لن تكفي خمسة مليارات أو حتى سبعة مليارات دولار لكي يستعيد
اقتصاد غزة عافيته، وتشفى أرقامه من آثار ما خلفتّه الأزمات المتتالية، والضربات الموجعة التي تعصف بكافة قطاعاته، وفق تأكيد خبراء في الشأن الاقتصادي.
وقدّر اقتصاديون
فلسطينيون فاتورة إنعاش غزة بـ"المليارات"، بعد أن توقفت كافة مؤشرات الاقتصاد عن النمو عقب الخسائر اليومية الفادحة في الوقت الراهن.
وباتت كل الدلائل والوقائع على الأرض تكشف عن الحجم الحقيقي لما وصل إليه اقتصاد غزة كما يؤكد خبير الاقتصاد الفلسطيني "علي أبو شهلا"، والذي قال إن إحكام
الحصار وتشديده، بالتزامن مع الإغلاق المحكم للأنفاق زج بالقطاع إلى مرحلة الانهيار الاقتصادي.
وأضاف أبو شهلا أن الوضع الاقتصادي بغزة هذه الأيام يعيدها لسنوات ما خلّفته الحربين الأخيرتين (2008/2011) من دمار.
وتابع: "مؤتمر إعادة إعمار غزة في شرم الشيخ (مصر) في عام 2009 رصد نحو 5 مليارات دولار، واليوم لن يكفي القطاع 5 مليارات أو أكثر، فنحن نتحدث عن دمار كامل للبنية التحتية وتعطل لآلاف المصانع، وازدياد مزعج لمعدلات الفقر والبطالة".
وفي حزيران/ يونيو 2007 انقسمت فلسطين إلى حكومتين الأولى في غزة، والثانية في الضفة، بعد الاقتتال الداخلي بين حركة فتح وحماس والذي انتهى بسيطرة الأخيرة على القطاع.
ولم تستجب الحكومة في رام الله لطلب الطاقة بغزة بإلغاء كافة الضرائب المضافة على الوقود الصناعي، وهو الأمر الذي عطّل شراء السولار الصناعي الإسرائيلي ما أدى لتوقف عمل المحطة بشكل كامل.
ويلزم لتشغيل محطة الكهرباء بغزة نحو 650 ألف لتر يومياً من السولار الصناعي لتعمل بكامل طاقتها، وهو الأمر الذي تعجز المحطة عن توفيره في الوقت الراهن. ويصل التيار الكهربائي حاليا ست ساعات يوميا لكل بيت حسب جدول تعدّه شركة توزيع الكهرباء معتمدة في ذلك على الخطوط المصرية والإسرائيلية.
وحذرت سلطة الطاقة بغزة في مؤتمر صحفي الأحد من ازدياد ساعات قطع التيار الكهربائي في الأيام القليلة القادمة بسبب سوء الأحوال الجوية والدخول في فصل الشتاء المصحوب بالعواصف والبرد.
وفي حال تقلص الجدول اليومي للكهرباء فستكون غزة أمام أبواب كارثة حقيقية لن تفك عقدتها مليارات الدولارات، كما يؤكد الكاتب الفلسطيني والمحلل الاقتصادي محسن أبو رمضان، الذي أكد في حديث لوكالة الأناضول، أن إغلاق الأنفاق وعدم دخول مواد البناء وكافة مستلزمات الحياة، بالتزامن مع أزمة الكهرباء دفعت باقتصاد القطاع إلى الهاوية.
وأضاف أبو رمضان أن اقتصاد غزة بات على أعتاب انهيار شامل، وارتفاع حاد لمعدلات البطالة وصلت لأكثر من 40% وتجاوزت نسبة الفقر 60%.
وتابع: "هذه المعدلات هي آنية فقط، وما سيتكشف في قادم الأسابيع هو أخطر وأشد قسوة، فلا إنتاج للمصانع، والحركة التجارية مشلولة، ومواد البناء لا تدخل وآلاف العمال عاجزين عن استئناف حياتهم كما في السابق، ولن تكفي لا خمسة مليارات ولا حتى سبعة لإنعاش القطاع من جديد".
وعبر أبو رمضان عن خشيته من وصول الاقتصاد إلى نقطة لا يمكن تجاوز خطورتها، بسبب غياب انعدام التوافق السياسي والاقتصادي بين الأطراف الفلسطينية في وقت تزداد فيه معاناة الغزيين.
وأدى التعليق الإسرائيلي لدخول مواد البناء من معبر كرم أبو سالم إلى توقف 85% من الصناعات المعتمدة على قطاع الإنشاءات، وتسريح أكثر من 90% من العمال، وفق إحصائية لاتحاد الصناعات الإنشائية.
ويعد قطاع الإنشاءات المشغل الأساسي للعمال في القطاع إذ يصل عدد العاملين فيه إلى أكثر من 23% من العمالة بغزة.
وانضم ما يزيد عن 35 ألف عامل في مجال البناء وفق إحصائيات لوزارة الاقتصاد المقالة إلى طابور البطالة نتيجة توقف وتعطل المشاريع العمرانية.
وتوقف 3900 مصنع بغزة عن العمل، ولا يتم تشغيل سوى 10% من تلك المصانع وبشكل جزئي، وفق تأكيد اتحاد الصناعات الفلسطينية، إلى جانب تسريح عشرات الآلاف من العمال في مختلف الصناعات.