بعد جدل عميق وتأخير طويل لم يكن يدور بخلد أعضاء
الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة أن آخر عقبة في طريقهم صوب جنيف-2 ستكون من داخل الائتلاف نفسه، ومن قانونه الداخلي الذي يحظر على الائتلاف وأعضائه الحوار أو التفاوض مع نظام
بشار الأسد، الأمر الذي أجبر الائتلاف على عقد جلسة خاصة بهذا الموضوع الذي انقسم الأعضاء حياله إلى قسمين اثنين: الأول يرى ضرورة تعديل هذه المادة والثاني يرى عدم وجود ضرورة لتعديلها كون الحوار والنقاش سيدور على فترة انتقالية يُفترض ألا يكون للأسد دور فيها، ما يذكرنا بمبادرة الحوار التي أطلقها الرئيس السابق للائتلاف الشيخ معاذ الخطيب والتي على إثرها غادر الائتلاف.
وأمام اصرار الفريق الأول اضطر الائتلاف - الذي يعقد هذه الأيام اجتماعات خاصة خارج مدينة استنبول بهدف مناقشة قرار حضور مؤتمر جنيف- 2 - إلى عقد جلسة خاصة اليوم السبت بهدف تعديل هذه المادة ومن ثم التصويت على القرار النهائي إن صدر.
قرار لم يستطع الائتلاف إصداره منذ أكثر من أربعة أشهر لأكثر من سبب، لعل أبرزها رفض القوى العسكرية وتهديد المجلس الوطني والانسحابات المتكررة، والتي كان آخرها في اجتماع الائتلاف قبل عشرة أيام.
وإذا ما أصرت الأمم المتحدة على الموعد الذي أعلنته لعقد المؤتمر وهو 22 يناير فإن أربعة أيام فقط تفصلنا عن هذا المؤتمر الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، واستمر التحضير له من قبل الأمم والمتحدة وروسيا وأمريكا قرابة السنة.
هذه الأيام الأربعة، وحال الائتلاف هذه قَسَما المراقبين والمحللين السياسيين إلى فريقين: الأول يرى عدم إمكانية عقد المؤتمر الكبير خلال هذه المدة القصيرة، بينما ذهب الفريق الثاني نحو فرضية (فرط) هذا الائتلاف والعودة إلى المجلس الوطني السوري أو تشكيل جسم سياسي جديد وخصوصا بعد الانسحابات والاستقالات الأخيرة التي كان أبرزها انسحاب رئيس الائتلاف السابق الشيخ معاذ الخطيب والناطق الرسمي باسم الائتلاف لؤي صافي (تراجع عن استقالته قبل أيام)، ورئيس الوزراء المنشق رياض حجاب الذي توقع البعض أن يكون هو الرئيس الحالي للائتلاف، لكنه خسر الانتخابات أمام الجربا والدكتور كمال اللبواني.
الدكتور كمال اللبواني قال لـ "عربي 21" إن "مؤتمر جنيف- 2 هو عملية عبثية، والذهاب إليه أشبه بعملية الانتحار التي ستقضي على الثورة والشعب معا، لأن من سيوقع على جنيف- 2 سيكون ملزما بتنفيذه وتنفيذ بنوده التي ستحافظ على البنية الأمنية والعسكرية لنظام الأسد".
كما طالب اللبواني بحل الائتلاف الذي فقد شرعيته وأضاف "الائتلاف أكد في رسالة سرية أرسلها لبان كي مون حضوره جنيف- 2 ونص الدعوة التي جاءت للائتلاف تقول: يرجى تأكيد حضوركم، لذلك يجب العودة إلى الشعب لتشكيل جسم سياسي جديد يكون ممثلا حقيقياً للثورة والثوار".
المجلس الوطني السوري والذي يشكل المكون الرئيس للائتلاف ما يزال مصرا على موقفه الرافض لهذا المؤتمر ورفض حضوره.
وفي آخر اجتماع للائتلاف هدد المجلس بالانسحاب، وهو ما رآه البعض مناورة من قبل المجلس الذي يستطيع إسقاط الائتلاف لو أراد.
وقال المجلس في آخر بيان له "نرفض المشاركة في مؤتمر جنيف في ظل المواقف السياسية الإقليمية والدولية التي صمتت عن معاناة الشعب السوري والمجازر الوحشية التي يرتكبها النظام وحلفاؤه الطائفيون، وتعارض ذلك مع أهداف الثورة السورية وثوابته".
القوى العسكرية، والتي تسيطر عليها الكتائب الاسلامية مثل جبهة النصرة والجبهة الاسلامية وجيش المجاهدين ما تزال هي أيضا مصرة على موقفها المبدئي الرافض لحضور هذا المؤتمر وحوار نظام بشار.
الناطق باسم لواء أمجاد الاسلام التابع لجيش المجاهدين أبو الهيثم أكد في اتصال مع "عربي 21" أن "كل من سيذهب إلى جنيف-2 لا يمثل من همْ على الأرض الذين يرفضون الجلوس مع من قتل إخوانهم وشعبهم". وأضاف "جنيف-2 هو بازار لبيع الثورة للغرب مقابل ما قدمه بشار الأسد من تنازلات عن الكيماوي".
وختم أبو الهيثم بقوله: "بعد التوقيع سيستخدم الغرب البند السابع ولكن ضد الثوار إن لم يلتزموا بقرارت جنيف-2".
جماعة الإخوان المسلمين أيضاً أكدت في آخر تصريح لها "أن استمرار الصمت الدولي عن جرائم بشار ونظامه، يحول دون توفير المناخ الملائم لأي حل سياسيّ يحقق لشعبنا حريته التي ثار من أجلها ويُديم الكارثة الإنسانية التي تُسبِّبها العصابة الحاكمة، بأشكالها المتعددة، ويجعل الذهاب إلى مؤتمر جنيف-2 غير ذي جدوى وضَربا من العبث والتفريط بحقوق الشعب السوري الأبي وثورته المجيدة".
الاتحاد الديموقراطي السوري أكد في تصريح لـ "عربي 21" أن "كل أطياف المعارضة السياسية السورية لا تمتلك تصورا واضحا ومحددا حول المشاركة في جنيف-2".
وطرح الاتحاد في تصريحه تساؤلين اثنين "الأول عمن سيمثل النظام من رموزه الذين لم تتلوث أيديهم بدماء السوريون؟ والثاني من في النظام الأسدي يمتلك تفويضا سياسيا كاملا ولم تتلوث أيديه بالدماء ؟".
أما كتلة العمل الوطني من أجل
سوريا ، وفي اتصال مع "عربي 21"، فقد ذكرت "أن جنيف-2 عملية سياسية مفروضة على الشعب السوري، ولم تكن خياره الرئيسي، وقد حاول السوريون مرارا الحل السياسي، ولكن الذي دمره طرف واحد فقط، وهو النظام الذي فضل دمار البلاد والعباد على اتخاذ قرار في مصلحة الشعب، وهو التنحي عن الحكم بعد أن لفظه شعبه، وأن الثورة لم تقم لإيجاد مخرج لبشار الأسد وإنما لينال هؤلاء المجرمون جزاءهم العادل".
اليوم – وكما هو متوقع - سيُسدل الستار على أهم وأخطر قرار سيتخذه الاتئلاف الذي خرج الثوار في أكثر من جمعة، وهم يرفعون لافتات تؤكد تمثيله لهم ولثورتهم ولوطنهم، هذا القرار -وبحسب المراقبين - إما أن يؤدي إلى تأجيل جنيف- 2 في حال رفض الائتلاف حضوره أو (فرط) الائتلاف وإنهاء مسيرته، مع الاحتمال الثالث لا يمكن استبعاده في ضوء الضغوط العربية والإقليمية والدولية التي يتعرض لها الفاعلون في مشهد المعارضة السورية.