عُثر على جثة الناشط السوري المعارض
مازن حمادة في مستشفى حرستا بريف دمشق وسط عشرات الجثث التي يُعتقد أنها نُقلت من سجن صيدنايا سيئ السمعة، وذلك بعد سقوط
النظام وتحرير المعتقلين في السجون التي وصف كثير منها بأنها عبارة عن "مسالخ بشرية".
ظهرت على الجثة علامات تعذيب تشير إلى التنكيل الذي تعرض لهما حمادة وغيره من المعتقلين في سجون النظام السوري المخلوع، ما أثار موجة واسعة من الغضب والحزن عبر منصات التواصل الاجتماعي.
اشتهر مازن حمادة، الذي كان يُفترض أن يبلغ 47 عاما، بمعارضته لنظام بشار الأسد منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011. كان حمادة قد اعتُقل مرات عديدة وتعرض للتعذيب الوحشي قبل أن يغادر
سوريا لاجئًا إلى أوروبا، حيث عاش في هولندا ونشط هناك لكشف جرائم النظام السوري.
رحلة حمادة من المعتقلات إلى المنفى
بعد اعتقاله الأول في دير الزور عام 2011، نُقل حمادة إلى معتقلات المخابرات السورية في دمشق، حيث تعرض لأشكال متعددة من التعذيب الجسدي والنفسي. بعد إطلاق سراحه، قرر الهرب عبر تركيا وأوروبا ليصل إلى هولندا عام 2014، حيث حصل على حق اللجوء.
أصبح حمادة في بلاد اللجوء أحد أبرز الأصوات التي كشفت عن فظائع المعتقلات السورية، خاصة خلال لقاءاته مع وسائل إعلام غربية ومنظمات حقوقية، حيث تحدث عن تجاربه المريرة، واصفا جلسات التعذيب والصدمات الكهربائية والاغتصاب، وشتى أنواع التنكيل التي تركت آثارا دائمة على حالته النفسية والجسدية.
في شباط/ فبراير عام 2020، اختفى حمادة ثم ظهر لاحقا في دمشق وسط ظروف غامضة. ووفقًا لتقرير نشرته "واشنطن بوست" عام 2021، فقد أبلغ حمادة أصدقاءه بأنه يشعر بخيبة أمل من عدم اكتراث العالم بجرائم النظام السوري، وكان مصمما على العودة رغم التحذيرات التي تلقاها من عائلته وأصدقائه.
وأكدت مكالمات هاتفية مسجلة أنه كان يرى في عودته إلى سوريا مخاطرة شخصية تهدف إلى إنهاء الحرب وإطلاق سراح المعتقلين في ظل التغاضي الغربي عن جرائم النظام.
أثارت عودة حمادة إلى سوريا تساؤلات واسعة. عائلته وأصدقاؤه يشككون في إمكانية استدراجه من قبل النظام السوري عبر ضمانات زائفة، خاصة أنه زار السفارة السورية في برلين ثلاث مرات قبل عودته، فيما يعتقد آخرون أن عودته تعكس تأثير الصدمة النفسية التي لم يستطع تجاوزها خلال سنواته في المنفى، وفقا لـ"واشنطن بوست".
أيقونة معاناة المعتقلين
منذ خروجه من سوريا، حكى حمادة قصته في محافل عديدة، من الكونغرس الأمريكي إلى جامعات أوروبية. صوته الذي كان يدمع باستمرار أصبح رمزا لمعاناة آلاف المعتقلين الذين قبعوا لعقود في أقبية النظام.
ومع ذلك، فلم يستطع حمادة التخلص من شعور "عقدة الناجين"، وهو شعور يصيب من نجا من مأساة بينما بقي الآخرون يموتون.
تلخص رحلة حمادة مأساة الشعب السوري منذ بداية الثورة، من الاحتجاجات السلمية إلى القمع العنيف، ومن اللجوء إلى أوروبا إلى استحالة الانفصال عن ألم الوطن.
وتعيد وفاة حمادة، وما تعرض له من تعذيب حتى النهاية، تسليط الضوء على الجرائم في سوريا التي تحولت إلى مسرح لأبشع الانتهاكات الإنسانية في القرن الحادي والعشرين في عهد بشار الأسد، بحسب التقرير.