مقابلات

نهاد عوض لـ"عربي21": مسلمو أمريكا أصبح لديهم "لوبي فاعل" لا يمكن تجاوزه (فيديو)

نهاد عوض أكد أن صوت المسلمين يتعاظم واللوبي الإسلامي في أمريكا ينافس اللوبي الصهيوني- عربي21
قال المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR) ، نهاد عوض، إن "المسلمين الأمريكيين أصبح لديهم لوبي سياسي فاعل، لا يمكن تجاهله أو تجاوزه في المشهد السياسي الأمريكي"، متوقعا "حدوث قفزة في صعود المسلمين إلى الكونغرس الأمريكي، خاصة أن نسبة مشاركة المسلمين في الحياة السياسية تزداد يوما بعد يوم".

وأشار في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إلى أن "نتائج الانتخابات الأمريكية لم تكن مفاجئة للجالية المسلمة؛ حيث صوت المسلمون ضد سياسة بايدن وكمالا هاريس التي خيبت آمالهم، لا سيما فيما يخص القضايا الإنسانية وقضية فلسطين على وجه الخصوص"، موضحا أن "التصويت تفرق بين حزب الخضر بنسبة 55%، وترامب بنسبة 23%، فيما حصلت هاريس على 21% من أصوات المسلمين".


وذكر المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، الذي يعد أكبر منظمة غير ربحية في الولايات المتحدة للدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين، أن "المسلمين سبق أن عانوا من سياسات ترامب في ولايته الأولى، لكنهم وقفوا ضدها. ومع أن ترامب حاول استمالة الجالية العربية والمسلمة، لا تزال هناك مخاوف من تكرار السياسات السلبية كحظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، أو تأييد الحكومة الإسرائيلية المتطرفة في خطط التوسعة أو التطبيع على حساب الفلسطينيين".

عوض أشار إلى أن "اللوبي الإسرائيلي، رغم قوته، بدأ يفقد نفوذه تدريجيا، خاصة بين الشباب الأمريكي"، مؤكدا أن "هناك نموّا للوعي الرافض للهيمنة الإسرائيلية بسبب السياسات الاقتصادية والأوضاع المعيشية المتردية".

وإلى نص المقابلة المصورة مع "عربي21":

كيف تقرأ نتائج الانتخابات الأمريكية، وهل حملت أي مفاجآت برأيكم؟


النتائج لم تفاجئنا في الولايات المتحدة. قد تكون فاجأت العديد من المراقبين أو المهتمين بهذا الشأن من خارج الولايات المتحدة. عدم المفاجأة لا يعني الرضا أو الاستياء، وإنما لأن غالبية المسلمين والعرب في الولايات المتحدة اتخذوا قرار التصويت عن قصد وإرادة، وهو مبني على مبادئ وحسابات كثيرة.

وبالرغم من ذلك، كان هناك انقسام داخل الصوت المسلم والعربي في كافة الولايات، خاصة في الولايات المتأرجحة، لكن القاسم المشترك بين جميع مَن صوّتوا -أو أغلبهم- أنهم كانوا غير راضين عن سياسة إدارة بايدن، أو البرنامج السياسي لكمالا هاريس، وهذا الغضب هو الذي دفع المسلمين للمشاركة في التصويت أكثر من الماضي.

رأى المصوّتون أن تباين الأصوات هو الأنسب؛ لأنهم كانوا يبحثون عمَن يعبر عن شعورهم، أو استيائهم، وكذلك هو وسيلة لعقاب المرشحة الرئاسية كمالا هاريس، لذا ذهبت غالبية الأصوات إلى مرشحة الحزب البديل حزب الخضر(جيل ستاين)، ثم في المرتبة الثانية المرشح ترامب، والثالثة لصالح هاريس، وكان ذلك بواقع 55% لصالح جيل ستاين، وحوالي 23% لصالح ترامب، وحوالي 21% لصالح كمالا هاريس.

الناخب المسلم اعتاد التصويت للحزب الديمقراطي بنسبة تتجاوز 70% خلال الأعوام الماضية.. ما الذي اختلف هذه المرة؟

الذي اختلف هو موقف إدارة بايدن، والبرنامج السياسي لكمالا هاريس؛ فهناك شعور بخيبة الأمل، بل وخيانة هذه المرشحة وإدارتها الديمقراطية لقيم الإنسانية، وخيانة الوعود باحترام حقوق الإنسان داخل الولايات المتحدة وخارجها، وبالطبع غزة لم تكن السبب الوحيد، هناك أسباب أخرى، لكن أهم ما يشغل المسلم الأمريكي هو حرب الإبادة في غزة.

ما آثار نتائج الانتخابات على وضع المسلمين داخل وخارج الولايات المتحدة؟

المسلمون بصدد التعاطي مع إدارة ترامب القادمة، وقد عاشوا وتفاعلوا من قبل مع سياساته المؤذية، ولم يفت ذلك في عضدهم في الوقوف أمام سياساته، خاصة مع قرار حظر دخول المسلمين الولايات المتحدة، واستهداف الأقليات المهاجرة بترحيلهم، وفصل أبنائهم عن أسرهم.

وأيضا تفاعلهم مع سياسة ترامب تجاه الشرق الأوسط، وهي السياسة المرتجلة التي تعتمد على شخصه، وتلغي الأسس الديمقراطية، ودعائم الحكم في الولايات المتحدة، باستخدام المحسوبية والشخصنة في اتخاذ القرار.

هل ستكون إدارة ترامب القادمة مختلفة عن ما كانت عليه؟

نحن لا نستطيع التنبؤ بشكل كبير، إلا أن الجميع يلحظ أن ترامب حاول التواصل مع الجالية المسلمة والعربية لكسب أصواتها، وأن يكونوا جزءا من هامش النصر له في تفوقه على كمالا هاريس، خاصة في الولايات المتأرجحة، وبالتحديد في ولاية ميشيغان، وبعض مناطق تركز العرب والمسلمين مثل منطقة ديربورن، وعموم الولاية المهمة، وقد اعترف ترامب بجميل المسلمين والعرب في هذه الولاية، وأثرها على فوزه في هذه الانتخابات الرئاسية.

هل سينعكس ذلك إيجابا؟

أعتقد أننا سنشهد تخفيف في حدة السياسة المعادية للمسلمين في الولايات المتحدة، وقد لاحظنا ذلك منذ عدة أشهر، لكننا أيضا لسنا سذّجا، وندرك السياسة وثمنها، وندرك المصالح السياسية، نحن ندور حول مصالحنا، ولا ننكر بعض الأمور الطفيفة المستجدة.

أما عن سياسته تجاه الشرق الأوسط، فأعتقد أن المسلمين والعرب الذين أيّدوه بإمكانهم أن يستفيدوا من التواصل معه، لتحييد جزء من سياسته تجاه الوضع في فلسطين، وموضوع التسوية، وتعديل سياسته تجاه التطبيع مع الدول العربية على حساب الفلسطينيين.

يجب إعلاء أصوات المسلمين والعرب الذين دعموه وأيّدوه إن كانت هناك تسوية بأن ترتكز على العدالة، بخلاف ما جرى في فترة رئاسته الأولى عندما أعطى الحق لإسرائيل بضم الجولان، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وغيرها من التجاوزات السياسية الأمريكية التقليدية.

فهل سنرى تكرار هذا المشهد وإرضاء حكومة اليمين المتطرف حكومة نتنياهو، من خلال ضم الضفة الغربية، أو ترحيل الفلسطينيين إلى الأردن أو إلى سيناء، وإخلاء شمال غزة أو إخلاء غزة بشكل كامل.. لا يمكن التنبؤ بدقائق هذه السياسة، لكننا نتوقع أن يكون هناك شيئا منها، وسنستمر في مواجهة هذه السياسة إذا شرع بها.

هل صوت المسلم الأمريكي بات مؤثرا في الانتخابات عموما أم لا؟

لا يمكن لأي عاقل أو مراقب أو حتى سياسي في الولايات المتحدة أن ينكر تعاظم وجود المسلمين، وتأثيرهم السياسي في الساحة الأمريكية، بل نذكر الأسبوع الماضي، وخلال استطلاع النتائج وفرز الأصوات، كانت كل وسائل الإعلام الأمريكية تتحدث عن أهمية الصوت العربي والمسلم في حسم المعركة الانتخابية بولاية ميشيغان والولايات المتأرجحة الأخرى، وليس ذلك فقط، بل كيف خسر الحزب الديمقراطي أكثر من 10 ملايين صوت من فئة الشباب الذين لم يرضوا عن سياسة إدارة بايدن، وهم حلفاء طبيعيين لقضايا المسلمين أو قضية فلسطين بالتحديد.

كيف يمكن للمسلمين المساهمة في المشهد السياسي الأمريكي للمطالبة بحقوقهم؟

أن يكونوا جزءا واضحا وجليا من هذا الحراك السياسي والعملية السياسية الأمريكية، كما يجب أن ينخرطوا ويستثمرون بالعمل السياسي ليس فقط خلال فترة الانتخابات، بل عن طريق إعداد وتطوير الكوادر السياسية على مستوى الولايات المتحدة.

نسبة مشاركة المسلمين في الحياة السياسية تزداد يوما بعد يوم، ولدينا حتى الآن حوالي 43 مسلما ومسلمة في مجالس النواب المحلية، وإذا أرادوا أن يرتقوا ويتقدموا إلى مقاعد الكونغرس الأمريكي خلال السنوات القادمة؛ فهناك رصيد من الكوادر السياسية المتدربة التي بإمكانها أن ترتقي إلى مستويات أعلى، وهذا تطور طبيعي إيجابي نشهده ونحن جزء منه في حياة المسلمين السياسية الأمريكية.

هل يمكن أن نشهد قفزة في صعود المسلمين إلى الكونغرس الأمريكي؟

بالفعل قد نشهد قفزة كبيرة في صعود المسلمين إلى الكونغرس. وكما أسلفت هناك حوالي 43 عضوا في مجالس نواب محلية تابعة للولايات بإمكانهم خوض الانتخابات على مستوى الكونغرس، وسنشهد كل سنتين زيادة ملموسة في عدد المسلمين الذين يدخلون الكونغرس الأمريكي؛ فهناك خبرات متراكمة، واهتمام وإدراك بضرورة التركيز على الانخراط في الحياة والعملية السياسية؛ حرصا على مصالحنا ومصلحة البلاد، وكذلك في محاولة لترشيد سياسة الولايات المتحدة تجاه المسلمين في الولايات المتحدة ومع العالم العربي والإسلامي.

هل يمكن أن يكون هناك «لوبي إسلامي» مستقبلا في الولايات المتحدة؟

ليس مستقبلا بل اليوم؛ فما يسمى باللوبي الإسلامي موجود الآن بالفعل، ويتعاظم أثره وينتشر بشكل أكبر، وقد أطلقت عدد من المؤسسات -بما فيها "كير"- لجان عمل سياسية، وبعض هذه اللجان تعمل منذ سنوات، ولكن خلال هذه السنة بدأت تعمل على مستوى الولايات وعلى المستوى الفيدرالي، وهذا المشهد لم تشهده الولايات المتحدة من قبل.

كيف ترى تأثير وقوة اللوبي الصهيوني (الإيباك) الموالي لإسرائيل في أمريكا؟

لا يمكن لعاقل أن ينكر عمق أثر بل الدمار التي تحدثه المؤسسات الموالية لإسرائيل على الحياة والسياسة الأمريكية، وعلى العدالة خارج الولايات المتحدة بشكل خاص، لكننا نلحظ أن هذا "العملاق الظالم" بدأت تتفلت الأمور من بين أصابعه، وبدأ نفوذه يتآكل، والدليل على ذلك مئات الملايين التي ضخها اللوبي الموالي لإسرائيل لحماية وإنجاح كمالا هاريس في هذه الانتخابات، ولم يفدها بشيء.

لذلك، نلاحظ تراجع في نفوذ اللوبي الموالي لإسرائيل وتآكل روايته على مستوى الرأي العام وخاصة بين الشباب الأمريكي واليهودي، وهذا لا يعني أنه إلى زوال قريب؛ فهذه أيضا من المبالغات، لكن لا أحد ينكر تآكل وتراجع نفوذ اللوبي الإسرائيلي على الرأي العام الأمريكي.

هذا الأمر بات جليا وواضحا للجميع وليس للجاليات العربية والمسلمة فحسب؛ فهناك مكونات أمريكية مجتمعية، وسياسية، وثقافية، وحتى أكاديمية ترفض هيمنة ونفوذ اللوبي الموالي لإسرائيل على سياسة الولايات المتحدة، واستغلال مقدراتها بتمويل وتجهيز دعم حرب إبادة على الفلسطينيين، في حين أن المواطن الأمريكي يشتكي من قلة لقمة العيش، ويشتكي من البطالة، والتضخم المالي وغلاء الأسعار وتراجع الاقتصاد الأمريكي، وهذه أحدى الأسباب التي فاز بسببها ترامب، وهو معالجة الاقتصاد، بعد إخفاق سياسة بايدن الاقتصادية التي تعتبر "كريمة" مع إسرائيل، لكنها عاجزة أمام احتياجات المواطن الأمريكي.

هل يمكن أن نرى اليوم الذي يصبح فيه اللوبي الإسلامي أكثر قوة من اللوبي الصهيوني في أمريكا؟

نعم، هناك مساحات للتحسن، لكننا أمام عدو وخصم كبير، وله جذور عميقة مُضرّة للحياة السياسية الأمريكية. لذا، نحن نعمل على إحداث نوع من التوازن من خلال التعاون مع فئات أمريكية مساندة لنا في الولايات المتحدة للتخلص من قبضة نفوذ اللوبي الإسرائيلي الذي يضر بمصالح الولايات المتحدة، وهذه مسيرة ستأخذ وقتا طويلا لكننا نسير في الاتجاه الصحيح والمستقبل ليس في صالح اللوبي الموالي لإسرائيل.

هل علاقة ترامب بالمسلمين خلال فترة رئاسته الجديدة ستكون مشابهة لعلاقته بهم خلال ولايته السابقة؟

ترامب تراجع عن خطابه المعادي للمسلمين والعرب خلال الشهور الماضية؛ لأنه يدرك أنهم الآن رقما سياسيا لا يمكن تجاوزه، وهو أيضا بحاجة للعمل معهم، لكن هل سيفي بوعده لمَن ساعده في النصر؟، هناك نوع من التفاؤل الحذر، وأيضا هناك تشاؤم حذر بنفس القيمة؛ لأننا لا يجب أن ننسى من هو هذا الشخص وسياسته الارتجالية، وهو رجل أعمال يسعى نحو مصلحته الشخصية، وتشابك المصالح بين الفئات المتخاصمة قد يقود إلى توافق بين هذه المصالح، وإن كان جزئيا أو مرحليا أو مؤقتا.

كيف أثرت سياسات ترامب السابقة المتعلقة بالهجرة وحظر السفر على الجالية المسلمة؟

الجميع شاهد ظلم هذه السياسة، ومع الأسف المحكمة الدستورية العليا وافقت ترامب في بعض هذه السياسات، كما أخفق في تطبيق بعض السياسات على بعض الولايات التي رفضت الانصياع لأوامره الرئاسية؛ لأنها ولايات زرقاء (أي ديمقراطية) ذات اقتصاد خاص ومستقل، وبإمكانهم ألا ينصاعوا لسياساته الخاصة برفض استقبال بعض المهاجرين أو تطبيق عقوبات عليهم، لكن أيضا بإمكانه أن يهددهم بمنع المساعدات الفيدرالية عند الحاجة، لكن إن نفذ دونالد ترامب عمليات التهجير القسري ضد الآلاف من المهاجرين غير الموثقين؛ فالمسلمين وغيرهم في شراكة من حيث المساندة لمواجهة هذه السياسات بقدر الإمكان، بمعنى آخر سياسة ترامب القادمة ستشهد تغييرا طفيفا بسبب اعترافه بفضل هذه الأقليات، وإعطائه هامش النصر، لكنه لن يتراجع عن هذه السياسات بشكل كامل لأنها كانت جزء من برنامجه السياسي الذي نجح بموجبه.

لماذا هناك انقسام بين المسلمين في أمريكا؟ ومَن الذي يمثلهم اليوم؟

الانقسام كان في توجهات الناخبين؛ لأنهم أرادوا أن يُحدثوا تغييرا، وأرادوا عقاب الحزب الديمقراطي، واجتهدوا في تحديد مرشحهم، لأنهم يتفقوا على الأجندة، وهذا الخلاف سطحي تكتيكي، والذي قاد إلى هذا الغضب هو الظلم الذي وقع على الفلسطيني وكيفية التعبير عنه ولمن يجب أن يصوتوا.

المسلمون وغيرهم متحدون في موضوع الدفاع عن الإنسانية والوقوف أمام الظلم، لكن العبرة بكيفية توظيف هذا الغضب، وتقديمه في برنامج سياسي فاعل.

هناك اجتهادات متوقعة ومسموحة وبريئة، ولا يجب أن ندين أو نعاقب أو نلوم كل مَن صوّت لأنه صوّت من باب الحرص على تأدية الواجب، والقيام بما هو سليم وصائب من وجهة نظرهم.

الجالية المسلمة ليست على قلب رجل واحد؛ فهذا التوقع غير منطقي لأنها جالية متنوعة وفئات مجتمعية متنوعة، وهو أمر موجود في كل المكونات المجتمعية الأمريكية، وأحيانا قد تكون الجالية المسلمة أكثر توحدا من أي مجموعة أخرى، لكنها لن تكون متحدة مئة بالمئة؛ فالناس خلقوا بطباع وأولويات، ومشارب، وتوجهات مختلفة، لكن بشكل عام المسلمون الأمريكيون يسيرون في الاتجاه نحو النضج السليم.

هل تتوقع قيام ترامب باختيار مسلمين ضمن إدارته الجديدة أم لا؟

نعم، أتوقع ذلك إذا التزم دونالد ترامب بوعده بالوفاء للمسلمين والعرب الناخبين الذين صوّتوا له وكانوا سببا في انتصاره، فإنه سيُعين مسلمين وعربا في بعض المواقع، بما فيها في مناصب تنسيقية؛ فهذا كان جزءا من المطالب التي تقدم بها بعض الأشخاص الذين التقوا به.

كيف تنظر لمستقبل المسلمين في أمريكا؟ وما المطلوب منهم اليوم؟

المستقبل بيد الله، وإذا التزم المسلمون بهدي دينهم، وبأخلاق التعامل، وقاموا بواجبهم، وأدركوا أهميتهم الاستراتيجية، والمسؤوليات المُلقاة على عاتقهم كمواطنين أمريكيين يجب أن يساهموا في إنعاش الحياة الأمريكية، وترشيد سياستها تجاه جميع مكونات المجتمع الأمريكي نحو العدالة والإنصاف والرخاء، وأيضا ترشيد السياسة الأمريكية تجاه قضايا الأمة العربية والإسلامية.

ونتمنى أن يركزوا في البناء الاستراتيجي، بأن يركزوا على تنمية قدرات المؤسسات السياسية، وأن يشجعوا أبناءهم وبناتهم بالتوجه لدراسة العلوم السياسية، والقانون، وصناعة الأفلام، والإعلام، ودراسة التاريخ؛ ليملأوا هذه الفجوة التي عانى منها العرب والمسلمون على مدى أجيال.

وقد اقترحت على العديد من المراكز الإسلامية في أمريكا تخصيص منح دراسية سنوية لتشجيع الطلبة للتوجه نحو هذه الدراسات؛ لصناعة منصات تفرز كوادر سياسية واجتماعية وإعلامية وقانونية تدعم وتحمي مصالحهم، وأيضا تساهم في تقديم نفس سياسي جديد يشارك في صياغة السياسة والمعادلة الأمريكية.

ويجب علينا تطوير المؤسسات السياسية، ونحن في منظمة "كير" كنّا، وما زلنا، المؤسسة المسلمة الوحيدة التي قامت بتطوير مجموعة عمل سياسية تسمى "كير باك"، والتي ستكون المنافس الوحيد والرئيسي في الساحة الأمريكية لنفوذ "الإيباك" على السياسية والكونغرس الأمريكي. وخلال العام الماضي، ومنذ اندلاع "طوفان الأقصى" تم إنشاء نحو 50 مؤسسة إسلامية تُسمى "لجنة العمل السياسي" في ولايات عديدة، والتي تركز على المال السياسي وتأييد مرشحين في الأحزاب والانتخابات المحلية.