حاز قرار السلطات
المصرية بوضع الاخوان المسلمين في خانة التنظيمات الارهابية على اهتمام عدد من الكتاب والمحللين العرب، فيما غيبت كثير من الصحف العربية غير المصرية الحدث عن اهتماماتها، باستثناء صحف كويتية أبرزت موقف الحكومة "المحايد" مما يجري من صراع سياسي في مصر.
الكويت تنأى بنفسها
نقلت صحيفة الرأي الكويتية عن مصدر في وزارة الداخلية أن "بلاده لم تتلق من الحكومة المصرية أي شيء يتعلق باعتبار جماعة (الإخوان المسلمين) جماعة إرهابية، من منطلق أن الكويت هي إحدى الدول العربية المنضمة إلى اتفاقية مكافحة
الإرهاب".
واعتبر المصدر أن الأمر برمته على "مستوى عال وكبير من الحساسية".
وتنقل الرأي كذلك عن مدير إدارة العلاقات العامة والاعلام في وزارة الداخلية العقيد عادل الحشاش قوله إن "قرار حظر جماعة (الإخوان) واعتبارهم جماعة ارهابية لا دخل لنا به ولم نتلق أي توجيهات حول الموضوع"، مشيرا أن "القرار يخص جمهورية مصر العربية وهم لهم ظروفهم الامنية والسياسية الخاصة بهم، وهو أمر يختلف عن الموجود في الكويت من أمن مستتب ومواطنين ولاؤهم لوطنهم الكويت".
وفي المقابل حذرت اوساط في الحركة الاسلامية الكويتية من الانجراف إلى "الوحل المصري والقرارات الإرهابية للانقلابيين".
ويرى المحامي محمد الدلال عضو الحركة الدستورية الاسلامية (اخوان) ان "الإرهاب في نظرنا هو إرهاب الكيان الصهيوني الذي احتل فلسطين واراضي عربية أخرى وطرد شعبها وسامهم مر العذاب، والارهابيون حقيقة هم من يدعمون هذا الكيان ويؤازرونه او يعملون على التطبيع معه".
واعتبر الدلال كذلك "الأنظمة الاستبدادية والانقلابية التي عطلت شرعية حكم الشعوب وارادتهم الحرة، وقتلت بني شعبها وفتحت السجون للأصوات الحرة، ووأدت الحريات كالانقلاب العسكري العلماني في مصر من الجماعات الارهابية".
وعن وصف الإسلاميين أخيرا بانهم ارهابيون في مصر وغيرها، أشار الدلال إلى "تقارير منظمات حقوق الانسان العالمية المحايدة التي اثبتت سلمية الحراك المعارض للانقلاب، وبالمقابل فهي دانت وبالوثائق جرائم الانقلابيين ضد الإنسانية وحقوق الانسان".
ودعا الدلال الدول العربية وخصوصا الخليجية "بألا تنجرف إلى الوحل المصري والقرارات الإرهابية للانقلابيين، وأن يكون لها دور ايجابي في التصالح مع الشعب المصري بارجاع الحق إلى الشعب بان يقاد ممن يختاره ديموقراطيا، لا من يقوده بالحديد والنار".
نافعة: قرار سياسي
في الشروق المصرية يظهر الأكاديمي المصري المعروف حسن نافعة "عدم حماسة" اتجاه قرار الحكومة المصرية باعتبار جماعة الاخوان منظمة محظورة، ويقول إنه "قرار سياسي غير مبني على حكم قضائي".
ويرى نافعة أن الاستفتاء القادم على الدستور سيكون بمثابة معمل الاختبار الحقيقي للجميع، مشيرًا إلى أن "الإخوان" يتصورون أن الشعب غرر به من خلال ما سمونه بـ"الانقلاب العسكري".
وأوضح نافعة "إذا خرج الشعب بكثافة يوم الاستفتاء وقال نعم للدستور، سيكون تصويتًا على مضمون الدستور وسحب الثقة من الرئيس المعزول محمد مرسي، ونعم لخارطة المستقبل، وستكون ذلك هزيمة سياسية كبيرة جدا لجماعة الإخوان وحلفائها.
السلطات المصرية تسلك طريق الاسد
تحت عنوان "الإرهاب كثروة وطنية" كتب حسام عيتاني في الحياة اللندنية أن "هناك حكومات تعتقد أن إعلان الحرب على الإرهاب يسهل اندراجها في دول العالم المتحضر ويضعها في موقع الضحية المستحقة للدعم والمساندة من الخارج والتفاف شعبها حولها في الداخل".
وتحت هذه الذريعة "تستخدم تلك الحكومات الإرهاب لإلغاء كل تَطلّب ديموقراطي وكل دعوة من معارضيها لتوسيع قاعدة المشاركة في الحكم. بل يصل الأمر ببعض الحكومات إلى إدراج التلويح بالخطر الإرهابي ضمن ثرواتها الوطنية التي تبيعها إلى العالم الذي يعيش رعباً حقيقياً من الظاهرة هذه منذ هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001".
وهنا يشير الكاتب إلى الرئيس السوري بشار
الأسد الذي "يريد جعل محاربة الإرهاب أولوية في أعمال مؤتمر "جنيف 2". وسورية، في رأيه، تتعرض لاجتياح من المجموعات الإرهابية التي تتكاثر فيها وهي أس المصائب التي تنزل بهذا البلد منذ ثلاث سنوات".
ويضيف الكاتب "ليس كشفاً أن المقاربة هذه ترمي إلى إعادة تفويض الأسد ونظامه حكم البلاد إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، ما دام الجميع يعلم متى تبدأ الحروب على الإرهاب ولا يعرف أحد متى تنتهي. ويدخل طلب تجديد التفويض هذا في باب المراوغة والتهرب الدائمين من تحمل مسؤوليات الأفعال، وهو "النهج الحكيم" الذي يتبعه حكام دمشق منذ عقود".
وهنا يرى عيتاني بأن "السلطات المصرية باتت تسلك نفس طريق الاسد". ويقول "مفهوم أن تتخذ القاهرة كل الإجراءات التي تكفل وقف العمليات الإرهابية على غرار تلك التي ضربت المنصورة قبل ثلاثة أيام، ومفهوم أن تتشدد في مراقبة المنافذ الحدودية كلها، مع غزة وغيرها، لكن ما يدعو إلى الاستغراب فعلاً استغلال الغضب الشعبي بعد جريمة المنصورة للإقدام على اعتبار جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية وتستغل التصنيف هذا لمنع تظاهرات مؤيدي الجماعة المستمرة منذ تموز (يوليو) الماضي والتي لا تجذب حشوداً كبيرة بالمناسبة".
ورغم الغموض في مصير القرار من الناحية القانونية إلا أن "الجلي" من الوجهة العامة التي أملت اعتبار "الإخوان" منظمة إرهابية، تفضي إلى إكمال فصول إعادة سيطرة المؤسسة الأمنية – العسكرية على الدولة مستغلة الكراهية العامة لـ "لإخوان" وفشلهم وعزلتهم"، بحسب عيتاني.
وينتهي عيتاني إلى القول "هذان نموذجان جديدان من (تسليع) الإرهاب".ويضيف "في زمن الركود الدولي هذا، تعج الأسواق ببضائع سياسية مختلفة يحاول باعتها لفت انتباه المشترين الدوليين إليها، قضايا إنسانية ومشكلات عرقية وحدودية وبيئية... السوق مزدحم بالسلع والمشتري متردد. وما من دليل على أن الثروة الوطنية التي يمثلها الإرهاب ما زالت على ذات القدر من الجاذبية الذي كانت تتمتع به قبل عقد من الزمن".