أبدى المحلل
الإسرائيلي المعروف "تسفي برئيل" ترحيبا واضحا بالرئيس
الإيراني حسن
روحاني.
وعدد هرئيل في مقالته بصحيفة "هآرتس" اليوم الأحد، الأسباب التي أوصلته إلى هذه الاستنتاج.
وكتب هرئيل تحت عنوان "أسلوب حسن روحاني هو الرسالة"، " هل تحب روحاني؟ ليس هذا هو السؤال الذي سُئله مواطنو ايران في استطلاعات الرأي العام التي تمت في الدولة في الفترة الأخيرة. لكن عن سؤال "هل أنت راض عن أداء الرئيس؟" أجاب بـ نعم أكثر من 60 بالمئة منهم، بحسب أحد الاستطلاعات وأكثر من 70 بالمئة بحسب استطلاع آخر".
وفيما يلي نص المقال:
هل تحب روحاني؟ ليس هذا هو السؤال الذي سُئله مواطنو ايران في استطلاعات الرأي العام التي تمت في الدولة في الفترة الأخيرة. لكن عن سؤال "هل أنت راض عن أداء الرئيس؟" أجاب بـ نعم أكثر من 60 بالمئة منهم، بحسب أحد الاستطلاعات وأكثر من 70 بالمئة بحسب استطلاع آخر.
لم يكن رئيس ايران حسن روحاني هو موضوع استطلاع الرأي الذي أجرته وكالة رويترز في الشهر الماضي، وبيّن أن 44 بالمئة من الامريكيين يؤيدون الاتفاق الذي وقع عليه مع ايران، وأن 22 بالمئة منهم يعارضونه. هل يؤيدون الاتفاق حقا لأنهم قرأوا مواده وفهموا معناها أو كان الرئيس الايراني هو الذي أحدث الجو الصحيح الذي أحدث التحول في التوجه الى ايران؟.
ثبت في الغرب مدة سنين تصور أن ليس مهما من يكون رئيس إيران لأن الزعيم الأعلى هو صاحب القرار الأخير أصلا. ولم يبدُ امكان أنه قد يكون للرئيس تأثير حقيقي في الزعيم علي خامنئي، لم يبدُ واقعيا البتة كما بدت فكرة أن يسمح خامنئي للرئيس باجراء حوار مباشر مع الولايات المتحدة مقطوعة عن الواقع.
منذ مات آية الله الخميني وانتخب خامنئي زعيما أعلى كان لإيران أربعة رؤساء، ويشهد الفحص عن سياستهم وأعمالهم بأن الرئيس ليس دمية أو ختما مطاطيا. فقد كان لكل واحد منهم أسلوب حكم خاص ومنظومة علاقات دينامية بخامنئي، والشيء الأساسي أن كل واحد منهم غرس أملا أو نفذ خططا بحسب تصوره العام.
فقد دفع علي أكبر هاشمي رفسنجاني الاقتصاد الحر قدما، ودفع محمد خاتمي الحوار بين الحضارات وحقوق المواطن قدما. وكان محمود احمدي نجاد مسؤولا عن صورة ايران الشيطانية، ولم يحجم عن صراع سافر صارخ مع خامنئي. أما روحاني فبدأ مدة ولايته بمصالحة الغرب والحوار معه.
أصبح روحاني لا خامنئي يُرى فجأة هو الممثل لوجه ايران الحقيقي، لا بسبب ابتسامه ولا بسبب صوته الليّن وتربيته الغربية ينجح روحاني في استهواء الغرب. فسبب تقديره أن روحاني والنظام الايراني كله يعتمدان على تقديرات عقلانية للوضع لا على نزوات، ويشفعون ذلك بأسلوب خطابة مناسب لا بالشتائم واللعنات. والشيء الأساسي أنهم نجحوا في أن يعرضوا أنفسهم على الغرب ولا سيما الولايات المتحدة أنهم شركاء مناسبون وأن يصفوا الخيار العسكري بأنه تهديد لا يُعرض ايران وحدها للخطر بل قد يصبح عصا مرتدة على الغرب ايضا.
ليست إيران محتاجة الى إطراءات لسلوكها الجديد لأنها لا تخضع لامتحان قضاة غربيين. بالعكس. بل أصبح اولئك القضاة من الماضي يخضعون لامتحان بعد أن نجحت ايران في انشاء توازن رعب جديد بالتفاوض الدبلوماسي. ويعتمد هذا التوازن على تصور أن مفاوضتها انجاز تاريخي وأنه لا يجوز أن يدعوها تفشل. وهذه هي الطريقة التي يريد روحاني وناسه القديرون كوزير الخارجية محمد جواد ظريف والفريق التقني المختص أن يصوغوا بها منظومة العلاقات بالغرب.
إن عظمة روحاني في أن أسلوبه الجديد هو السياسة نفسها وليس هو وسيلة تسويق فقط. إن حوارا مباشرا مع الولايات المتحدة، ومكالمة هاتفية مع الرئيس براك اوباما، وتعجيل الاتصالات بمجموعة القوى العظمى، وإحداث صورة عامة عظيمة القوة للمزايا التي سيمنحها الاتفاق مع الغرب للاقتصاد الايراني، كل ذلك تحول عن الاستراتيجية التي كانت تستعملها إيران حتى الآن.
ليس روحاني وحده هو الصانع لهذا التحول. فثمة عناصر اخرى لهذا التغيير وهي: الجمهور الإيراني، والعقوبات التي فرضت على إيران، والتهديدات بهجوم عسكري، واستعداد اوباما لتغيير التكتيك، والخشية من تحطم طريقة الحكم في ايران. وربما كانت هذه العناصر آخر الامر تجعل رئيسا مثل احمدي نجاد لو انتخب مثله، يغير الاستراتيجية الايرانية. لكن الحقيقة هي أن روحاني انتُخب ولم يُنتخب واحد من المرشحين المحافظين أو الراديكاليين الذين نافسوا. وهذا هو الشخص الذي سيصحب العالم في السنوات الاربع القادمة وربما في اربع اخرى بعد ذلك. فيحسن أن نبدأ النظر إليه لا باعتباره شريكا في اتفاق فقط بل باعتباره حامل بشرى ايضا.