خصصت صحيفة "الإندبندت" اللندنية افتتاحيتها للحديث عن قرار الحكومة البريطانية قبولها أخيرا استقبال عدد من
اللاجئين السوريين من ذوي الحالات الأكثر إلحاحا.
وقالت "كان هناك تراجع [عن قرار] يمكن الافتخار به فهذا التراجع بالتأكيد حري بالافتخار، حيث لم يكن بالإمكان الدفاع عن أخلاقية قرار عدم استقبال اللاجئين السوريين ولذلك فإن تأكيد نائب رئيس الوزراء بأن
بريطانيا ستفتح أبوابها أخيرا لأكثر الحالات إلحاحا من بين ضحايا الصراع في سوريا أمر يستحق الثناء بدون تحفظ".
ولكن الصحيفة عابت على الحكومة تأخرها في هذا القرار وأكدت أن الأمر اقتضى أسابيع من الضغط من السياسيين بما فيهم (نك كليغ نائب رئيس الوزراء وزعيم الليبراليين الأحرار) ومؤسسات العون والمؤسسات العاملة مع اللاجئين بالإضافة إلى حملة تعاونت فيها صحيفة "الإندبندنت" لدفع الحكومة كي تعود إلى رشدها. وفي الواقع فتوقيت هذا الإعلان مباشرة قبل موعد تصويت حول الموضوع في البرلمان كانت حكومة الإئتلاف ستخسر فيه يشي بحقيقة الأمر.
وتضيف الصحيفة أن تصرف الحكومة بناء على السياسات الداخلية أمر مفهوم إلى حد ما حيث أنه من شبه المؤكد أنها لن تدرك الهدف الذي وضعته لنفسها بخصوص اعداد المهاجرين مما جعل المحافظين في الحكومة يغلقون الباب أمام اللاجئين السوريين مع أن هناك 1100 سوري من بين طالبي اللجوء في بريطانيا، ولكن هذا الرقم لا يظهر أمام إدخال عدد من اللاجئين مرة واحدة فسيحظى بشئ من الدعاية.
وتشير الصحيفة إلى أن تفهم الأسباب لا يعني الإعفاء من المسؤولية وأنه من الصعب قبول خلط الأولويات الفاضح إزاء حقيقة ما يحصل في سوريا، حيث قتل أكثر من 100 ألف شخص على مدى ثلاث سنوات بالإضافة الى تحطيم حياة الملايين وتخريب مساحات واسعة من البلاد وتشريد 8 ملايين شخص بالإضافة إلى 2.4 مليون شخص لجأوا إلى الأردن وتركيا ولبنان. وضخامة حجم المأساة اضطر الأمم المتحدة أن تطلق مناشدة إغاثة هي الأضخم في تاريخها وقيمتها 4 بلايين جنيه استرليني (6.64 بليون دولار أمريكي) وطلبت من الدول الغنية إعادة توطين 30 ألف لاجئ حالاتهم ملحة كضحايا التعذيب والأطفال.
وتثني الصحيفة على تبرع الحكومة بمبلغ 600 مليون جنيه استرليني (960 مليون دولار أمريكي) وتقول أن الحكومة ظنت أن تبرعها المالي هذا كان كافيا وحاولت الإصرار على أن الدعم سيقدم بهذه الطريقة وهذه فقط، الأمر الذي لم يكن مقنعا. حيث أن الأعداد الكبيرة لا تسمح بإختيار هذه الطريقة أو تلك للمساعدة وليست الأعداد المقترحة عقبة حيث تبرعت 18 بلدا للمشاركة في العبء مما يجعله محتملا لكل منهم ومن المقرر أن تكون حصة بريطانيا 500 لاجئ على أكثر تقدير.
ومع أن الصحيفة تبارك الخطوة التي اتخذتها الحكومة إلا أنها تقول أن هناك عيبا فيها وهي أن الحكومة ستقوم باستقبال اللاجئين خارج إطار الأمم المتحدة لأنها لا تريد أن تكون هذه سابقة قد تعني التزامات مستقبلية غير مرغوب فيها وفي رأي الصحيفة فإن الأمر يستحق المجازفة كي لا يكون هناك مجهود إغاثي دولي وتكون بريطانيا بعيدة عنه ومع أن بريطانيا لم تعد تلك القوة العسكرية أو الاقتصادية إلا أن بإمكانها ان تضرب مثلا في العمل الإنساني.