نشرت صحيفة "
نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا، للصحفي حامد العزيز، قال فيه: "إن المدينة ذات الأغلبية العربية الأمريكية، الواقعة خارج ديترويت، والتي دعمت جو بايدن في انتخابات عام 2020، قدّمت فوزا غير متوقّع لدونالد
ترامب، الذي وعد بإحلال السلام في الشرق الأوسط".
كان أمين المضري واحدا من آلاف الأشخاص في المجتمع ذي الأغلبية العربية، في
ديربورن، بولاية ميشيغان، الذين ساعدوا جو بايدن في الفوز بالمدينة، وهزيمة دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية لعام 2020. بعد أربع سنوات، سئم المضري من إدارته.
هذا الأسبوع، انضم المضري إلى آلاف السكان الآخرين في ديربورن، للتصويت لصالح ترامب، مما ساعده على تحقيق فوز مذهل، في مكان بدا مصدرا غير محتمل للدعم، في محاولة الرئيس السابق للعودة إلى البيت الأبيض.
في مساء الثلاثاء، وقف المضري، 33 عاما، بجانب ابنه البالغ من العمر 10 سنوات، خارج مدرسة ابتدائية على الجانب الشمالي من ديربورن، وأوضح تغيير رأيه، كجزء من تحول ملحوظ في ديربورن، التي تقع خارج ديترويت مباشرة.
وقال المضري، إنه سئم من دعم بايدن لدولة الاحتلال الإسرائيلي وأوكرانيا، مشيرا إلى أن الموت والدمار الذي تتحمّله الولايات المتحدة دفعه إلى قرار دعم ترامب.
وتابع الأمريكي ذو الأصول اليمنية، والذي انتقد الرئيس بايدن لإنفاقه أموالا أمريكية لدعم الحروب في غزة وأوكرانيا: "في المرة الأولى صوتنا لصالح جو بايدن، لكن ما نراه الآن، لم يوقف الإبادة الجماعية في غزة". فيما قاطعه ابنه خالد بتعليق مبتسم: "ترامب سينهي الحرب!".
وفي السياق ذاته، كان ترامب قد قطع الوعد في الواقع؛ فكان من بين مجموعة من الأسباب التي ذكرها الناخبون في ديربورن لموجة الدّعم من الأمريكيين العرب والمسلمين لترامب.
وكانت النتائج غير الرسمية، التي أصدرتها مدينة ديربورن، قد كشفت أن ترامب فاز بنسبة 42 في المئة من الأصوات، مقارنة بـ 36 في المئة لهاريس و18 في المئة لمرشحة الحزب الأخضر، جيل شتاين.
وفي عام 2020، أظهرت نتائج مماثلة صدرت بعد الانتخابات، أن بايدن فاز بنحو 70 في المئة من أصوات سكان ديربورن. فيما كانت هاريس، التي أصبحت المرشحة الديمقراطية بعد انسحاب بايدن، خلال الصيف، غير قادرة في النهاية -أو غير راغبة- في الهروب من ظل قرارات إدارة بايدن في الشرق الأوسط.
إثر ذلك، سعت هاريس، إلى إظهار المزيد من التعاطف مع محنة الفلسطينيين المحاصرين في الصراع، الذي أسفر عن استشهاد أكثر من 40 ألف شخص في غزة، وحاولت اتخاذ نبرة أكثر حزما مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وأصرّت هاريس التي فشلت في الوصول إلى البيت الأبيض؛ في عدّة خطابات على أن حكومة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بحاجة إلى اتباع القانون الدولي. غير أن ذلك لم يكن كافيا للحصول على الكثير من النّاخبين هنا.
إن عدم قطعها الواضح مع بايدن، حتّى عندما كانت تتنافس على البيت الأبيض، جعل هاريس غير محبوبة بشكل كبير في ديربورن. اختارت حملتها عدم السماح لها بعقد تجمعات أو اجتماعات عامة في المدينة، ربما خوفا من أن يتم استقبال أي حدث من هذا القبيل بالاحتجاجات.
هذا الأسبوع، تم سماع مشاعر العرب والمسلمين الأمريكيين في ديربورن من خلال الاقتراع. في مقابلات مع صحيفة "التايمز"، الثلاثاء الماضي، خارج مراكز الاقتراع، قال الناخبون الذين يدعمون ترامب، إنّهم يريدون منحه فرصة لكبح جماح الحروب، في جميع أنحاء العالم وإحلال السلام في الشرق الأوسط.
كانت نادين الصوفي، 22 عاما، واحدة من العديد من مؤيدي ترامب. وهي ناخبة لأول مرة، وهاجرت من اليمن منذ ما يقرب من عقد من الزمان. قالت: "آمل حقا أن يكون ما قاله هو ما سيفعله بالفعل إذا فاز بالرئاسة. هذا هو الشيء الوحيد الذي دفعني حرفيا إلى التصويت".
إلى ذلك، تجاهل العديد من الناخبين التعليقات التي أدلى بها ترامب والتي كانت تنتقد المسلمين، فيما استشهد بعضهم باستعداده لزيارة ديربورن وإحضار زعماء مسلمين محليين بارزين على المنصة، في تجمع انتخابي حديث، كدليل على ما وصفوه بـ"غصن الزيتون".
كذلك، قال آخرون في المدينة، إنّ السبب الأكبر لدعمهم ترامب، هو اعتقادهم بأنه كان أفضل في التعامل مع الاقتصاد. كما ظهرت مخاوف بشأن دمج قضايا المثليين في المناهج الدراسية للمدارس المحلية، بين بعض الناخبين أيضا.
قال عبد الله حزام، 34 عاما، إنّ "الناس حاولوا تخويفنا من التصويت لترامب؛ من خلال الاستشهاد بأشياء مثل القيود التي فرضها ترامب على الهجرة من بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة مثل اليمن". حيث ينحدر حزام.
وأضاف حزام، الذي دعم بايدن في عام 2020، "إنها مجرد دعاية من الديمقراطيين لتخويفنا؛ بالقول: نعم، لن يُسمح لأي من عائلتك أو أقاربك بالمجيء إلى هنا تحت إدارته'".
في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، في حفل انتخابي مؤيد لترامب، أقيم في صالة شيشة في ديربورن، شعر بشارة بحبح بالارتياح. وهو أمريكي فلسطيني ومؤسس "عرب أمريكيون من أجل ترامب"، وقد زار المنطقة بانتظام من منزله في أريزونا للمساعدة في توصيل أصوات العرب الأمريكيين لترامب، في ميشيغان.
وقال بحبح، إنّ جهوده ساعدتها عدم رغبة هاريس في الاستجابة للعديد من مطالب المجتمع، بما فيها عدم السماح لأمريكي فلسطيني بالتحدث في المؤتمر الوطني الديمقراطي، وعدم الدعوة إلى فرض حظر جزئي على الأسلحة على دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال: "لقد أطلقت النار على قدمها"، مفترضا أن هاريس كان بإمكانها جذب المزيد من الناخبين الأمريكيين العرب، لو أنها اتخذت مواقف واضحة وعقدت اجتماعات بارزة في المنطقة كما فعل ترامب.
وفي وقت سابق، في جميع أنحاء المدينة، في حدث انتخابي أقيم في قاعة طعام، بدا علي داغر، وهو محام مقيم في ديربورن ودعم هاريس، غير مرتاح حيث أشارت النتائج الأولية إلى أن ترامب سيفوز. وقال إنه يعتقد أن أولئك الذين دعموا ترامب أو قرّروا عدم التصويت لهاريس سوف يندمون على قراراتهم.
وأضاف داغر، وهو أمريكي من أصل لبناني، أنه حثّ الديمقراطيين على توضيح مواقفهم بشأن غزة بشكل أكثر قوة وتوفير خريطة طريق للأمريكيين العرب لدعم هاريس.
وقال صباح الأربعاء: "أردنا خطة، لكنها لم تقدم أي خطة، وبفشلها في تقديم خطة، اعتبر مجتمعنا ذلك افتقارا للقيادة وضعفا؛ عندما جاء ترامب وقال: سأحقق السلام، أخذوا كلماته حرفيا واستوعبوه".
ومع ذلك، قال داغر، إنّ "الأمريكيين العرب والمسلمين الذين دعموا ترامب كانوا جزءا مما تبين أنه مجموعة واسعة من الناخبين غير الراضين بشدة عن بايدن، وغير الراغبين في انتخاب نائبته لخلافته".
وأوضح: "أنا أشعر بخيبة أمل، لأن الناس تصرّفوا بغضب، لكنني أفهم ذلك. أنا لا ألوم مجتمعي على ما فعلوه. تصرف مجتمعي مثل أي مجتمع آخر في الولايات المتحدة، ومن الواضح أن الاكتساح الساحق هو جزء من ذلك".