شهدت جوبا عاصمة
جنوب السودان هدوءا الأربعاء بعد معارك ضارية بين فصائل متناحرة في الجيش أوقعت نحو 500 قتيل منذ الأحد الماضي، في حين نفى ريك
مشار حصول أي محاولة
انقلابية في جوبا.
وأعلن نائب رئيس الجمهورية السابق رياك مشار الأربعاء في أول تصريح له منذ بدء هذه الاحداث الدامية، ان لا وجود على الاطلاق لاي محاولة انقلاب تتهمه السلطات بأنه يقف وراءها وتبرر بها وقوع المعارك الأخيرة.
وفي اول حديث له منذ بدء المعارك الأحد الماضي أعلن مشار في مقابلة مع موقع "سودان تريبيون" نشر الأربعاء أن محاولة الانقلاب التي نسبتها اليه السلطات ليست سوى ذريعة من الرئيس سلفا كير للتخلص من خصومه السياسيين.
وقال مشار الذي لم يفصح عن مكان وجوده "لم يحصل انقلاب وما حدث في جوبا هو سوء تفاهم بين عناصر في الحرس الرئاسي داخل وحدتهم، لم يكن هناك انقلاب ولا علاقة أو علم لي بأي محاولة انقلاب".
وتواصل اطلاق النار بشكل متقطع حتى منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء في جوبا، وسجلت ساعات الصباح الأولى هدوءا حسب صحافي فرانس برس.
وشهدت شوارع العاصمة بعض الحركة إلا انه من السابق لأوانه الكلام عن عودة الحياة إلى طبيعتها.
وقالت مصادر محلية في جنوب السودان، إن النائب السابق لرئيس البلاد، ريك مشار، فرّ مساء الثلاثاء، من العاصمة جوبا إلى "بور" عاصمة ولاية
جونقلي، شرقاً، حيث تتواجد قوات حكومية موالية له هناك.
ووفقاً للمصادر التي تحدثت من جونقلي للأناضول، وفضلت عدم ذكر هويتها، فإن "مشار خرج من جوبا ليلاً، مشياً على الأقدام، ووصل إلى بور في ساعات الصباح الأولى من هذا اليوم".
وأضافت المصادر أن "القوات الحكومية الموالية لـمشار في بور، تبسط سيطرتها في هذه الأثناء على المنطقة هناك".
يذكر أن مجموعة عسكرية مسلحة بقيادة ريك مشار، قادت محاولة انقلابية صباح الاثنين، للإطاحة برئيس جنوب السودان
سلفاكير ميارديت، ما أدى إلى اشتباك مسلح مع قوات الجيش المؤيدة لسلفاكير".
وقالت مصادر في جوبا، إنها "محاولة انقلابية قادها مشار، وتعامل معها الجيش الشعبي، وتمكن من إحباطها، فيما لجأ مشار للسفارة الأمريكية في جوبا طالبا الحماية"، وأضافت أن "الجيش لا يزال يتعامل مع بعض الجيوب التابعة للعملية الانقلابية"، حسب وصفها.
وكان رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، شن ليلة الثلاثاء هجوما عنيفا على المجموعة المناوئة له بقيادة ريك مشار، الذي ما زال يشغل منصب النائب الأول في الحزب الحاكم الحركة الشعبية.
وتدرج السلطات في جنوب السودان اسم مشار مع أربعة سياسيين آخرين على القائمة الرسمية للاشخاص المطلوبين.
كما اعتقلت عشر شخصيات بينهم ثمانية وزراء سابقين من الحكومة التي أقالها الرئيس سلفا كير في تموز/ يوليو الماضي.
ومعظم المشتبه بهم من المعروفين في الحزب الحاكم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" وشخصيات تاريخية من التمرد الجنوبي الذي قاتل قوات الخرطوم خلال الحرب الأهلية الطويلة ما بين 1983 و2005.
وبقي مشار رسميا نائبا لرئيس الحركة الشعبية وهو كان على خلاف كبير مع كير داخل الحركة.
وأضاف مشار "ما كنا نريده هو العمل ديمقراطيا على تغيير الحركة الشعبية، لكن سلفا كير يريد استخدام محاولة الانقلاب المزعومة من أجل التخلص منا للسيطرة على الحكومة والحركة الشعبية، لا نرغب فيه رئيسا لجنوب السودان بعد الآن".
وتعود المنافسة بين الاثنين إلى سنوات الحرب الأهلية داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان.
ففي عام 1991 حاول ريك مشار، دون جدوى، الاطاحة بالقيادة التاريخية للجيش الشعبي لتحرير السودان الذي كان سلفا كير من كوادره.
وعلى الإثر انقسمت حركة التمرد على اسس قبلية وانشق عنها مشار لينضم في وقت ما مع قواته إلى جيش الخرطوم الذي استخدمه ضد الجيش الشعبي لتحرير السودان، قبل ان يعود من جديد الى صفوفه مطلع الالفية.
وفي عام 1991 قام فصيل مشار الذي يضم في صفوفه غالبية من قبائل النوير بقتل نحو 2000 مدني من قبائل الدينكا في مدينة بور، وهي القبائل التي ينتمي اليها الزعيم التاريخي للجيش الشعبي جون قرنق ومعه سلفا كير.وحذرت الامم المتحدة من تفاقم هذه النزاعات خصوصا مع توسع المعارك الى مدينة بيبور في ولاية جونقلى في شرق البلاد.
وحذرت اللجنة الدولية للصليب الاحمر مساء الثلاثاء من ان مستشفيات جوبا لم تعد قادرة على استقبال الجرحى "بسبب ارتفاع عددهم وخطورة اصاباتهم".