نفذت الحكومة
العراقية التي تحاول قمع الثورة السنيّة في الأنبار العام الماضي 1200 عملية إعدام، وفي الأسبوع الماضي صادق نوري
المالكي على إعدام 26 شخصا بتهمة الإرهاب.
وما يجري في العراق جعل روبرت فيسك يقول إن إعدامات المالكي تفوقت على الإعدامات التي جرت في عهد صدام، ثم ردد قائلا: " مات صدام .. عاش صدام".
و قال فيسك "بالنظر إلى قائمة الإعدامات المروعة التي نفذتها الحكومة الحرة الديمقراطية التي شكلتها أمريكا، وبلغت حوالي 500، فكلها تشير إلى تزايد ظاهرة الصدامية وازدهارها في أرض الرافدين".
وأوضح فيسك أن الرجال والنساء الذين أعدموا العام الماضي نفذ الحكم عليهم بناءً على "اعترافات انتزعت منهم قبل المحاكمة وأثناء التعذيب، وسبق تنفيذ الحكم عليهم في معظم الحالات، مقابلات تلفازية مسجلة اعترفوا فيها بارتكاب "الجرائم".
وينقل عن المحامي البريطاني أختر رجا قوله للصحافيين إن "تقاليد الاعتماد على الاعترافات في المحاكم العراقية متجذر في النفسية العراقية"، مضيفا أن هذه التقاليد تعود لصدام والتي على ما يبدو مررت بسهولة للنظام القضائي العراقي، وتتمثل في افتراض اقتراف الجريمة. وقال موضحا "عندما كان يظهر المجرم الشرير في التلفزيون العراقي أيام القائد العظيم، لم يكن أحد يشك للحظة في براءته، والأمر كذلك اليوم".
ويقول رجا "عندما تذهب إلى العراق وتتحدث إلى الناس هناك؛ الليبراليون والمتعلمون بشكل جيد من الذين تتوقع معارضتهم لهذه الممارسات، فإنك تعثر على العكس، ويبدو أنهم راضون عن هذه الاعترافات". ويقول فيسك إن رجا يبدو مؤدبا في تحليله لان "الكثير من العراقيين يصرون على حكم الإعدام، كما قالوا لي، حتى لو كان الضحية بريئا".
ويشير فيسك إلى أن رجا يقوم بالمرافعة نيابة عن عبدالله القحطاني، وهو مواطن سعودي متهم بعملية سطو مسلح على محل مجوهرات في تشرين الثاني/ نوفمبر قتل فيها صاحب المحل. وتم إبلاغ المحكمة أن السرقة كان غرضها تمويل النشاطات "الإرهابية"، وأصدرت المحكمة عليه حكما بالإعدام، وبالإضافة لذلك أصدرت المحكمة عليه حكما بالسجن لمدة 15 عاما لدخوله العراق بطريقة غير قانونية "من أجل القيام بأعمال إرهابية"، وحتى نضيف لهذه القائمة، تم اتهام القحطاني بالتورط في هجمات وتفجيرات استهدفت عددا من الفنادق في بغداد في 25 كانون الثاني/يناير 2010. ولم يتم تحديد موعد للاستماع إلى تلك التهم والمرافعة عنها "هذا إن كان القحطاني لا يزال على قيد الحياة".
ويكشف فيسك أن المشكلة في كل تلك الاتهامات هي أن رجا أثبت بناءً على وثائق الحكومة العراقية أن القحطاني كان معتقلا في الفترة ما بين 4 تشرين الأول/ أكتوبر و6 نيسان/إبريل 2010 في محافظة الأنبار بناءً على تهم تتعلق بدخول البلاد بطريقة غير قانونية، وعليه فالاتهامات الموجهة إليه لا يمكن أن تكون صحيحة، لأنه كان في "يد الحكومة" في الوقت الذي يتهم فيه بارتكاب جريمة السطو والقتل.
ويضيف فيسك "ليس مهما، أخبرني رجا أنه ذهب لزيارة القحطاني في زنزانته العام الماضي وتحدث إليه مدة 90 دقيقة، ولاحظ علامات السجائر على جسده، وعلق من رسغيه وضرب حسبما يقول رجا، وكما يقول القحطاني تعرض للضرب بمكنسة وجرح عضوه الخاص... أخفف من هذه التفاصيل من أجل عائلته، ولكن هذه هي نفس الممارسات التي يتعرض لها أي سجين مثله، فما عليك سوى أن تنظر للعلامات على وجوههم عندما يتم عرضهم على التلفزيون. ويضاف إلى ذلك أن كل المتهمين في حالة القحطاني تراجعوا عن التهم الموجهة إليهم بناء على أن الاعترافات انتزعت منهم أثناء التعذيب".
ويقود فيسك قارئه إلى النقطة الأكثر سوادا، وهي أن كل المتهمين مع القحطاني نفذ حكم الإعدام بهم، ومن هنا يخشى رجا على حياة القحطاني وإمكانية إعدامه في أي وقت، وكذا منظمة العفو الدولية (أمنستي إنترناشونال).
ويقول فيسك إن القحطاني معتقل الآن في سجن الكاظمية حسب رغبة رئيس الوزراء نوري المالكي، وهو نفس السجن الذي تنفذ فيه أحكام الإعدام، وفيه أعدم صدام حسين.
ويكشف التقرير أن الجلادين في العراق، ورغم انشغالهم الدائم بشنق وإعدام "الإرهابيين" لم يتعلموا بعد فن الإعدام، "ولا تعتقد أن الموت يأتي سريعا في العراق لمن رضوا بقدرهم، فقد أخبرني مفتش سجون غربي عن حالة حدثت في سجن الكاظمية، حيث أمر سجين بالوقوف على مقعد ولف حول عنقه حبل الإعدام، ثم دفع منه لكنه نجح بالقفز إلى الأرض. وعندها قاموا بتقصير الحبل وطلبوا منه العودة للمقعد ودفعوه مرة أخرى، ولم تنجح العملية، وقاموا بحفر البلاط والإسمنت تحت المقعد، ولم تنجح، وعندها أخذوه لزاوية من الزنزانة وأطلقوا عليه النار".
ويختم بالقول "في تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي تم تقديم 42 شخصا أمام مشنقة الإعدام في سلسلة من الإعدامات الجماعية، وبعضهم أعدم في 10 تشرين الأول/ أكتوبر في اليوم العالمي ضد تنفيذ حكم الإعدام. وفي الشهر الذي تبعه أعدم 11 شخصا في يوم واحد بتهم تنفيذ "هجمات إرهابية"، وبحسب محمد الديني، النائب السنّي في البرلماني العراقي، والذي تعرض لمحاولة اختطاف في مطار بغداد عام 2009، ويعيش الآن في عمان (هناك مليوني عراقي يعيشون في الخارج )، فإن العراقيين "يواجهون اليوم موتا غير مسبوق"، ولا "يمكن مقارنته بالفترات السابقة". حسنا أفكر الآن بشخص واحد يستحق الرحمة، أي القحطاني. ختم فيسك.