قالت مجلة "فورين بوليسي" إن تقدم
السعودية للبنتاغون بطلب شراء أكثر من 15 ألف صاروخ مضادة للدبابات أثار انتباه الكثيرين، وشكوا في أن تكون متعلقة بالجهود السعودية لدعم المقاتلين السوريين.
وتابعت المجلة "لا أحد يتوقع غزوا قريبا للسعودية، لكن المملكة تقدمت بطلب لشراء صواريخ مضادة للدبابات جعلت الكثيرين ممن يراقبون الشؤون السعودية يتساءلون عن السبب؛ وفيما إن كانت قائمة المشتريات متعلقة بالجهود السعودية لدعم المعارضة السورية المسلحة".
وقد تقدمت السعودية بعرض الصفقة لوزارة الدفاع الأمريكية، التي قامت بدورها بإعلام الكونغرس بها بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر الحالي. وستوفر هذه الصفقة المقترحة للرياض أكثر من 15 ألف صاروخ من نوع "ريثيون" المضادة للدبابات بقيمة مليار دولار. ونقلت المجلة عن تقرير للمركز الدولي للدراسات الإستراتيجية إن لدى السعودية أكثر من 4 آلاف صاروخ. وفي الماضي أعلم البنتاغون الكونغرس بصفقة واحدة لشراء الصواريخ، والتي كان حجمها 5 آلاف صاروخ تقريبا.
ونقلت المجلة عن جيفري وايت، المحلل السابق في وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية قوله: "هذه شحنة كبيرة من الصواريخ تحتوي على النوع الأكثر تطورا منها". والسؤال هو "ما هو التهديد الذي يواجه السعودية؟" ويستدعيها لشراء هذه الكميات.
وترى المجلة أن السؤال تصعب الإجابة عليه؛ فالتهديد الإيراني للسعودية يتم رده من خلال العمليات البحرية والجوية في منطقة الخليج، كما قامت السعودية بسلسلة من العمليات القاتلة مع المتمردين الحوثيين في شمال اليمن، ولكن هذه الجماعات لا تملك إلا آليات عسكرية قليلة. ولم يعد العراق الذي مثل تهديدا للسعودية أثناء حكم صدام حسين يشكل نفس التهديد، خاصة أنه منشغل في حرب داخلية وقلق من تداعيات الحرب في سورية عليه.
ولكن حليفا مقربا للسعودية يمكنه استخدام هذه
الأسلحة، حسب الصحيفة، ألا وهو المعارضة السورية المسلحة. فقد اشترت السعودية للمعارضة قبل فترة أسلحة مضادة للدبابات من كرواتيا، وتقوم الآن بتدريب المقاتلين في الأردن على استخدامها.
ويقول تشارلس ليستر، المحلل الأمني في مركز "جينز" إن المقاتلين حصلوا على 100 صاروخ صيني مضاد للدبابات من نوع "أتش جي- 8". ونقلت عبر الأردن لسورية، وتظهر الكثير من أفلام الفيديو المقاتلين يستخدمونها في المعارك ضد النظام. وفي الوقت الذي حصل المقاتلون على أسلحتهم الثقيلة من غنائم المعارك مع النظام، لكن ليستر يعتقد أن عشرات من صواريخ "9 إم 113 كونكورز" الروسية قد تم توريدها للمقاتلين من الخارج. ويقول ليستر إن "تحييد الدفاعات الخارجية هو المفتاح الرئيسي لفتح أبواب هجمات برية" ضد النظام.
ولا يسمح القانون الأمريكي بنقل صواريخ باعتها واشنطن للرياض أو أية دولة للمقاتلين السوريين أو طرف ثالث.
وفي ضوء قلق الإدارة الأمريكية من بروز الجهاديين على الساحة السورية، فإن من المحتمل أن لا توافق الإدارة على هذه الصفقة، خاصة أن واشنطن قررت تعليق دعمها للمعارضة بمعدات غير فتاكة.
وفي حال قررت الرياض المضي قدما ونقلت الأسلحة للمعارضة، فسيكون ذلك خرقا للقانون الأمريكي حسب آرام نيرغوزيات، الباحث في المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية، مما يعني "تعليق صفقات الأسلحة التي تم الاتفاق عليها بين البلدين". وفي الوقت الحالي لم يتم التأكد سوى من وجود صاروخ أرض- جو واحد من صنع أمريكي مع المقاتلين، ويعتقد ليستر أنه ربما كان من مخلفات الشاه الإيراني، ونقل بعد ذلك لسورية واستولى المقاتلون عليه.
ويرى محللون أن الصفقة السعودية ليست منفصلة تماما عما يحدث في سورية، فهم يرون أن الرياض تقوم بتزويد المقاتلين بصواريخها التي اشترتها من أماكن أخرى وتستبدلها بصواريخ تشتريها لنفسها من الولايات المتحدة.
ويقول تشارلس فريمان، السفير الأمريكي السابق في الرياض " تكهناتي هي أن صفقة بهذا الحجم تشير إلى أن السعوديين يقدمون أسلحتهم للمقاتلين ويقومون باستبدالها بأسلحة من صناعتنا". ومهما كانت علاقة الصفقة بسورية، فهي كما تقول المجلة جزء من عملية تعزيز القدرات العسكرية السعودية المستمرة منذ أكثر من عقد. وبحسب تقرير الكونغرس الذي صدر عام 2012، فقد وقعت الرياض صفقات لشراء أسلحة بقيمة 75.57 مليار دولار ما بين عامي 2004 و 2011. والصواريخ هي جزء من أسلحة اشترتها السعودية من الولايات المتحدة، وهي مقاتلات متقدمة بقيمة 30 مليار دولار. وفي ملاحظة أخرى يقول التقرير إن شراء الأسلحة هو محاولة للإبقاء على العلاقات مع البنتاغون قوية في وقت تختلف فيه الرياض مع أوباما حول إيران وسورية. فأنت لا تشتري الأسلحة الأمريكية فقط، ولكنك تشتري العلاقات معها كما يقول محللون.