مجازر واسعة بحق مواطنيها لمدة سنوات، دون أن تعاقبها "الفيفا" وتمنعها من المشاركة في البطولات الدولية رفقة حلفائها.
وفي لبنان مرة أخرى عام 2006 شنت "إسرائيل" عدوانًا على لبنان، وتوغلت قواتها داخل الأراضي اللبنانية في تموز/ يوليو، بعد يومين على انتهاء بطولة كأس العالم، حيث ارتكبت "إسرائيل" طوال 33 يوما مجازر واسعة بحق اللبنانيين.
ولم يتم اتخاذ أي إجراء ضد "إسرائيل" أو الدول التي تمدها بالسلاح، بعد تصاعد العدوان على قطاع غزة في أعوام 2008 و2012 و2014 و2021، ما أدى إلى استشهاد أكثر من أربعة آلاف فلسطيني وتدمير واسع للبنية التحتية، ومن بينها أكثر من 35 برجا سكنيا.
وتسببت الحرب الإسرائيلية المستمرة حاليا باستشهاد 41,788 فلسطينيا و96,794 جريحا حتى الآن.
جرائم ضد الرياضة
حسب رئيسة الفريق القانوني للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم كاتارينا بييتلوفيتش، فإما أن يختار "الفيفا" اتباع نظامه الأساسي والتزاماته المتعلقة بسياسة حقوق الإنسان، أو التضحية بأحكامه وأهدافه القانونية لمواصلة حماية "إسرائيل".
وفي تقرير قدمته منظمة فير سكوير الحقوقية إلى "الفيفا"، قالت المنظمة الحقوقية؛ إن لديها أسبابا متعددة لتعليق أو طرد الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، مسلطةً الضوء على أمور من بينها إقامة المباريات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتمييز العنصري الخطير والمنهجي، والتدخل السياسي، وقتل إسرائيل للاعبين الفلسطينيين، والتدمير الممنهج لمنشآت الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، ومعظم تلك الأحداث تسبق هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأكد الموقع، أن الحقيقة هي أن الفيفا ينتهك قوانينه الخاصة. فالمادة 4.1 من النظام الأساسي للاتحاد الدولي لكرة القدم، تنص على أن التمييز من أي نوع ضد أي بلد أو شخص أو مجموعة من الأشخاص، محظور تماما، ويعاقب عليه بالإيقاف أو الطرد.
ووفقا للمادتين 72.1 و2 من النظام الأساسي، لا يجوز للاعبين والفرق المنتسبة إلى الاتحادات الأعضاء أو الأعضاء المؤقتين في الاتحادات القارية، خوض مباريات أو إجراء اتصالات رياضية مع لاعبين أو فرق غير منتسبة إلى الاتحادات الأعضاء أو الأعضاء المؤقتين في الاتحادات القارية، دون موافقة الاتحاد الدولي لكرة القدم.
ولا يجوز للاتحادات الأعضاء والأندية التابعة لها اللعب على أراضي اتحاد عضو آخر دون موافقة الأخير.
ودمرت "إسرائيل البنية التحتية الرياضية في قطاع غزة، وقتلت أكثر من 300 رياضي، ناهيك عن تدمير التراث الثقافي للقطاع بأكمله، وتوقفت مسابقات الدوري واضطر المنتخب لخوض مبارياته في تصفيات كأس العالم خارج أراضيه.