قالت صحيفة "الغارديان" في تقرير لها عن الانفجار السكاني في
مصر، إن البلد يكافح من أجل احتواء المشكلة التي أدت إلى زيادة التوترات الاجتماعية في البلد خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وقادت بشكل غير مباشر إلى ثورة عام 2011 التي أطاحت بنظام حسني مبارك.
وأشار كاتب التقرير باتريك كينغزلي إلى أن عام 2012 سجل 560.000 ولادة، أي بنسبة أعلى من عام 2010، وذلك حسب الأرقام الجديدة، وهي أعلى نسبة زيادة منذ بدء التسجيلات. ويتوقع أن يؤدي استمرار الزيادة في عدد السكان إلى تجاوز مصر دولا أخرى مثل اليابان وروسيا بحلول عام 2050، حيث يتوقع خبراء السكان أن يصبح العدد حوالي 137.7 مليون نسمة.
ونقل كينغزلي عن مجيد عثمان، مدير المركز الإحصائي المعروف "بصيرة" قوله "لم يحدث هذا من قبل، أي قفزة خلال عامين فقط" من ناحية عدد السكان.
وينظر للزيادة السكانية باعتبارها "قنبلة اجتماعية موقوتة"، إذا لم يتم التصدي لها، فستؤدي إلى نقص شديد في المصادر الطبيعية المصرية، وستؤدي إلى ندرة في فرص العمل، وستسهم في حدوث حالة من الإحباط الاجتماعي.
وما سيؤدي إلى تدهور الأوضاع هو أن نسبة 60% من عدد السكان هم تحت سن الثلاثين مما يعني التقليل من فرص العمل.
وبسبب الزيادة، لن تكون مصر قادرة على تقديم برنامج تعليمي ناجح والحفاظ عليه كما يقول عثمان، ويضيف "في حالة زيادة عدد السكان فأنت بحاجة لزيادة موازية في عدد الفصول الدراسية. فقد شهدت الفترة ما بين 2006- 2012 زيادة 40% في الولادات، مما يعني أنك بحاجة إلى 91.000 فصل دراسي جديد للحفاظ على مستوى الفصل الدراسي كما هو، والمرتفع عدد طلابه أصلا في الوقت الحالي؛ 40 طالبا على الأقل، و60 في بعض المديريات".
وينضم في كل عام إلى سوق العمل أكثر من 80.000 شخص، والذي يعاني من مستوى بطالة يصل إلى 13.4% . ومن هنا يتوقع أن تزيد نسبة البطالة بشكل كبير، مما سيقود إلى زيادة في حالة الاحتقان والغضب الشعبي. هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار الزيادة المستمرة في عدد الولادات والتراجع في عدد الوفيات.
ويقول البرفسور حسين سيد، أستاذ الإحصاء في جامعة القاهرة "الآن لديك مستوى أعلى في نسبة البطالة، خاصة بين الخريجين الشباب من الجامعات". وبدون أمل وفرص عمل، سيصاب هؤلاء بالإحباط ويصبحون مصدرا لعدم الاستقرار، "وكان هذا عامل دفع كبير لحالة عدم الاستقرار عام 2011".
ويرى التقرير أن زيادة عدد السكان ستؤدي إلى تجفيف منابع مصر الطبيعية، حيث يعاني البلد من نقص حاد في الماء والكهرباء والقمح ونقص في الاحتياطي الأجنبي لتمويل المساعدات الإضافية. وبحسب هالة يوسف، مديرة المجلس الوطني المصري للسكان "إنها قضية حاضرة في كل موضوع في مصر".
ويقول خبراء إن سياسة التحكم بعدد السكان والتي كانت ناجحة بشكل نسبي في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي بدأت تتراخى في السنوات الأخيرة من حكم مبارك، وتم تجاهلها بشكل كبير في أثناء الفوضى التي أعقبت ثورة عام 2011.
وتلقي يوسف اللوم والتهمة على العام الذي حكم فيه محمد مرسي مصر، حيث تقول إن المجلس توقف عن العمل، وقالت أن إدارة مرسي لم تلق بالا لموضوع التخطيط الأسري.
ويقول التقرير إن التحكم بعدد السكان في عهد مرسي نظر إليه كمحاولة للتأثير على الحياة الأسرية التقليدية، وهو ما لا يتوافق مع الرؤية الإجتماعية المحافظة للإخوان المسلمين.
وبحسب الإحصائيات التي قام بها سيد وزملائه؛ فالنواب الإسلاميون الذين انتخبوا للبرلمان عام 2012، كان لكل واحد منهم أسرة بمعدل 5-6 أفراد، مما يعني أنهم لم يكونوا يدعمون برنامجا يشجع الناس على التوقف عند ولدين فقط.
ولكن عثمان يقول إن القيم المحافظة السائدة في العقدين الماضيين هي واحد من العوامل التي أدت للانفجار السكاني.
فالتغيرات في أنظمة الإسكان في التسعينات من القرن الماضي سهلت على الأزواج الانتقال إلى بيوت جديدة، مما قاد إلى الحمل والولادة، كما أن قلة الوظائف المتوفرة للإناث جعلت النساء يركزن على الأمومة ورعاية البيت.
وفي الأعوام الثلاث الأخيرة لم يتم الالتفات للشؤون الصحية وما يتعلق ببرامج التوعية لمنع الحمل. وفي الوقت الحالي هناك 65% من النساء يستخدمن حبوب منع الحمل.