ما زالت أجواء التشاؤم تطغى على التقييمات
الإسرائيلية لمرور ثلاثين عاماً بالضبط على توقيع اتفاقية السلام مع الأردن، بعد
أن تحولت مشاعر الغبطة والفرح حينها إلى قلق بالغ اليوم، فالسلام غير مستقر بشكل متزايد.
يوسي أحيمائير الدبلوماسي الإسرائيلي الذي
شارك في مراسم توقيع اتفاق السلام في وداي عربة في 1994، أكد أن "مرور ثلاثين
عاما على توقيع تلك المعاهدة التاريخية، يؤكد للجميع أنه ليس هذا هو السلام الذي أردناه،
هذه حالة يمكن تسميتها عدم القتال، رغم أنها تحوز على كثير من الجوانب المهمة، لعل
أخطرها أن لدى إسرائيل أطول حدود مع الأردن، والأردن ذاته يعتبر حاجزا بيننا وبين الدول
المعادية، العراق وإيران، كما أن وصول السائح الإسرائيلي إلى الأردن أسهل من وصوله
إلى مصر، إذا لم نأخذ في الاعتبار شواطئ سيناء".
وزعم في مقال نشرته صحيفة "
معاريف"،
وترجمته "عربي21" أنه "بعد مرور هذه العقود الثلاثة من ذلك التوقيع
المثير على الاتفاقية، لكن الحقيقة الماثلة اليوم أن هذا السلام يتعثر، فالمملكة تشهد
مزيدا من تواجد الفلسطينيين، الذين يشكلون بالفعل 70-80٪ من سكانها، والتصريحات في
البرلمان الأردني ووسائل الإعلام الأردنية تقترب من معاداة السامية، وقبل كل شيء، فإن
السياج الحدودي البائس بين الجانبين يشجع المقاومين للعبور بسهولة إلى الأراضي الفلسطينية
المحتلة، والقيام بأعمال معادية".
وأشار إلى أنه "من أجل هذه العوامل
الأمنية، فإن قوات
الاحتلال في هذه المنطقة الحدودية الخطرة، يتم تعزيزها بأقصى درجات
اليقظة بغرض إحباط العديد من هذه المحاولات المسلحة، كما تم تعزيزها لمنع وقوع نموذج
أردني من هجوم السابع من أكتوبر على الحدود الشرقية أيضاً، خاصة وأن الضفة الغربية
الملاصقة للحدود الأردنية تشهد مقاومة متزايدة في جميع أنحائها، وكل ذلك فيما يبدو
الملك عبد الله الثاني، حتى لو أراد خلاف ذلك، مقيّد اليدين أمام دعاة الحرب في بلاده،
خاصة أمام الجهود الإيرانية المتزايدة فيها".
وأوضح أنه "في هذا الوضع الساخن، يعرف
ملك الأردن مدى اعتماده على دولة الاحتلال، سواء في إمدادات المياه أو في التعاون الأمني،
إذا كان يريد الاستمرار في حكم بلاده، مع العلم أنه قبل ثلاثين عاما، شهدنا أياما من
الفرح الحقيقي، حين بدأ السياح الإسرائيليون يتدفقون على البتراء في عمان، وملأوا فنادق
العقبة، ومع ذلك، فقد ينهار اتفاق السلام في نهاية المطاف، إذا لم تتم عمليات الصيانة
من الجانبين، وكلما أسرعا في ذلك كان أفضل، وهذا لمصلحة البيت الملكي الهاشمي ومصلحة
إسرائيل ذاتها، وإلا فإن أوضاعا صعبة ستكون بانتظارهما"، على حد زعمه.