أثار
إعلان معظم القوى السنية في
العراق،
تشكيل ما أطلقوا عليه "
ائتلاف القيادة
السنية الموحدة"، العديد من التساؤلات بخصوص الغاية من تشكيل هذه القيادة،
والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، ولا سيما أنه يأتي قبل نحو عشرة أشهر من
الانتخابات البرلمانية المقبلة.
ويجمع
"الائتلاف" أهم القيادات السياسية السنية في العراق، وهم رئيس البرلمان،
محمود المشهداني، ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، ورئيس تحالف عزم، مثنى
السامرائي، ورئيس حزب الجماهير أحمد الجبوري (أبو مازن)، وزياد الجنابي رئيس كتلة
المبادرة، حسب بيان لتحالف السيادة.
وأوضح
البيان، أن برنامج الائتلاف السياسي الجديد، سيُعلن في وقت لاحق، والذي يأخذ قادته
على عاتقهم المضي بإنجاز الملفات الإنسانية والحقوقية والقانونية والسياسية
وتحصيلها لأبناء المكون السني في عموم العراق والمحافظات الشمالية والغربية على
وجه التحديد.
ضغط
جماهيري
وعن
دوافع تشكيل هذا الائتلاف حاليا، قال النائب عن تحالف "السيادة"، محمد
فاضل الدليمي، إن "المؤتلفين هم أحزاب سنية تطالب بحقوق أهلها، وتنفيذ
ورقة الاتفاق السياسي التي وقعت مع جميع الأطراف الشيعية والكردية، ورئيس الوزراء
محمد شياع السوداني، كان شاهدا عليها".
وأوضح
الدليمي لـ"
عربي21" أن "هذه القوى السنية تتعرض لضغط جماهيري،
من أجل تلبية حقوقها، وخصوصا إقرار قانون العفو العام عن المعتقلين، والذي
لا يخص المكوّن السني فقط، وإنما يهم جميع شرائح الشعب العراقي".
ولفت إلى
أن "الائتلاف السني الذي تشكل حاليا، يضم الكتلة الأكبر من نواب المكون،
والذين يصل عددهم إلى 37 نائبا، وهؤلاء يطالبون بتنفيذ قانون العفو العام، وإلغاء
هيئة المساءلة والعدالة، وعودة النازحين إلى مناطق سكناهم، إضافة إلى إجراء
التوازن (الطائفي) في مؤسسات الدولة".
وأشار
الدليمي إلى أن "تنفيذ ورقة الاتفاق السياسي، هي السبب الأساس الذي دفع هذه
الأحزاب والقوى إلى أن تشكل هذه القيادة السنية، وعلى هذا الأساس يجب أن
تنظر إلينا باقي الأطراف في القوى السياسية الأخرى".
وشدد
النائب على أن "هذا الائتلاف لا يتلقى الأوامر من الخارج كما يزعم البعض، ولن
يأخذ قراراتنا من أحد قطعا، وذلك لأن الكل فيه عراقي ويسعى إلى تحقيق مطالب شعبه
وجمهوره، وهذه مشتركات تجمعنا نحن في الأحزاب السنية".
وكان
رئيس تحالف العزم (السني) مثنى السامرائي، أكد خلال مقابلة تلفزيونية، الأربعاء،
أن إعلان ائتلاف القيادة السنية كان بدعوة من رئيس البرلمان محمود المشهداني، ووجه
دعوة إلى زعيم حزب "تقدم" محمد الحلبوسي، لكن الأخير لم يحضر.
وأشار
إلى أن "ائتلاف (القيادة السنية الموحدة) تشكل من أجل تحقيق استحصال حقوق
المكون السني بطريقة سليمة، وتحديدا ما ورد في ورقة الاتفاق السياسي الذي تشكلت
على ضوئه الحكومة الحالية".
وأبرز ما
تضمنته هذه الورقة كان تعديل قانون العفو العام، ليشمل إعادة النظر بمحاكمات
انتُزعت بناء على اعترافات تحت التعذيب، أو أدين أصحابها بوشاية المخبر السري،
وإعادة جميع النازحين لمدنهم الأصلية، وإنهاء احتلال المدن من قبل الفصائل المسلحة.
وتضمنت
الورقة تعويض أصحاب المنازل المدمرة من العمليات العسكرية والإرهابية، والكشف عن
مصير المُغيبين، وحل هيئة المساءلة، وتحقيق الموازنة داخل مؤسسات الدولة، بما فيها
المناصب العسكرية والأمنية وفقا للنسب السكانية في العراق.
تداعيات
المنطقة
من جهته،
قال السياسي والنائب السابق، فيصل العيساوي، لـ"
عربي21" إن "القوى
السنية تعرضت إلى مشكلات كبيرة خلال الدورة البرلمانية الحالية بسبب السياسات
المتخبطة من بعض الكتل التي تنتمي للمكون ذاته، وضاعت عليه الكثير من الفرص".
وأضاف
العيساوي أن "هذه الفرص الضائعة، بدأت من منصب رئيس البرلمان الذي بقي شاغرا
لمدة عام كامل، إضافة إلى الكثير من الاستحقاقات القانونية والدستورية، وذلك جراء
التشظي الموجود داخل الكتل السنية".
وأشار
إلى أن "أي تحرك لتوحيد هذه الكتل أو بعضها بالتأكيد هو أمر مرغوب وسيساهم في
تطوير العملية السياسية ويقلل من المشكلات التي يعاني منها المكوّن السني".
من جهة
أخرى، أكد العيساوي أن "ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط، وانعكاساته على
العراق أثارت مخاوف الكثير من القوى السياسية، بالذات السنية منها، بالتالي توحيد
الخطاب والرؤى والعمل وتقريب وجهات النظر هي فيها مصلحة لجميع الأطراف".
ولفت إلى
أن "حزب تقدم (السني) هو سبب الخلاف داخل المكون السني، لذلك لن يتقارب في أي
نشاط يسعى إلى توحيد ساحة
السنة، ورغم توجيه دعوة إلى زعيمه محمد الحلبوسي لكنه
رفض الحضور، لأنه يرى أن توحيد قوى المكوّن لن ينفعه أو يصب في مشروعه بالمحافظات
ذات الغالبية السنية".
وبخصوص
الحديث عن أن الائتلاف السني هو استنساخ لتجربة الإطار التنسيقي الشيعي، رأى
العيساوي أن "الإطار الشيعي أثبت نجاحه في توحيد مواقفه ورؤاه وتحقيق أهدافه،
وإذا سعى كل مكون إلى تأسيس إطار مشابه فهذا خطوة إيجابية مفيدة للمكون والبلد
بصورة عامة".
واستبعد
العيساوي أن تكون "جهات خارجية تقف وراء توحيد صف هذا الطرف أو ذاك، وإنما
شعور الجميع بضرورة تقاربهم وإيجاد طاولة للتفاهم في ما بينهم، وحاجتهم لتحديد
المطالب التي وعدوا بها جمهورهم، لذلك هذا ما جمعهم في ائتلاف القيادة السنية".
وتوقع
العيساوي أن "يلتحق آخرون للانضواء تحت ائتلاف القيادة السنية خلال الأيام
المقبلة، لكن لا أظن أن يتحول إلى تحالف انتخابي يشارك بمجموعه في قائمة واحدة ضمن
الانتخابات البرلمانية المقبلة".
وفي
السياق ذاته، علق المحلل السياسي العراقي، علي البيدر، قائلا: "وإن كانت خطوة
متأخرة، إلا أن تشكيل مرجعية سياسية سنية تحت عنوان ائتلاف القيادة السنية الموحدة
فرصة لمعالجة الكثير من الأخطاء السابقة وإيجاد حلقة وصل ثابتة بين بقية مكونات
المشهد السياسي في البلاد".
ورأى
البيدر عبر تدوينة على "فيسبوك" أن "هذا سيخلق صفة معنوية جديدة
أكثر ثقة للمكون السني الذي تشظى بسبب السياسات الخاطئة والتفرد بالقرار، التي
سيعالجها ائتلاف القيادة الموحدة لما يمتلك من شخصيات حقيقية ودعم جماهيري كبير
ومرونة في التعاطي مع جميع المواقف وتأثير إقليمي منقطع النظير".