محمد فتحي، شاب يطلق لحيته، دخل أحد أقسام الشرطة
المصرية بمحافظة الجيزة؛ للاطمئنان على صديقه، الذي ألقي القبض عليه في إحدى المظاهرات، المناوئة للسلطة الحالية، فتم احتجازه بالقسم.
" خلي (دع) أبو دقن ده هنا لغاية ما نشوف حكايته إيه"، عبارة قالها ضابط شرطة بالقسم، لأحد مرؤوسيه، وهو يسلمه فتحي، تكشف عن أن "اللحية"، باتت في حد ذاتها، محل اشتباه لصاحبها.
احتجاز الشخصيات الملتحية في مصر، بدأ بعد
الانقلاب على الرئيس الملتحي، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي في 3 تموز/ يوليو الماضي.
وزادت وتيرة الاحتجاز للشخصيات الملتحية، بعد تعدد عمليات التفجير، التي تبنتها جماعة "أنصار بيت المقدس"، التي يظهر أعضاؤها الملتحون، في مقاطع فيديو، يبثونها عبر موقع التواصل الاجتماعي "يوتيوب"، معلنين مسؤوليتهم عن تفجيرات، تحدث بين الحين، والآخر، في أماكن مختلفة في مصر، وتخلف وراءها قتلى، وجرحى، ويتوعدون بمزيد من التفجيرات، ضد قوات الجيش، والشرطة.
الرجل الملتحي في مصر أصبح شخص مشكوك فيه من قبل رجال الأمن، خاصة في الأكمنة، التي يقيمونها، في بعض الأماكن الحيوية على الطرق، بالقاهرة، والمحافظات، مثل مترو الأنفاق، ومحطات السكك الحديدية، ولحين نفي التحريات الأمنية لتلك الشكوك ، يبقى الرجل الملتحي رهن الحجز، وهو ما حدث مع فتحي، الذي قال: "بعد يومين من الحجز، تم الإفراج عني بعد أن أثبتت التحريات انتمائي، إلى عائلة ليس لها تاريخ مع العمل السياسي".
وتابع: "بذلت عائلتي مجهودا ضخما لتحريك هذه التحريات، بشكل سريع، وذلك من خلال محام شهير، يتولى قضايا العائلة".
فتحي الذي قضي يومين رهن الاحتجاز، كان يمكن أن يخرج مباشرة فور القبض عليه، لو أنه يمتلك بطاقة عضوية في "حزب النور" السلفي، كما حدث مع المواطن، الذي ألقي القبض عليه في الإسكندرية، وبمجرد أن أطلع رجال الأمن، على بطاقة عضويته بحزب النور، أخلي سبيله"، بحسب مقطع فيديو، تم تداوله على موقع التواصل الاجتماعي، "فيس بوك".
ويعد حزب النور، ذو التوجه السلفي، من أبرز الكيانات المؤيدة للسلطة الحالية في مصر، وشارك ممثل عنه في الجلسة التي عقدها وزير الدفاع عبد الفتاح
السيسي مع رموز الأحزاب، والشخصيات العامة، قبل إعلان عزل الرئيس محمد مرسي.
وتكررت حالة شاب الإسكندرية مع كثير من الملتحين، الذين يترددون على محطات المترو القريبة، من مناطق تظاهرات "التحالف الوطني لدعم الشرعية" المناصر لمرسي.
وقالت صحيفة "الوطن" المملوكة لرجل الأعمال محمد الأمين، والموالية للسلطة الحالية، في عددها الصادر الثلاثاء الماضي إن "وجود شخص ملتح في محطات المترو القريبة، من مكان التظاهرات، بعد فض الأمن لها، يصبح مسار قلق بالنسبة لرجال الأمن" بحسب قول أحدهم للصحيفة.
وأضاف: "لا نحجز أحد تعسفيا، ولكن القلق من تسلل الإخوان للمترو وقت المظاهرات، يحتم علينا الحذر الشديد، حتى لو نتج عن ذلك بعض المضايقات الفردية لبعض الأشخاص".
الناشط الحقوقي بهي الدين حسن، رئيس مركز القاهرة للدراسات الحقوقية، لا يتعجب من وجود مثل هذه المضايقات في هذا التوقيت قائلا: "الواقع تجاوز مثل هذه المشكلة، يا ليته يقف عند هذا الحد، الذي يهون أمام ما يتم رصده يوميا، من انتهاكات، وتعذيب بالسجون".
ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من وزارة الداخلية المصرية حول ما جاء على لسان المتحدثين بالتقرير، غير أن الوزارة دائما ما تنفي وجود حالات تعذيب بالسجون، كما نفى مسؤولون بها في وقت سابق تتبع الملتحين بدون سبب، مشيرين إلى أن من يتم القبض عليهم يكونون متهمون بالقيام بأعمال عنف.