لم تعد عبارة "منتجات إسرائيلية في الأسواق الأردنية" من العبارات المثيرة للدهشة والانفعال ، ولو قيل كذلك بأن
السجائر الإسرائيلية المهربة أصبحت تغزو الأسواق المحلية، فلن يضفي ذلك أي دهشة أخرى على ملامح السامع.
لكن ماذا لو قيل إن هذه السجائر الإسرائيلية المهربة "سامة"، بالمعنى الدقيق والحقيقي للكلمة، فإن هذه العبارة وحدها من شأنها أن تستوقف السامعين، وتثير دهشتهم.، ولو قيل أيضا إن هذه
السموم "مثبتة مخبريا"، فعندها يكون قرع جرس الإنذار ملزما.
فبحسب صحيفة الغد المحلية، فإن الأمر بدأ اكتشافه من جولة على بسطات للسجائر المهربة في وسط العاصمة عمان، للحصول على عينات من تلك السجائر، وإرسالها إلى مختبرات الجمعية العلمية الملكية لفحصها.
وفي النتيجة، أثبتت الفحوص المخبرية التي أجرتها الجمعية، أن تلك السجائر تحتوي على مواد سمية أعلى من نظيرتها في السجائر الأخرى.
وبحسب نتائج التحاليل، تبين أن السجائر الإسرائيلية المهربة بصنفيها "الأبيض والأحمر"، تحتوي على نسب من "المعادن الثقيلة كالرصاص والزرنيخ والزئبق والكاديميوم".
ووفق خبراء في علم السموم والمعادن الثقيلة، ممن عرضت الصحيفة عليهم نتائج الفحوصات المخبرية، فإن ظهور المعادن الثقيلة في السجائر "الاسرائيلية" التي جمعت عشوائيا من البسطات، يهدد بـكارثة صحية وبيئية.
ودفع هذا الاكتشاف، الخبراء، إلى مطالبة دائرة المواصفات والمقاييس الأردنية بضرورة إدراج فحص المعادن الثقيلة في السجائر، لا سيما الأكثر فتكا بصحة الإنسان، الى جانب إجراء فحوص إجبارية ملزمة لمنتجيها قبل توريدها إلى السوق المحلية او تصديرها إلى الخارج.
ويعزو خبراء من الصحة وجهات نقابية وشعبية مناهضة للتطبيع، انتشار هذه السجائر إلى احتمالين:
الأول أن تكون إسرائيل أعادت شحنات من السجائر الى الجهة المصنعة لعدم مطابقتها للمواصفات الخاصة بالسجائر، واحتوائها على نسب عالية من مكونات التبغ السامة والمسرطنة والمشعة.
بينما ذهب اخرون الى ان اسرائيل، كعادتها، لن تألو جهدا في تدمير صحة شباب الوطن العربي، حتى لو تكبدت هي خسائر مالية، لتوفيرها بأسعار زهيدة، غير أنهم طالبوا الجهات الرسمية بتشديد العمليات الرقابية على المعابر الحدودية، وإحباط محاولات تهريب السجائر.
وما بين هذين الاحتمالين، كان يفترض ان يتم إتلاف هذه الكميات من قبل المصنع المورد لإسرائيل، حسب الأصول المتبعة عالميا، الا ان وجود مناطق حدودية غير مستقرة أمنيا يسهم في تهريبها الى السوق الأردنية، بخاصة عبر الحدود السورية والعراقية والمصرية واللبنانية.
وفي ضوء ضبابية جنسية موزع الدخان المهرب، والتكتم الشديد من قبل بائعي السجائر الاسرائيلية عن المورد، تتبعت الصحيفة البيانات الخاصة في "الباركود" المطبوع على علب السجائر ذاتها، وكشفت المعلومات الراشحة عبر الشبكة العنكبوتية في محرك البحث الخاص عن هذه البيانات أنه تم تصنيعها في إحدى الدول الخليجية، وسط توقعات بتزويرها.
وعلى الرغم من إقرار عدد من بائعي
السجائر المهربة، بخاصة بسطات وسط البلد، تعاملهم مع هذا المنتج، نفت دائرة الجمارك العامة الأردنية، معرفتها بمصدر السجائر المهربة التي دخلت الأردن، مؤكدة عدم توفرها في الأسواق
الاردنية أو ضبط أي كميات منها.
في حين رفض البائع العشريني صاحب بسطة للدخان المهرب بجانب سوق الخضار أن"يبيع الدخان الاسرائيلي لزبائنه" حسب قوله، لكنه استدرك بعصبية: "ما بدي مشاكل، فقد عرض مورد الدخان علي كميات قليلة لأبيعها وأعتقد انه انقطع من السوق الآن والله اعلم".
ويعد الأردن سوقا كبيرة للدخان المهرب من سورية ولبنان والسعودية، في ظل وجود أسواق حرة عند النقاط الحدودية، فيما تتشابه نتائج الفحوص المخبرية للسجائر الإسرائيلية المهربة مع مثيلاتها من بعض أنواع السجائر الصينية، التي تباع أيضا في الأسواق الاردنية، وفي اغلب الدول العربية بشكل كبير.