سلط موقع "
المركز
الروسي الاستراتيجي للثقافات" الضوء على مستقبل عضوية
الاحتلال الإسرائيلي في
الأمم المتحدة في ظل تجاهله أحكام القانون الدولي وعدم قدرة المنظمة على كبح جماحه
بسبب الدعم اللامشروط من حلفائه.
وقال الموقع في تقريره
الذي ترجمته "عربي21"، إن إسرائيل أصبحت تزدري القرارات والهيئات
الأممية بشكل واضح منذ بدء حربها على
غزة، وهو ما يثير جدلا حول إمكانية طردها من
المنظمة.
موقف تركي صارم
واعتبر الموقع أن الرئيس
التركي رجب طيب أردوغان من أبرز المنتقدين لسياسات إسرائيل، حيث يطلق عليها ألقابا
مثل الدولة الإرهابية والفاشية والعنصرية والصهيونية، ويقارنها بألمانيا النازية.
وبعد هجوم السابع من
تشرين الأول/ أكتوبر من السنة الماضية، اتهم أردوغان إسرائيل بارتكاب جرائم حرب
داعيا إلى تشكيل محكمة دولية لمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي
نتنياهو وإدارته.
وفي نهاية شهر تموز/
يوليو الماضي، قالت وزارة الخارجية التركية إن "نهاية نتنياهو مرتكب الإبادة
الجماعية ستكون مشابهة لنهاية هتلر. من يقتل الفلسطينيين سيُحاسب على أفعاله مثلما
عُوقب النازيون عندما ارتكبوا الإبادة الجماعية".
وأضاف الموقع أن عدة
دول أخرى تتبنى الموقف ذاته، وخاصة الدول العربية والإسلامية. وفي تشرين الأول/
أكتوبر من السنة الماضية، قال الرئيس الشيشاني رمضان قديروف إن الفاشية
الإسرائيلية ليست أقل وحشية من فاشية هتلر، إن لم تكن قد تفوقت عليها.
وقد لفت الرئيس
أردوغان الأنظار إلى أن إسرائيل قد تستهدف تركيا أيضا مذكرا بأن عقيدة زعماء
الحركة الصهيونية تقوم على فكرة "إسرائيل الكبرى" من النيل إلى الفرات،
لكن من المستبعد -وفقا للموقع- أن يتحول الصراع في الشرق الأوسط إلى حرب عالمية
ثالثة.
دولة متمردة منذ
إنشائها
وقد تنبأ بعض الخبراء
بانطلاق الحرب العالمية الثالثة من الشرق الأوسط منذ ظهور إسرائيل سنة 1948، بما
في ذلك الصحفي الإنجليزي الشهير دوغلاس ريد مؤلف كتاب "الجدل حول
صهيون". وقد اعتبر ريد أن إنشاء إسرائيل لغم يهدد الإنسانية وسوف ينفجر
ويتسبب في اندلاع الحرب العالمية الثالثة، وقد يدمر البشرية بأكملها أو جزءا كبيرا منها.
ويقول ريد في كتابه:
"إذا اندلعت حرب عالمية ثالثة اليوم، فلن تكون مجرد حادث عابر، حيث يشير مسار
الأحداث برمته إلى سلسلة من الأسباب والنتائج. إن الصهاينة هي القوة التي تقف وراء
ذلك".
وقد صادقت الجمعية
العامة لمنظمة الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 1947 على قرار تقسيم
فلسطين الذي نشأت بموجبه دولة إسرائيل، وقد وعدت حينها باحترام جيرانها
الفلسطينيين وغيرهم من العرب والالتزام بجميع قرارات الأمم المتحدة والقانون
الدولي.
لكن سرعان ما أخلت
بوعودها وأظهرت مدى عدوانيتها ووحشيتها ونزعتها الاستيطانية بتنفيذ مذبحة في قرية
دير ياسين الفلسطينية سنة 1948، استشهد خلالها حوالي 200 فلسطيني.
ومنذ ذلك الحين - يضيف
الموقع-، استمرت إسرائيل بشن الحروب والاعتداء على الفلسطينيين والدول العربية
المجاورة. ويُقدر عدد الحروب والنزاعات التي تورطت فيها إسرائيل على مدار 76 عامًا
من وجودها بالمئات.
وذكر الموقع أنه بعد
انتهاء كل حرب واعتداء إسرائيلي، تُطرح في الأمم المتحدة بمبادرة من دول مختلفة في
مقدمتها الدول العربية والإسلامية، مشاريع قرارات تدين إسرائيل وتدعوها إلى اتخاذ
التدابير اللازمة لإنهاء الحروب والصراعات وإعادة الأراضي المحتلة والتعويض عن
الأضرار الناجمة، وتهدد بمحاسبتها وحتى بطردها من الأمم المتحدة.
وعلى مدى 76 سنة، ناهز
عدد مشاريع القرارات الأممية المئات، ولكن بسبب تصويت الولايات المتحدة وحلفائها
ضدها، بقيت مجرد مشاريع واقتصر التصويت على القرارات "العقيمة" التي
تدعو جميع الأطراف إلى إنهاء الصراعات والجلوس على طاولة المفاوضات، ولم تسلط
الأمم المتحدة أي عقوبة على الدولة المعتدية.
ومن المثير للدهشة
-وفقا للموقع- أن دوغلاس ريد لفت النظر في كتابه الصادر منتصف الخمسينيات من القرن
الماضي، إلى غياب أي رد فعل ملموس من الأمم المتحدة على الفظائع التي ترتكبها
إسرائيل في الشرق الأوسط.
وأشار ريد أيضا في
كتابه إلى تقاعس الأمم المتحدة في ردع إسرائيل بعد الهجوم الذي نفذته على قناة
السويس في خريف سنة 1956 قائلا: "إذا كانت مجموعة القرارات التي تراكمت إلى
الآن في الأمم المتحدة والتي أدانت إسرائيل بسبب العدوان غير المبرر والانتهاكات
الصارخة وما إلى ذلك، ذات أهمية، فإن هذا الهجوم الأخير وما تلاه من إدانة، كان
ينبغي أن يدفع الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراء ما ضد إسرائيل، أو الاعتراف العلني
بأن إسرائيل هي التي تحكم الأمم المتحدة".
الموقف السوفييتي
وتابع الموقع أنه من
فترة إلى أخرى تظهر دعوات في الأمم المتحدة تطالب بفرض عقوبات على إسرائيل، وقد
اقترحت تركيا السنة الماضية فرض عقوبات على الأطراف التي تزود إسرائيل بالأسلحة.
ومن جانبه، أصدر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بيانا طالب فيه بفرض أشد
العقوبات ضد إسرائيل من أجل وقف إراقة الدماء في قطاع غزة ولبنان، لكن في الواقع
لا يمكن فرض مثل هذه العقوبات إلا بقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
واعتبر الموقع أن
الاتحاد السوفييتي لعب في السابق دوراً مهما في ردع إسرائيل من خلال تقديم
المساعدات الاقتصادية والعسكرية والسياسية لدول الشرق الأوسط، لكن قدرته على دعم
فلسطين ودول الشرق الأوسط من خلال الأمم المتحدة كانت محدودة للغاية بسبب عرقلة
الولايات المتحدة للقرارات المناهضة لإسرائيل.
وأضاف أن الاتحاد
السوفييتي لعب دورا رئيسيا في صدور القرار عدد 3379 الصادر عن الجمعية العامة
للأمم المتحدة في العاشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 1975 بشأن "القضاء على جميع
أشكال التمييز العنصري"، والذي أُدرجت إسرائيل بمقتضاه ضمن دول الفصل العنصري
مثل جنوب أفريقيا وروديسيا، وٱعتُبرت الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية والتمييز
العرقي.
وأكد الموقع أن ذلك
القرار ساعد العديد من الدول على صد أنواع مختلفة من الاعتداءات الإسرائيلية
والصهيونية، لكن مع انهيار الاتحاد السوفييتي، تمكنت الولايات المتحدة وحلفاء
إسرائيل الآخرون من إلغائه. ومنذ ذلك الوقت، فقدت الأمم المتحدة قدرتها على
التأثير على الوضع في الشرق الأوسط، وبعد أن كانت إسرائيل إلى حدود أوائل
التسعينيات تتجاهل قرارات الأمم المتحدة، فإنها الآن تبدي عدم احترامها للمنظمة.
ازدراء الأمم المتحدة
في أوائل تشرين
الثاني/ نوفمبر من السنة الماضية، منعت السلطات الإسرائيلية مفوض الأمم المتحدة
السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك من زيارة البلاد والأراضي الفلسطينية المحتلة
خلال زيارته للشرق الأوسط.
وفي بداية تشرين
الأول/ أكتوبر الماضي، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلية السابق يسرائيل كاتس أن
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش شخص غير مرحب به في إسرائيل، مصدرا
قرارا يمنعه من دخول البلاد.
وقال الموقع إن
المستجدات الأخيرة، ومنها اعتماد الكنيست الإسرائيلي قانونًا يحظر أنشطة وكالة
الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين يظهر مدى "تمرد" إسرائيل
على الأمم المتحدة.
ويرجح خبراء في
القانون الدولي أن هذه الخطوة قد تثير مسألة سحب عضوية إسرائيل من الأمم المتحدة،
أو على الأقل منعها من المشاركة في الجمعية العامة، وبالتالي تكرار ما حدث لجنوب
أفريقيا التي عُلقت عضويتها في المنظمة في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 1974 بسبب
المعارضة الدولية لسياسات الفصل العنصري.
وختم الموقع بأن
إسرائيل قد تفكر خلال الفترة القادمة في اتخاذ إجراءات أكثر راديكالية، بالانسحاب
من الأمم المتحدة على سبيل المثال، تماما مثلما فعل أدولف هتلر سنة 1933، خصوصا أن
المنظمة تشكل عائقا أمام خططها لإشعال حرب كبرى.