برغم أنه مركز موال لسلطات الانقلاب، ولا تتسم استطلاعاته بالحيادية الواجبة، إلا أن "مركز
ابن خلدون للدراسات الإنمائية" أظهر في أحدث
استطلاع رأي أجراه أن المرشح الرئاسي الأكثر حظاً للفوز بانتخابات الرئاسة هو المشير عبد الفتاح
السيسي وزير الدفاع، بنسبة متدنية لا تزيد عن 54.7%.
وتُعد هذه النتيجة اعترافا مبكرا بهزيمة آلة الدعاية المتواصلة التي تحاول إقناع الشعب
المصري بالاستقرار على ترشيح السيسي، لا سيما إذا علمنا أنه ليس هناك منافسون أقوياء في مواجهته، كما أنه يستند إلى دعم مؤسسات الدولة قاطبة.
وذكر موقع المركز على الإنترنت أنه طبقا لنتائج الاستطلاع يأتي في المرتبة الثانية الفريق أحمد شفيق (المرشح الرئاسي السابق، وأحد رموز عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك) بنسبة 13.5%، في حين أن نسبة 12.1% من العينة اختارت شخصية أخرى غير المطروحة أسماؤهم، بحسب المركز، دون أن يشير الاستطلاع: أين ذهبت النسبة الباقية، ومقدارها نحو 20% من المستطلعة آراؤهم، وهل هم مقاطعون أم مترددون ..إلخ؟
ويرأس مجلس أمناء المركز الدكتور سعد الدين إبراهيم، وهو شخص شديد التعصب ضد التيار الإسلامي، والإخوان المسلمين، كما أنه شديد الموالاة للإدارة الأمريكية، وكان دائم السفر إليها بهدف تحريضها على الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي طيلة سنة حكمه، كما أنه كان عنصرا أساسيا في الوفود التي سافرت إلى أوروبا والولايات المتحدة بعد حدوث الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو 2013، بهدف إقناع الساسة هناك بأن ما حدث ليس انقلابا.
وضمت تلك الوفود وقتها "نادر بكار" ممثلا عن حزب النور. واعترف سعد الدين إبراهيم مؤخرا بأن جهود هذه الوفود حالت دون اتخاذ واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي إجراءات أشد ضد سلطات الانقلاب بمصر.
ويضم مجلس أمناء المجلس في عضويته كلا من رجل الأعمال: نجيب ساويرس، والناشطة السياسية: منى مكرم عبيد، وكلاهما قبطي متعصب ضد الإسلاميين عموما، وقد تشاركا مع سعد الدين إبراهيم زياراته المشار إليها إلى دول العالم للتمكين للانقلاب.
احتمال الصعوبات بدون ضمانات
وعودة إلى نتائج استطلاع الرأي. فقد أجراه مركز إبن خلدون تحت عنوان: "أولويات احتياجات المصريين من الرئيس القادم". وخلص فيه إلى أنه في حالة فوز المرشح الذي سيصوت له المواطن، كانت النسبة الأعلى تميل إلى احتمال صعوبات المرحلة أيًا ما كانت، وبدون شروط ولا ضمانات بنسبة (51.6%)، تليها نسبة (45.7%) سيتحملون الصعوبات التي ستواجه الرئيس الذي سيختارونه ولكن بشروط وضمانات وخطة واضحة، تليها نسبة (2.7%) لن يتحملوا أي صعوبات قادمة.
وفي حالة فوز مرشح أخر غير الذي سيصوت له المواطن، بحسب الاستطلاع، كانت النسبة الأعلى تميل إلى وضع شروط وضمانات تجعلهم يتحملون الصعوبات، إذ وصلت نسبتهم إلى (57.4%)، تليها نسبة (30.5%) سيتحملون الصعوبات أيًا ما كانت، وبدون شروط ولا ضمانات، تليها نسبة (11.7%) لن يتحملوا أي صعوبات قادمة.
وعن تفائل المواطنين بالمرحلة القادمة أظهرت النتائج نتيجة مضحكة للغاية، إذ زعمت أن أغلب عينة الاستطلاع متفائلة بعام 2014 وبمستقبل مصر بوجه عام، حيث وصلت نسبة المتفائلين والمتفائلين جدًا مجتمعة إلى (70.4%) موزعة بين (36.3%) متفائل جدًا، و(34.1%) متفائل!!
واتفقت النسبة الأعلى من العينة على أن تحقيق الأمن ومحاربة الإرهاب يأتي في المرتبة الأولى. فيما جاء في المرتبة الثانية ضرورة النهوض بالوضع الاقتصادي. وكان في المرتبة الثالثة القضاء على البطالة.
بينما جاءت في نهاية أولويات المواطنين في المرحلة القادمة، وتحديدا في المرتبة الحادية عشرة: الاستقلال الوطني فيما يتعلق بهويتنا الفكرية ومواقفنا السياسية.
وفي المرتبة الثانية عشرة إصلاح قيم المجتمع. وفي المرتبة الثالثة عشرة استعادة دور مصر دوليًا وإقليميًا. وكان الاحتياج الأخير والأقل أهمية في قائمة احتياجات المواطن العادي هو مسألة إنجاز المحاكمات "السياسية" الخاصة بالمتورطين في جرائم الفساد السياسي وقتل الثوار من قيادات الأنظمة السابقة.
المواطن سيكتفي بالفرجة
وقالت داليا زيادة المدير التنفيذي للمركز: "تعني هذه النسب ضمنيًا أن المواطن العادي مقتنع بأن دوره سينتهي بمجرد انتخاب رئيس للجمهورية لينتقل بعدها إلى مقعد المتفرج مرة أخرى، وأن الرئيس القادم يجب أن يكون مسؤولا وحده عن حل كل المشكلات دون مشاركة حقيقية من المواطن".
وقالت إن مركز ابن خلدون أوصى في أكثر من مناسبة بضرورة قيام مرشحي الرئاسة بإطلاع الناس على تحديات المرحلة القادمة وتشجيع المواطنين على المشاركة في حلها كسبيل أساسي وربما أوحد لحل الأزمات التي تواجه مصر حاليًا، وعلى رأسها كما ورد في ترتيب أولويات الاحتياجات في هذا الاستطلاع مسألتي: الوضع الأمني، والوضع الاقتصادي".
وأضافت: "من الملفت للنظر أن المرشحين الأوفر حظًا (المشير عبد الفتاح السيسي والفريق أحمد شفيق) يتمتعان بخلفية عسكرية، كما أن المرشح الأقل حظاً على الإطلاق (الفريق سامي عنان) هو الآخر يتمتع بخلفية عسكرية، بما يعني أن اختيار المصريين للرئيس القادم قائم على مجموعة من المصالح التي ارتأوا إمكان تحقيقها على يد السيسي أو شفيق باعتبارهما رجال دولة.
وأضافت زيادة: "من الطبيعي أن تكون أولويات المواطنين هي احتياجاتهم الاساسية علي عكس ما يتوقع البعض، ولكن الانسان يحتاج الي الأمن والغذاء والنهوض بالوضع الاقتصادي قبل البحث عن القتلة، وإنجاز المحاكمات"، بحسب مزاعمها.
تناقض.. وغياب مصداقة
وتتعارض نتائج هذا الاستطلاع، وما أشارت إليه داليا زيادة، مع نتائج استطلاع آخر أجراه المركز نفسه حول هوية الرئيس القادم لمصر، وخلص في نتائجه إلى أن 61% من عينة الاستطلاع يريدون رئيساً مدنياً، بينما 30% فقد يريدون أن يكون الرئيس القادم ذا خلفية عسكرية، ونسبة 9% فقط تريد الرئيس القادم "عسكريا في الخدمة".
ويعكس تضارب نتائج الاستطلاعين الصادرين عن المركز نفسه، أزمة المصداقية التي تنتاب دراساته، ودرجة التوجيه والتلوين التي تتسم بها استطلاعاته، فضلا عن اختيار توقيت مريب لإجراء استطلاعات معينة مثل هذا الاستطلاع الأخير، الذي يرجح فوز السيسي بالانتخابات الرئاسية، برغم عدم إعلانه ترشيح نفسه، وعدم فتح الباب للترشح أصلا.