كشف المعلق المعروف في صحيفة "واشنطن بوست" ديفيد إغناتيوس عن اجتماع جرى على مدى يومين في واشنطن لمسؤولي الإستخبارات العرب والدول الجارة لسورية.
وحضر الاجتماع مسؤولو استخبارات كل من قطر والأردن وتركيا، ومدراء استخبارات دول اقليمية أخرى تلعب دورا في دعم المعارضة السورية، وكذا وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف الذي حل محل الأمير
بندر بن سلطان في إدارة الملف السوري بسبب آلام في الظهر، ولأن قيادته (أي بندر) للملف لم ترض المسؤولين السعوديين. وكان هدف الاجتماع تعجيل حل الملف السوري وكيفية دعم المعارضة السورية.
والتقت مسؤولة الأمن القومي سوزان رايس الأمير محمد بن نايف لمناقشة الإستراتيجية حول سورية. لكن مصادر حذرت قائلة من أن الرئيس أوباما لا يزال قلقا من تصعيد كبير يقتضي تدخلا عسكريا مباشرا للقوات الأمريكية. وقال الكاتب إن الولايات المتحدة تعارض فكرة مناطق حظر جوي، مع أنها تدعو إلى معابر إنسانية لتقديم الدعم للمحتاجين السوريين.
ويعلق الكاتب قائلا إن دور الأمير محمد بن نايف الإشرافي يعكس القلق السعودي ودول الجوار لسورية حيال تصاعد قوة القاعدة داخل المعارضة السورية، وكوزير للداخلية يقوم الأمير محمد بتنسيق سياسة مكافحة الإرهاب التي تقودها بلاده، وهو الدور الذي يدفعه للاتصال والعمل القريب مع الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) والمؤسسات الأمنية الأخرى.
ونقل الكاتب عن مصادر قولها إن المجتمعين اتفقوا على التنسيق والتعاون في مجال الدعم الذي يذهب مباشرة للمعارضة المعتدلة بدلا من جبهة النصرة أو الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).
ويتساءل الكاتب إن كان من السابق لأوانه الحديث عما إذا كان التعاون تجميليا، أو أنه يعكس تحولا مهما، لكنه في النهاية يظل محاولة لتعزيز المعارضة الضعيفة بشكل مزمن، والتي خسرت في الفترة الماضية الكثير لصالح كل من نظام الرئيس بشار الأسد والتنظيمات الجهادية المقربة من القاعدة.
ويرى الكاتب أن تنسيق المساعدات بين مختلف الدول المانحة سيكون خطوة مهمة، خاصة أن الدعم كان يتعثر في الماضي بسبب التنافس بين قطر وتركيا من جهة، والسعودية والأردن من جهة أخرى، وكان الوضع واضحا في شمال سورية، أي جنوب الحدود التركية التي كانت جماعات القاعدة تستفيد منها.
وناقش قادة المخابرات العرب والأمريكيين خطوات لتزويد المعارضة بالسلاح، وفيما إن كانت ستشمل أسلحة ثقيلة مثل الصواريخ المحمولة على الكتف والمضادة للطائرات المعروفة اختصارا باسم "مانباد"، ولدى السعوديين كميات كبيرة منها، ومستعدون لشحنها للمعارضة، ولكنهم يريدون قبل ذلك دعما من إدارة أوباما التي لا تزال مترددة في منح السعوديين الموافقة الرسمية.
وأضاف إغناتيوس إن سي آي إيه نظمت جهودا لتدريب المعارضة معظمها الآن يجري في معسكرات في الأردن، ويتم تدريب 250 مقاتلا في الشهر. ويبلغ مجموع الذين تلقوا تدريبات ضمن برنامج سي آي إيه حوالي 1000. ومع أن المعسكرات تدار ويشرف عليها مسؤولون من وحدات المخابرات الأمريكية، إلا أن البرنامج يقتضي حضورا ومشاركة للأجهزة الأمنية العربية الأخرى، والتي حثت الولايات المتحدة على مضاعفة جهودها في التدريبب، ولكن الأمريكيين يريدون التأكد من قدرة المعارضة المسلحة على استيعاب المقاتلين الإضافيين من هذا البرنامج.
وعلق الكاتب على عملية تعديل القيادة وبنية المجلس العسكري في المعارضة على أنه سيتناسب مع التحالف المخابراتي الجديد. فقد كان القائد السابق اللواء إدريس مدعوما من الولايات المتحدة نظرا لقدرته على التواصل معها بسهولة، ولكنه لم يكن يملك ذلك التأثير الكبير على الساحة والمقاتلين معه.
وتحدث عن القائد الجديد، العميد عبد الإله البشير الذي انشق عن الجيش النظامي العام الماضي، ويتمركز الآن في القنيطرة جنوب سورية، وفقد ابنه في المعارك، وهذا وضع جيد، حيث يقوم بالتنسيق مع نائبه هيثم الفيسه من منطقة إدلب في الشمال. وأثنى الأمريكيون عليه بسبب مواجهته للدولة الإسلامية في العراق والشام.
ويقال إن القيادة الجديدة للجيش الحر تعمل مع جبهة ثوار سورية، وهي جماعة معتدلة يقودها جمال معروف الذي التقى الأسبوع الماضي مع أحمد الجربا المدعوم من
السعودية ورئيس الإئتلاف. ويقول المراقبون العرب إن دعم السعودية للقيادة السياسية في المعارضة والقيادة العسكرية إشارة جيدة بعد الخلافات التي جرت بينهما.
والأهم من ذلك هو أن كلا من الولايات المتحدة والسعودية تعملان معا، ومن جديد في الملف السوري بعد عام من الخلاف المر. هذا التحالف لن يؤدي للإطاحة بالرئيس الأسد في القريب العاجل، لكنه سيخفف من حدة الخلاف.