وصف الكاتب الصحفي محمد حسنين
هيكل "مهمة إنقاذ
مصر في أزمتها الراهنة" بأنها "شبه مستحيلة"، محذرا في هذا الصدد من أن مصر أمام أزمة مياه طاحنة، وأزمة طاقة كبيرة، وأزمة غذاء. وطالب بحل هذه المشكلات، كي تضع مصر نفسها على طريق المستقبل.
وألح هيكل على ملف المياه. وقال: "أعتقد أنه فى ظرف ثلاث أو أربع سنوات إذا لم تجد حلا حقيقيا فأنت أمام حالة جوع مائي، ولا تقل لى إن أحدا لديه جوع مائي، ولا يجد ما يروى أرضه، ولا ما يشرب به، ثم تكلمني عن حاجة ثانية.. أنا لست واقفا على طريق المستقبل، ضعني أولا على هذا الطريق. وإذا لم تجب عن هذه المخاطر الوجودية التي تهدد البلد فما تطرحه يظل مجرد كلام".
وفي حواره مساء السبت 8 شباط/ فبراير 2014 مع عدد من الكتاب والصحفيين والأدباء، الذي نقلته إحدى الفضائيات، ونشرت مناقشاته الصحف المصرية الأحد- قال هيكل: "قبل الحديث عن المستقبل لابد أن تكون متأكدا أنك على طريقه، وأعتقد أننا بعيدون جدا عنه، بل نحن في هذه اللحظة -تقريبا- في حالة تيه فى الصحراء".
لسنا على طريق المستقبل
وتابع هيكل: "المهمة التي تنتظر أي رئيس قادم هي: من فضلك ضعني على طريق المستقبل".
وأضاف: "يجب أن نعرف الحقيقة، وكيفية مواجهتها.. لسنا على طريق المستقبل، عندما نحدد ماذا نريد، الحرية والعيش والكرامة، هذا صحيح لكن لم توصف الأوضاع التى أنت فيها كما ينبغى، وكلها لا توصلك للمستقبل، ولا تفكر فى ضوء ما ينبغى أن تعرف من حقائق.. عليك أن تعرف أين أنت؟ وكيف تتحرك نحو المستقبل؟ ثم متى تبدأ؟، ليست أمامك خطوة واحدة.. أمامك خطوات عدة متمثلة فى معرفة الحقيقة، ومواجهتها، وحل لهذه المشكلة الوجودية".
واسترسل: "الشعب المصرى لا يبحث عن بطل لكنه يبحث عن أمل، وقد عانى طوال العصور الماضية، وهو يبحث عن أمل، وهناك مسألة مهمة هى أنه يجب ألا يرد احتمال الفشل على بال أحد فى المرحلة المقبلة، لأن الفشل فى المرحلة الراهنة معناه نتائج كارثية، والشعب تحمل أكثر مما يستطيع أن يتصوره أحد، كما أن الأوضاع الحالية لا يمكن أن تستمر، وطريق الندامة لا ينبعي أن يكون واردا، لأننا وصلنا إلى حالة أن تكون أو لا تكون، ومن وهنا يجب أن نبدأ".
وأضاف: "توزيع الثروة في مصر لم يكن في يوم من الأيام بمثل البذاءة التي عليها الآن، ولا فائدة من برامج تطرح دون وجود موارد".
قلق على السيسي ومنه
كان هيكل كشف في تصريحات سابقة النقاب عن أنه التقى المشير السيسي مرات عدة قبل الانقلاب، وبعده، وأثنى عليه في كل حواراته. فيما أبدى السيسي إعجابه بهيكل، واعتبره "كاتبه المفضل" وقد تمت ترجمة هذا الغزل المتبادل بينمهما فيما يبدو في علاقة قوية نسجت خيوطها خلف الأحداث، حتى أعلن هيكل تأييده للسيسي، معتبرا إياه "رئيس ضرورة" لمصر، فيما اعتبره البعض "عراب الانقلاب"، باعتباره من أشد الداعمين له.
لكن هيكل نفى بشدة أن يكون هو من يكتب البرنامج الذي سيخوض السيسي به انتخابات الرئاسة المزمعة. وإن كان اعتبر المشير بلا ظهير سياسي، ودعا لتشكيل جبهة وطنية تضع مصر على طريق المستقبل، كما قال.
وقال: "أعتقد أن السيسي مرشح ضرورة". وأضاف: "أنا قلق على المشير السيسي لأن جمال عبدالناصر اشتغل في السياسة أما عبدالفتاح السيسى فضابط في المؤسسة العسكرية، ولم يكن له دخل بالسياسة. وحتى هذه اللحظة رأينا المشير السيسي في معارك دفاعية، ونراه اليوم يتقدم إلى معارك هجومية فى ميدان لم يتأهل له، وهو مرشح ضرورة يحتاج إلى كل البلد، وإذا تصور أحد أننا نتكلم عن بطل منقذ فنحن نتكلم عن وهم، أنت تريد رجلا قادرا على اتخاذ قرار مستقبل، وحركة نحو المستقبل، وعليه أن يدرك أن كل البلد لابد أن تكون حاضرة، ولا يغيب فيها طرف".
مجلس أمناء بمشاركة رؤساء الأحزاب
هيكل تابع الحديث بالقول: "أتصور أن هناك رئيسا قادما، وأريد أن أمنحه كل الفرص ليرى الحقيقة ويصارح الناس بها، والشعب كله يكون حاضرا بطريقة الوعى، وليس بطريقة الانفعال، والإحساس بقدر المسئولية، وليس بالجموح".
وأضاف: "لابد من مجلس أمناء للدولة والدستور مع الفريق السيسي، وأتصور أن السيسي معندوش الظهير وراه.. وأتصور مجلس أمناء الدولة والدستور بمشاركة كل رؤساء الأحزاب فى مصر وممثلى كل القوى شبه جبهة وطنية منظمة.. السيسى عنده تأييد شعبى لكن ليس له ظهير سياسى، لا ينوى أن يؤلف حزبا، ولا أتصور ذلك، فكرة البطل المنقذ "شيلها من دماغك أنا عايز رجل يجىء إلى المسئولية، وهو مقدر للمسئولية، وعارف هو يقدر يعمل ايه بالبلد وبالناس وبأفكار كل الناس".
وتابع: "هذا الرئيس يحتاج جبهة مؤتلفة، وليست مندمجة.. كل أطرافها مستقلون، لكن لديها إرادة اتفاق على الطريق، المرحلة المقبلة لا تتحمل ما نحن فيه الآن".
وانتقد ممارسة الحرية بالطريقة السائدة فى المجتمع المصري قائلا: "أرى أمامى بلدا ينتحر بدعوى الحرية". وأضاف: "الوضع الذى تعيشه مصر غير قابل للاستمرار، ولست خائفا على الحرية فالشعب حاضر وموجود بقوة لكن ممارسة الحرية على النحو السائد الآن تضعنا فى حالة فوضى". واختتم بالقول: مصر تحتاج إلى "تجريدة" فكرية تخطيطية، وليست عسكرية".
شارك بالحوار مع هيكل في الصالون كل من: الدكتور مصطفى حجازي المستشار السياسي للرئيس المؤقت، والروائي بهاء طاهر، والروائي يوسف القعيد، وياسر رزق رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم، ونائب مدير مركز الأهرام للدراسات الدكتور عماد جاد، والكاتبة الصحفية فريدة الشوباشى، ومحمد عبد الهادي علام رئيس تحرير جريدة الأهرام.