مع إقرار الحكومة
المصرية المدعومة من الجيش "قانون التظاهر" ثمة شعور يزداد بين المصريين أن أيام مبارك قد عادت من جديد، وبات من يزور صديقاً شارك في التظاهرات مداناً حسب صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وتنقل الغارديان عن أحمد ماهر مؤسس حركة السادس من إبريل قوله أنه أصبح مشرداً، مضيفا أنه يشعر "بأننا عدنا لأيام مبارك وكأننا عدنا لعام 2008 حيث كنت أتخفى من الشرطة وأحاول أن أوفر الأمن لزوجتي وأولادي".
ويعبر ماهر وزميله علاء عبدالفتاح عن حالة من "الرجوع للنفس" تدور في أوساط العلمانيين، بحسب ما ورد في دراسة نشرتها "مؤسسة كارنيغي للشرق الأوسط" وأعدتها ميشيل دان من جامعة جورج تاون والخبيرة في العالم العربي.
وقد لاحظت الكاتبة ميشيل دان ظهور نزعة داخل التيارات التي دعمت عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي للتعبير عن ضيقها من تسيد العسكر وقوات الأمن في التوليفة الجديدة من الحكم بعد
الإنقلاب، فيما تظل وجهة النظر السائدة بين النخبة العلمانية المصرية هي أن عزل مرسي كان أمرا لابد منه، وإن تم بطريقة غير ديمقراطية.
وقالت الكاتبة إن العديد ممن قابلتهم الإسبوع الماضي في القاهرة لا بديل لهم عن القبول بأوامر العسكر، وكما قال أحد قادة الأحزاب العلمانية السياسية "عندما تقبل بتدخل العسكر فعليك القبول بقواعد لعبتهم". ويبرر المسؤول الحزبي وجهة نظره قائلا إن المصريين "دولاتيين" ويفضلون أن يرعاهم الجيش، بدلاً من أن يكون هذا الجيش خاضعا للمحاسبة أمام حكومة منتخبة. وقالت ان العديد ممن قابلتهم يرون في استمرار القمع على الأخوان المسلمين، الجماعة التي كانت تحكم باعتباره "ضرورة مؤسفة".
ونقلت الكاتبة عن عمرو الشوبكي، من حزب الدستور قوله إنه لم تكن هناك إمكانية لدمج الأخوان "بشكل آمن" في العملية السياسية لسببين، الأول هو فشل مصر بتطوير قواعد للعبة السياسية ولأن الأخوان يظلون جماعة سرية بامتدادات دولية، وهم في هذه الحالة مختلفون عن بقية الأحزاب الإسلامية في تونس وتركيا والمغرب. ونقلت عن شاب دعم حركة الجيش وينظر للأخوان باعتبارهم جماعة "غير مصرية" قوله حتى لو خان الجيش المبادئ الليبرالية فمصر أحسن حالاً بدون الإخوان " على الأقل سنحافظ على هويتنا".
وبعيداً عن هذا الحس هناك من يستخدم عبارات "أكثر عملية" لتحميل الإخوان مسؤولية ما أسموه "تدمير أول تجربة ديمقراطية بسبب طريقتهم في الحكم".
ولكن نبرة جديدة في صفوف العلمانيين بدأت ترتفع بعيدا عن "مجموعة التفكير" التي ظهرت بعد الانقلاب، ففي فعل صغير ولكنه يحمل رمزية عالية؛ قامت مجموعة من الشباب بتدمير نصب تذكاري أرادت أن تفتتحه الحكومة على عجل لتخليد ذكرى "شهداء الثورة"، فيما تسمع في أماكن مختلفة في القاهرة أصوات تعبر عن خيبة أملها من إلغاء برنامج "البرنامج" الذي تهكم به مقدمه باسم يوسف على "عبادة" قائد الإنقلاب الفريق أول عبدالفتاح
السيسي، كما أتيح للناشط
أحمد حرارة عضو حزب الدستور أن يوجه نقدا شديدا للانقلاب في برنامج حواري على أحد الفضائيات.
وفي نفس الإطار، فإن كثيرا من النشطاء والسياسيين يعلنون في جلساتهم الخاصة وفي وسائل الإعلام بشكل متزايد أنهم يرفضون ثنائية العسكر/ الإخوان، وأنهم يرفضون أيضا صعود الجيش للسلطة وعودة الشرطة السرية، ويعبرون عن فزعهم من استمرار الإعلام في عمليات "الشيطنة" للإخوان.
وأشارت الكاتبة إلى ما كتبه المعلق عمرو خفاجي الذي قال فيه إن من أرادوا التخلص من حسني مبارك ومع ذلك يصرون على استخدام وسائله لن ينتصروا في الثورات، بل إنهم ينتهون أعداء للثورة مهما فعلوا للبلد. وبنفس السياق تنقل ميشيل دان أن الناشط في التيار الشعبي للشباب حسام مؤنس كتب في "المصري اليوم" مقالا دعا فيه من يريد تذكر ضحايا محمد محمود عام 2011 إلى "التحرك سريعاً ومواجهة الخيبة وبناء خيار جديد قادر على تخليص المصريين من الذين قتلوا أبناءهم".
وتقول الكاتبة إن أحاديثها الخاصة مع علمانيين أظهرت نوعا من الانقسام داخل العائلات حول عودة الجيش وتسلطه، وعودة القوى الأمنية، والقمع المتواصل للإخوان المسلمين. ونقلت عن زعيم سياسي يساري قوله إن " الرأي العام يتغير بسرعة وبشكل حاد، فيما يتدهور التحالف المؤيد للإنقلاب". ونقلت عن زعيم "حزب الحرية" المصري قوله إن الكثير من الناشطين العلمانيين ترددوا في نقد العسكر حتى لا يتم استخدام كلامهم من قبل الإخوان الذين كانوا يحاولون العودة للسلطة، ولم يعد لهذه الاعتبارات وجود الآن.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض من المدافعين عن الحكومة الحالية أن "الديمقراطيين" داخل حكومة البيبلاوي يخوضون معركة صعبة للحفاظ على الحقوق الأساسية، لكن هناك قلة تؤمن بقدرة تحالف "الديموقراطيين- العسكريين" على تقديم حلول ناجعة للمشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتراكمة.
ويقول مثقف علماني دعم الإنقلاب إنه لا يعرف إلى متى سيستمر التحالف بين "الديموقراطيين والعسكر"، ويعترف بأنه تحالف سيء ولا يمكن التأكد من امكانية تحقيق شيء منه. ويقول زعيم حزب آخر " لقد خسرنا الزخم وفشلنا في تقديم الأمل وتحويل الاهتمام عن تظاهرات الإخوان المسلمين".