قال الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، الحزب الحاكم في
الجزائر،
عمّار سعداني "إنّ الرئيس
بوتفليقة سيترشح لانتخابات الرئاسة في الوقت المناسب ولن يتراجع عن ذلك وهو مرشح حزب جبهة التحرير الوطني ".
جاءت تصريحات سعداني رداً على منتقديه من المعارضة الذين شككوا في تصريحات سابقة له، مفادها أنه يقوم بمهمة "انتحارية" لما أعلن عن ترشح وشيك للرئيس بوتفليقة لانتخابات الرئاسة المقررة يوم 17 نيسان/ابريل القادم، متحديا جميع من قال إن الوضع الصحي للرئيس لن يسمح له بالبقاء في الحكم لفترة رئاسية أخرى.
وكان سعداني خاطب محافظي الحزب في اجتماع بمقر الحزب اليوم في العاصمة الجزائرية لحثهم على جمع توقيعات ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة، حيث يشترط القانون المتعلق بالانتخابات، جمع 60 ألف توقيع من المواطنين كشرط للسماح له بالترشح.
ولم يقدم الرئيس بوتفليقة، حتى الآن، استمارة الترشح لانتخابات الرئاسة بعد أن أعلنت وزارة الداخلية بدء تقديم الاستمارات اعتباراً من السبت الماضي ( 18 كانون ثاني/يناير)، حيث قدم 42 مترشحاً استمارات ترشح، أغلبهم ليس لهم شهرة على مستوى الجزائر.
وكان آخر من أعلن تقدمه لانتخابات الرئاسة، "الخصم اللدود" لبوتفليقة، وهو علي بن فليس، البالغ من العمر 69 عاماً، حيث أعلن ذلك في تجمع حاشد بالعاصمة، الأحد 19 كانون ثاني/يناير، وتعهد بمحاربة الفساد وفتح مجال الحريات و الانفتاح السياسي، ملمحاً أن بوتفليقة لم يفعل ذلك من وجهة نظر المعارضة.
واستفز "صمت " الرئيس بوتفليقة إزاء ترشحه من عدمه، الطبقة السياسية، ما دفع الأمينة العامة لحزب العمال، اليساري،
لويزة حنون، لمخاطبته بالقول " أيها الرئيس تكلم".
وقالت حنون في تصريح ل"عربي21" ، إنه "بات حتمياً على الرئيس بوتفليقة أن يخاطب شعبه، إزاء المخاطر المحدقة بالبلد، حول الانتخابات الرئاسية".
وستعلن، الجمعة، لويزة حنون، ترشحها لانتخابات الرئاسة، في ثالث مشاركة، بعد موعدي 2004 و2009. وهي المرأة العربية الوحيدة التي تتقدم لانتخابات الرئاسة .
وحذرت حنون مما وصفته "سيناريوهات تعدها بعض الأطراف (لم تسمها) من أجل إجراء تعديل دستوري طفيف يستحدث فيه منصب نواب رئيس الجمهورية"، وقالت إن"تلك الأطراف لا يهمها أن تحرق الأخضر و اليابس من أجل مصالحها الشخصية".
وقالت إن "هؤلاء يزعمون أنهم يدعمون الرئيس بوتفليقة وفي الحقيقة لا يريدون إلا مصالحهم"، ولم تذكر حنون من تتهمهم، لكنه يبدو واضحا أنها كانت تستهدف الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني نظراً لإصراره على بوتفليقة بأن يعلن ترشحه لانتخابات الرئاسة، حيث يتردد أنه "يرغب بمنصب نائب رئيس الجمهورية".
من جهته، دعا عبد المجيد مناصرة، رئيس حزب" جبهة التغيير" الإسلامي، المعارض اليوم، الرئيس بوتفليقة إلى "تحرير المشهد السياسي" والإعلان عن موقفه من الانتخابات.
وقال مناصرة ل"عربي21" إن الجزائر بحاجة إلى رئيس " يتحمل المسؤولية و لا يختفي عند الأزمات ولا يحمل أخطاءه لغيره ويبرئ نفسه، بل يتحمل نتائج قراراته وسياساته بكل شجاعة "، وأضاف" من غير المقبول أن يكون المرشح فاسداً أو متحالفا مع الفساد والفاسدين فلا رئاسة لفاسد".
ولم يستجب بوتفليقة لنداءات تطالبه بالخروج عن صمته، كما نأى بنفسه عن الأزمة الحاصلة داخل الحزب الحاكم، رغم أنه يرأسه بصفة شرفية.
ويعتبر حزب جبهة التحرير الوطني، الجهاز السياسي للسلطة محل الاستخدامات لصالح مرشحها في كل الاستحقاقات الانتخابية التي عرفتها البلاد.
لكن الحزب الحاكم، ظهر عاجزاً عن أداء دوره ، هذه المرة، بسبب عدم وضوح الرؤية إزاء موقف بوتفليقة من الانتخابات، وإن كان سيتقدم لها أم لا؟.
وتذهب قراءات محللين إلى أن الأزمة التي تخندق فيها الحزب ، تعكس أزمة أخرى اخطر وأشد في أعلى هرم السلطة، بين مؤيدي ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة وبين الرافضين لها.
وقالت لويزة حنون ل"عربي21" " إن الأمر لا يتعلق بمجرد وعكة سياسية كما وصفنا سابقا، ولكن يعكس أزمة حادة في أعلى هرم السلطة". داعية بوتفليقة إلى "وقف نزيف الإشاعات بالخروج إلى الشعب".
وقال القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني، المعارض، عبد الكريم عبادة،لـ"عربي 21" اليوم، انه سيودع غدا الخميس طلب ترخيص من اجل عقد دورة استثنائية للجنة المركزية من أجل انتخاب أمين عام جديد بديلا عن سعداني.
وذكر عبادة، في تصريحٍ حصريٍ لـ"عربي21" أن الأمين العام السابق للحزب، عبد العزيز بلخادم "قد انضم إلينا ووقع على وثيقة طلب تريخيص عقد دورة اللجنة المركزية الاستثنائية".
ويعد هذا عاملاً جديداً في عوامل الصراع القائم باعتبار أن لبلخادم أنصاراً كثراً في الحزب الحاكم وبمقدوره قلب الموازين في غير صالح عمار سعداني، بينما يخشى سعداني، عدم ترشح بوتفليقة لأن مصيره السياسي مرتبط به.
وتشير قراءات إلى أن "تخلي" بوتفليقة عن "الجهاز" وهو الحزب الحاكم، مرده شعوره ب" الاكتفاء" بولاء مؤسسة الجيش، إذ يقوم بلقاءات متكررة مع قائد أركان الجيش الفريق قايد صالح لاستعلام الوضع الأمني، في مشاهد تلفزيونية مقتضبة، توحي بان الرجل متحكم في زمام الحكم وباستطاعته الترشح بمباركة، فقط، مؤسسة الجيش.