تعج
وسائل الإعلام المصرية في الأيام الأخيرة، بكم هائل من المقالات والتصريحات والمقابلات التلفزيونية، تحمل نفاقا لقائد الإنقلاب وزير الدفاع عبد الفتاح
السيسي، بشكل لم تعرفه مصر من قبل.
وتشهد مصر الآن منافسة حامية بين كبار المسؤلين والصحفيين والفنانيين في التزلف للسيسي وإطرائه، وسط مطالبات له "بالتفضل" على الشعب المصري، والموافقة على الترشح في انتخابات الرئاسة المقبلة.
ولم يعلن السيسي، الذي عزل الرئيس محمد مرسي في يوليو الماضي في إنقلاب عسكري، حتى الآن بوضوح خوضه انتخابات الرئاسة المقبلة، واكتفى بالقول إنه سيترشح إذا طلب الشعب ذلك وفوضه الجيش.
السيسى فوق الدنيا
وتحولت احتفالية لإحياء ذكرى ثورة 25 يناير أقامتها القوات المسلحة، الخميس، وحضرها الرئيس المؤقت عدلى منصور، إلى حفل لنفاق السيسي ومطالبته بالترشح للرئاسة.
وغير المطرب إيهاب توفيق في كلمات أغنية "أحلف بسماها وبترابها" إحدى الأغنيات الوطنية الشهيرة لعبد الحليم حافظ، وحولها إلى أغنية لمدح السيسي، قائلا: "ما تغيب الشمس العربية، طول ما السيسى فوق الدينا".
كما بدأت القنوات الفضائية الخميس، عرض أغنية بعنوان "عايزينك" تطالب السيسي بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وتؤكد أن المصريين يريدون السيسي حاكما عليهم.
ويقول مطلع الأغنية "عايزينك علشان عايزين نعيش فى أمان شوية، عايزينك ولازم تعرف يا سيسى المسئولية، فوضناك وبأمر الشعب فلتحيا الحرية، عايزينك يا سيسى عشان تفرح بهية"
المسئولين
ولم تتوقف حملة
النفاق للسيسي عند الفنانين، بل امتدت إلى كبار المسئولين في الدولة، حيث قال حازم
الببلاوي رئيس الوزراء: "إن الذين يطالبون السيسي بالترشح لرئاسة الجمهورية، ليسوا من الجيش فقط، مشيرا إلى أن المطالبات تأتي من الشوارع خاصة النساء لكونه "رجلا وسيما".
وقدم الببلاوي، في مقابله له على هامش منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا الخميس، وصلة إطراء لوزير دفاعه، قائلا إنه يؤيد ترشحه للرئاسة، مشيرا إلى أن "السيسي يحظى بشعبية كبيرة، مثل الجنرال الفرنسي شارل ديجول والأمريكي أيزنهاور، وأنه رمز قومي يلعب دورا في تحريك الجماهير في لحظات مصيرية للغاية"، على حد قوله.
وفي احتفالات عيد الشرطة التي عقدت بأكاديمية الشرطة الخميس، وحضرها عدلى منصور رئيس الجمهورية المؤقت، وعدد من الفنانين والإعلاميين قال اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية: "إنه يكن للسيسي كل التقدير والاحترام والمودة والإعزاز، من أعماق وجدانه بوصفه نموذجا فريدا لقائد فذ، نافذ البصيرة، متسع الأفق، حازم الرأي، لم يتوان أو يتأخر لحظة، عن تقديم كافة أنواع الدعم للمؤسسة الأمنية في ملحمة سيخلدها التاريخ".
وبعدها وقف السيسى لاستقبال تحية الحضور له وسط تصفيق حاد.
يختار أبواب شقق الضباط
واستمرارا لحملة النفاق المستعرة للسيسي، قالت الصحفية غادة شريف في مقال نشرته الخميس في صحيفة "المصري اليوم": "إن السيسي بخبرته فى الإدارة، استطاع أن يطور المؤسسة العسكرية، بداية من الزي ونهاية بالأسلحة والمعدات، مروراً بالتعليم والتواصل بين كل قائد وجنوده".
وأضافت "السيسي يهتم بالعدالة، فقد أصر على المساواة بين الوحدات السكنية، التى تبنيها القوات المسلحة لمختلف الرتب، كما يهتم بالتفاصيل، حتى إنه تدخل فى تصميمات الشقق، وصلت إلى حد أنه رأى بنفسه سبعة نماذج لأبواب الشقق على مرات متتالية، ولم يرض إلا عن النموذج السابع، وكأنه يختار تصميمات لتجهيز شقق أولاده الأربعة".
وكانت غادة شريف، قد نشرت مقالا في شهر أكتوبر، بعنوان "بس انت تغمز" تعرض فيه نفسها على السيسي كجارية أو ملك يمين، ليفعل بها ما يشاء.
وفي نوفمبر الماضي، أثارت قصيدة تمتدح السيسي بعنوان "نساؤنا حبلى بنجمك"، ونشرتها صحيفة "الوطن الكويتية"، ردود فعل ساخطة من جانب السياسيين والنشطاء، على مواقع التواصل الإجتماعي.
وجاء في القصيدة: "حتما تجيء.. نورا يزغرد في الحَلكْ.. فتزفنا خُضرًا إلى أسمائنا الأولى ..وتفك أسر أميرتكْ.. يا سيدي.. الخفق لكْ.. والعزف لكْ.. خُذنا معكْ.. فنساؤنا حبلى بنجمك في الفلك".
ووصل التسابق في نفاق السيسي حدا جعل الصحفي حمدي رزق يعبث بآية قرآنية، في مقال كتبه بصحيفة "المصري اليوم" في شهر سبتمبر الماضي، قال فيه "إنا عرضنا الأمانة، الوطن أمانة، وَحَمَلَهَا السيسى، إنه كان قائدًا جسورًا".
وقال الصحفي مصطفى بكري في مقال له بصحيفة "الأسبوع"، موجها خطابا للسيسي "أدرك أنك زاهد، وعفيف النفس، ولم تسع إلى منصب أو ملذات الدنيا، فأنت قريب إلى الله، وتقتدي بسيرة الرسول وصحبه في الزهد".
وتابع بكري مخاطبا السيسي "أيها المقاتل الجسور، نناشدك، كلامك أوامر، لقد من الله علينا بك يا سيادة الفريق، لتعيد لهذا الوطن مجده بعد طول انكسار".
تسييس لإرادة الشعب
وقال الدكتور أحمد دراج، القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير، والقيادي السابق بحزب الدستور: "إن تصريحات الدكتور حازم الببلاوي، رئيس الوزراء، بدعمه لترشح السيسي لرئاسة لجمهورية، يدل على عدم الحنكة وتسييس لإرادة الشعب".
وأشار دراج في تصريحات لصحيفة "البديل"، إلى أنه "لا يجوز أن يعلن رئيس الحكومة تأييده للسيسي صراحة بهذا الشكل، داعيا الببلاوي للتقدم باستقالته، لأنه اثبت فشله في كل المستويات".
وسخر الكاتب محمد فتحي في مقال له بصحيفة "الوطن" الإثنين بعنوان "ماذا سيفعل السيسى مع منافقيه؟ من تلك التصريحات قائلا "بعضهم يمارس تبشيراً بالرجل كأنه دين جديد أو إله يجب أن نعبده".