"من هُنا ومن قطاع
غزة، ننشر لكم آخر التطورات في البلاد.." و"الوضع آيس كوفي عالآخر"، هي جُمل لازمت عبد الرحمن بطاح، المعروف بلقب "أقوى صحفي في العالم"، وهو يروي المأساة اليومية التي يُكابدها الأهالي في
قطاع غزة المحاصر؛ جرّاء استمرار الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه عليهم، إذ لم يرحم لا بشرا ولا حجرا.
من غزة حصد الملايين
عبود كما يناديه أصحابه، ذو 17 عاما، نقل صورة غزة بكامل أوجاعها وثقل معاناتها إلى العلن، عبر إمكانيات بسيطة، وعلى مدار عام كامل؛ كان يتنقّل بين ركام المنازل التي سوّاها الاحتلال بالأرض، وفوق أسطح الصّامد منها، ويرسل رسائل استغاثة مع ابتسامة صمود.
مقاطع الفيديو، الذي استمّر "عبود" في نشرها، حصدت ملايين الإعجابات والتعاليق، من حسابات عبر مختلف أنحاء العالم، فبات الشاب الغزّي واحدا من أبرز المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، مع صغر سنّه.
على الرغم من العدوان المتواصل على كامل قطاع غزة المكلوم، ورغم ارتفاع أعداد الشهداء والجرحى والمفقودين، وصعوبة الأوضاع التي تتفاقم يوما بعد يوم، ظلّ "عبود" صامدا في وجه الوجع، مقاوما على أرضه، ومصرّا على بثّ الحقيقة بابتسامة ساخرة، وهو ما ميّز مقاطعه، وجعله يدخل قلوب متابعيه دون استئذان.
روى الشاب الغزّي، حكايات أهل غزّة بتفاصيلها كافة، فكان يمزج في كلماته بين الأمل والألم؛ ولم يستثن الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، حيث قال في أحد المقاطع، التي حظيت بتفاعل متسارع: "أبو عبيدة البارحة بيقلّك إنو الأسرى في غزة بياكلوا زي ما إحنا بناكل، يا زلمة يحقّ له، 200 أسير إيش بدنا نلحّق عليهم؛ 200 أسير نلحّق عليهم شاورما وبرغر، إحنا ما نوكلش هاي الأكلات".
وأضاف: "أقوى صحفي في العالم" كما يحب وصف نفسه: "ندّيهم منيو نقلهم اختاروا شو بدكم، زعتر مافيش زيت دقة، فول، جبنة، لبنة، هاي الأكلات، والوضع آيس كوفي؛ وهاي طيارة بدها تضرب، ونقول حسبي الله ونعم الوكيل في الاحتلال، نزّل نزّل".
اعتقله الاحتلال..
صباح اليوم الجمعة، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، "عبود"، رفقة عدد من الإعلاميين الآخرين، ممّن كانوا بمحيط مستشفى كمال عدوان، الموجود في بيت لاهيا، شمالي غزة.
رصدت "عربي21" الاستفسارات المتسارعة بخصوص مصير "أقوى صحفي في العالم"، قبل أن يعود بعد ساعات ليطمئن متابعين عنه.
وقال "عبود" عبر مقطع فيديو، نشره على حسابه، بعد الإفراج عنه: "شكرا لكل حد سأل علي الحمد لله أنا بخير؛ اللي صار إنو كنا موجودين في مستشفى كمال عدوان، لقيناهم حاصرونا بشكل كامل، ودّونا تقريبا عند السيّاج الفاصل، وكبّلونا.".
وأضاف: "فيه أحد الجنود عرفني، فصار يشتم فيا وفي أهلي ويضربني.. الحمد لله ربّنا نجّاني.. إحنا بخير ورح نظل نفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة، ومستمرّين".