كتبت صحيفة الاندبندنت،السبت، مقالة افتتاحية بعنوان: "بعد ثلاثة أعوام من التظاهرات والاحتجاجات،
مصر في خطر الانزلاق مرة أخرى نحو القمع"، تناولت فيها الأوضاع السياسية في الذكرى الثالثة لثورة يناير. وتقول الافتتاحية إن "لا شيء يدعو للاحتفال في مصر" بعد ثلاثة أعوام من
الثورة التي أطاحت بمبارك، مضيفة إن التفجيرات التي ضربت القاهرة أمس، بعد أقل من إسبوع من الاستفتاء على دستور جديد قيل أنه بداية لفجر جديد، تشير إلى أن الديموقراطية أصبحت أبعد مما كانت عليه.
وأضافت الصحيفة إن "أحداث العنف الأخيرة ليست حادثا معزولا، فقد بدأت هذه الهجمات بعد
الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي في تموز/ يوليو الماضي وتصاعدت كثافة هذه الهجمات بشكل مطرد، مع استمرار الإضطرابات" والعنف المميت ضد المتظاهرين.
وتقول الصحيفة إن فترة رئاسة مرسي قصيرة العمر لم تترك له الكثير من الشعبية، ومع ذلك "فهو قائد منتخب قام الجيش بالإطاحة به بناء على طلب من الغوغاء". ومنذ سقوطه من السلطة، أصبحت البلد خاضعة لإدارة قائد الجيش عبد الفتاح
السيسي وأصبحت مصر تنزلق أكثر فأكثر للوراء".
وتشير الصحيفة إلى مظاهر العنف التي عانت منها مصر تحت قيادة السيسي ابتداء "بالهجوم الدموي وفك الاعتصام الذي خلف وراءه المئات من القتلى وآلاف الجرحى"، مرورا بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وقمع أعضائها وسجنهم. وتقول الإندبندنت إن الإسلاميين لم يكونوا الجهة الوحيدة التي شعرت بقسوة النظام، بل عانى من ذلك "المعارضون من كل لون، سواء كانوا ناشطين علمانيين، صحافيين وحتى اعضاء سابقين في البرلمان".
وأشارت الصحيفة إلى تقرير منظمة العفو الدولية (أمنستي انترناشونال) الذي حذرت فيه من حالة القمع والملاحقة ومحاولة سحق المعارضة التي تمارسها السلطات في مصر "بشكل غير مسبوق".
وفي الوقت نفسه تقول الصحيفة إن "الاستفتاء الإسبوع الماضي على الدستور لم يؤد إلا لتعزيز سلطة العسكر والحد من حرية التعبير والتجمع".
وفي الوقت الذي تم فيه تمرير المسودة وبنسبة أعلى من تلك النسبة التي حصل عليها دستور مرسي عام 2012 ، لكن أي حملة تدعو بـ "لا" للدستور تم قمعها. وأعلن الإخوان المسلمون مقاطعتهم للدستور، فيما لم يشارك قطاع واسع من سكان الأرياف الذين يشعرون بالتهميش وليس هناك ما يدفعهم للمشاركة في الاستفتاء على حد قول الصحيفة.
وتقول الصحيفة إن مسألة ترشيح السيسي للرئاسة حضرت بقوة بعد الاستفتاء مع وجود "تلميحات كثيرة لذلك"، فقد تظاهر الآلاف في القاهرة هذا الإسبوع من أجل ترشيح السيسي، مع أن الجنرال لم يقرر بعد رسميا الدخول في الحلبة. وتضيف افتتاحية الإندبندنت إن السيسي سيفوز بلا شك إذا قرر الترشح، "فبعد ثلاثة أعوام من عدم الاستقرار أصبح المصريون يشعرون بالرغبة الماسة لقائد قوي، والسيسي الذي أصبح له أتباع معجبون به لحد العبادة، مع تلميحات بأنه يشبه الزعيم القومي جمال عبد الناصر" أصبح بنظر الكثيرين الرجل القوي المؤهل لإعادة الاستقرار المفقود.
وتأمل الصحيفة أن يقرر السيسي الدخول في السباق على الرئاسة، فمن الأحسن أن يقود البلاد مباشرة مع إمكانية إزاحته بطريقة ديموقراطية بدلا من الاستمرار في شد الخيوط من وراء الستار. وبدخول السياسة "فسيضطر لأن يضع خطة متماسكة لمشاكل بلاده الكثيرة بدلا من الاستمرار بتوبيخ من جاءوا قبله". وفي حالة فشله "فلن يصفح المصريون عنه كما فعلوا مع مرسي".
وتنهي الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن مشهد الديموقراطية في مصر لا يبدو ورديا، ولكن الجني الذي خرج من قمقمه في عام 2011 لن يعود إلى الزجاجة!