مع مرور كل أربع سنوات واقتراب الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر "الثلاثاء الكبير" يتجدد الحديث حول مدى تعقيد وعدم وضوح نظام الانتخابات الرئاسية الأمريكية وحساب الأصوات ومن فاز بها ومن نجح في
المجمع الانتخابي، مع ذكر العديد من المصطلحات الأخرى المتعلقة بسير العملية وتشكيل الكونغرس الجديد.
وتتنافس نائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس، ضد الرئيس السابق دونالد ترامب على منصب الرئاسة لعام 2024، وهي الانتخابات الستون التي تجرى كل أربع سنوات، المقرر إجراؤها يوم الثلاثاء 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، وفيها يتم انتخاب الرئيس ونائب الرئيس لمدة أربع سنوات.
المجمع الانتخابي
تعد الطريقة التي يختار بها الأمريكيون رئيسهم "غير مستقرة" في أفضل الأحوال، و"معادية للديمقراطية" في أسوأ الأحوال، وفي حين أن الهيئة الانتخابية لديها مدافعون عنها، فهناك مجموعة أعمق بكثير من الناس الذين لا يفهمون بالضبط لماذا يختار 538 ناخبا، وليس أكثر من 330 مليون ناخب أمريكي، الرئيس بالفعل.
وعندما يذهب الأمريكيون إلى صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات فهم لا يختارون الرئيس بشكل مباشر، إنما يصوتون من الناحية الفنية على 538 ناخبا، والذين وفقًا للنظام الذي وضعه الدستور، يجتمعون في ولاياتهم ويصوتون للرئيس ونائب الرئيس.
ويشكل هؤلاء الناخبون الهيئة الانتخابية، ومن ثم يقوم رئيس مجلس الشيوخ بفرز أصواتهم في جلسة مشتركة للكونغرس.
ويوجد ناخب لكل عضو في مجلس النواب (435) ومجلس الشيوخ (100)، بالإضافة إلى ثلاثة ناخبين إضافيين للأشخاص الذين يعيشون في مقاطعة كولومبيا، وتحصل كل ولاية على ثلاثة ناخبين على الأقل.
وولاية كاليفورنيا، الولاية الأكثر اكتظاظا بالسكان، لديها 53 عضوا في الكونغرس، وعضوان في مجلس الشيوخ، لذا فهم يحصلون على 55 صوتا انتخابيا في هذا المجمع.
وتكساس، أكبر ولاية ذات ميول جمهورية موثوقة، لديها 36 عضوا في الكونغرس وعضوان في مجلس الشيوخ، لذا فهي تحصل على 38 صوتا انتخابيا.
وست ولايات وهي: ألاسكا وديلاوير ومونتانا وداكوتا الشمالية وفيرمونت ووايومنغ صغيرة جدا من حيث عدد السكان، بحيث لا يوجد بها سوى عضو واحد في الكونغرس لكل منها، وأقل عدد ممكن من الأصوات الانتخابية هو ثلاثة.
وتحصل مقاطعة كولومبيا أيضا على ثلاثة أصوات انتخابية، بينما لا يحصل الناخبون في بورتوريكو وغيرها من الأقاليم غير التابعة للدولة على أي أصوات انتخابية، على الرغم من أنهم يستطيعون المشاركة في الانتخابات التمهيدية الرئاسية.
الناخب الخائن
تعد هذه الولايات مسؤولة عن اختيار ناخبيها، ولا تُلزم عدد من الولايات ناخبيها باحترام نتائج الانتخابات، الأمر الذي أدى في بعض الأحيان إلى الظاهرة المعروفة باسم "الناخب الخائن".
وعلى ذلك أمثلة بارزة كان آخرها فوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بأصوات الشعب، وخسارتها أمام دونالد ترامب الذي فاز بالمنصب لعام 2016 بأصوات المجمع الانتخابي.
وفي عام 2000 فاز مرشح الرئاسة جورج دبليو بوش لأنه فاز بأصوات المجمع الانتخابي، رغم أنه خسر التصويت الشعبي لصالح آل غور.
وفي عام 1888 صُوت لغروفر كليفلاند، وجاء بنجامين هاريسون ثانيا، ففاز كليفلاند بالتصويت الشعبي، إلا أنه حصل على 168 من أصوات ممثلي الولايات في "المجمع الانتخابي"، مقابل 233 حصل عليها هاريسون، فأصبح الأخير رئيسا.
وكانت سنة 1876 من الأكثر منافسة، حيث حصّل صامويل تيلدن من أصوات الأمريكيين أكثر مما حصل عليه منافسه رذرفورد هايز، وأيضاً فاز تيلدن في المجمع الانتخابي بأصوات 184 من أعضائه، مقابل 165 حصل عليها راذرفورد هايز.
ويتطلب الأمر 270 صوتا انتخابيا للحصول على أغلبية الهيئة الانتخابية، ولا يمكن تغيير العدد الإجمالي للناخبين وهو 538، إلا إذا تمت إضافة المزيد من المشرعين إلى الكابيتول (كناية عن الكونغرس وهو أكبر حي سكني تاريخي في واشنطن العاصمة) أو من خلال تعديل دستوري، إلا أن عدد الناخبين المخصصين لكل ولاية يمكن أن يتغير كل 10 سنوات، بعد التعداد السكاني الذي يفرضه الدستور.
يتم إعادة توزيع عدد أعضاء الكونغرس وفقًا للتغيرات في عدد السكان، تكتسب بعض الولايات مقعدًا أو مقعدين في مجلس النواب وتخسر أخرى بعض المقاعد، لا يمكن لأي ولاية، مهما كانت صغيرة، أن يكون لديها صفر من أعضاء الكونغرس.
وحال كان هناك تعادل بين الناخبين أو إذا لم يحصل أحد على الأغلبية، فإن الانتخابات تنتقل إلى مجلس النواب، ويحصل وفد المشرعين في كل ولاية على صوت واحد ويختارون بين أعلى ثلاثة حاصلين على أصوات انتخابية.
وفقًا للتعديل الثاني عشر، إذا لم يحصل أحد على الأغلبية بحلول موعد نهائي معين، يصبح نائب الرئيس رئيسا، إذا لم تكن هناك أغلبية لنائب الرئيس، يتم إعفاء وفود مجلس النواب ويختار أعضاء مجلس الشيوخ فقط نائب الرئيس، بينما غير التعديل العشرون الموعد النهائي من 4 آذار/ مارس إلى 20 كانون الثاني/ يناير.
وتمنح معظم الولايات (باستثناء مين ونبراسكا، اللتين تقسمان بعض أصواتهما الانتخابية) جميع أصواتها الانتخابية للشخص الذي يفوز بالتصويت الشعبي في تلك الولاية، هناك أجزاء ديمقراطية للغاية في تكساس وأجزاء جمهورية للغاية في كاليفورنيا، على سبيل المثال، ولكن ما لم تتحرك هذه الولايات لتوزيع أصواتها الانتخابية بشكل مختلف، فإن التصويت الشعبي للولاية فقط هو الذي يهم حقا.
ولايات متأرجحة
تشكل "الولايات المتأرجحة" أو "الأرجوانية" (خليط اللون الأزرق والأحمر) أهمية كبرى في أي تغطية للانتخابات الرئاسية الأمريكية: فهي الولايات التي يطمح إليها الجميع، وكما يوحي اسمها، فإن لديها القدرة على التأثير على نتيجة الانتخابات الوطنية.
ويشير المصطلح إلى مجموعة صغيرة من الولايات التي يتنافس عليها بشكل ضيق في السباقات الرئاسية، ونظرا لأن معظم الولايات تصوت بشكل متسق مع حزب أو آخر، فإن عددا صغيرا من الولايات المتأرجحة يمكن أن يحدد النصر أو الهزيمة.
لذلك يميل المرشحون إلى استثمار قدر كبير من الموارد في جذب الناخبين في تلك الولايات، على عكس معاقل الحزب.
وإحدى السمات المميزة لولاية متأرجحة هي توجهاتها السياسية الغامضة، ولكن الولايات التي كانت محل نزاع في السابق قد تبدأ في الميل نحو حزب أو آخر، لذلك فإن "الولايات المتأرجحة" ليست ثابتة إنما من الممكن أن تتغير عبر الزمان وعبر المستجدات والمواقف السياسية.
ويظهر ذلك بعدما كانت فلوريدا تعتبر ولاية متأرجحة منذ تسعينيات القرن العشرين وحتى عام 2020، لكنها الآن تعتبر ولاية حمراء بشكل موثوق، مع نمو تسجيل الناخبين الجمهوريين.
وهذا العام، الولايات التي تخضع للمراقبة عن كثب هي أريزونا وجورجيا وميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن ونيفادا ومينيسوتا، وولاية كارولينا الشمالية هي الولاية الجديدة في هذه المجموعة من الولايات المتأرجحة.
وتظهر الولايات المتأرجحة في دورة الانتخابات الحالية أن ترامب وهاريس في سباق ضيق ومتقارب، وفي أريزونا على سبيل المثال وجدت متوسطات استطلاعات الرأي أن المرشحين متعادلان تقريبا، أو أن ترامب يتفوق بفارق ضئيل يبلغ نقطة واحدة أو أقل.
وفي الوقت نفسه في بنسلفانيا، فإن السباق متقارب أيضًا، حيث تظهر متوسطات استطلاعات الرأي التعادل أو تقدم هاريس بأقل من 1 في المائة.
وتعد مينيسوتا الولاية الوحيدة من بين الولايات المتأرجحة المحتمل أن تحافظ عليها هاريس، متقدمة على ترامب بمتوسط يتراوح بين خمس وثماني نقاط.
الجـدار الأزرق
مصطلح يستخدم للإشارة إلى الولايات الثماني عشرة الأمريكية ومنطقة كولومبيا التي فاز بها الحزب الديمقراطي في كل انتخابات رئاسية من عام 1992 إلى عام 2012، ولم يتمكن جورج دبليو بوش، الرئيس الجمهوري الوحيد المنتخب خلال هذه الفترة، من الفوز بأغلبية أصوات المجمع الانتخابي في عام 2000 بواقع 271 صوتا، وعام 2004 بواقع 286 صوتا، إلا من خلال الفوز بعدد كافٍ من الولايات خارج
الجدار الأزرق لهزيمة منافسيه الديمقراطيين، آل غور وجون كيري، على التوالي.
وخلال الانتخابات الرئاسية لعام 2016، تكهن العديد من الخبراء السياسيين بأن "الجدار الأزرق" جعل هيلاري كلينتون المرشحة الأوفر حظًا للفوز بالهيئة الانتخابية، ومع ذلك، تمكن ترامب من تحقيق انتصارات ضيقة في ولايات الجدار الأزرق الثلاث ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، والتي كانت تعتبر حتى وقت قريب استحقاقا للحزب الديمقراطي، بالإضافة إلى تصويت انتخابي من ولاية مين، وهي ولاية الجدار الأزرق الرابعة.
وبالتالي انتُخب رئيسًا بأغلبية 306 أصوات في الهيئة الانتخابية باستثناء اثنين من "الناخبين الخائنين".
في الأسابيع الأخيرة، قضت كامالا هاريس معظم أيامها في محاولة لتعزيز الدعم في ولايات "الجدار الأزرق" مثل بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، في سعيها لتجنب تكرار خسارة هيلاري كلينتون هناك قبل ثماني سنوات.
وتعتبر ولايات "الجدار الأزرق" محورية في السباق المحموم نحو البيت الأبيض، فهي معاقل تاريخية للحزب الديمقراطي، ويبقى الحفاظ على موقع قدم في هذه الولايات هدفا رئيسيا لأي مرشح.
الجدار الأحمر
تتميز بالشعبية السائدة والنجاح للحزب الجمهوري في الانتخابات، تقع هذه الولايات في الغالب في مناطق الجنوب والغرب الأوسط والسهول الكبرى في البلاد، وتتميز بتوجه سياسي محافظ، وتتجه إلى مبادئ مثل الحكومة الأصغر والحرية الفردية والضرائب المنخفضة في سياساتها.
وغالبا ما يتشكل المشهد السياسي في هذه الولايات من قبل عدد كبير من سكان الريف، وهو ما يؤثر على مواقفهم وأولوياتهم.
علاوة على ذلك، غالبا ما تتباهى الولايات الحمراء بنسبة أعلى من المسيحيين الإنجيليين وغيرهم من المحافظين الدينيين، وتميل هذه الديمغرافية إلى تقديم الدعم للسياسات المحافظة اجتماعيا، بما في ذلك معارضة الإجهاض و"زواج المثليين".
ومن أبرز الولايات الراسخة بقوة في المعسكر الجمهوري ألاباما وألاسكا وفلوريدا وأوهايو.