أعلنت أحزاب مجموعة من الأحزاب المقاطِعة لانتخابات
الرئاسة المقررة يوم 17 نيسان/ أبريل في
الجزائر، تشكيل "
تنسيقية" لها، كما قررت نقل معارضتها للمسار الانتخابي المطعون فيه بنظرها، من المكاتب الى قاعات التجمعات، وقررت مجتمعة تنظيم الوقفة الأولى لقياداتها يوم الأربعاء القادم.
وإضافة الى هذه الوقفة، قررت الاحزاب
المقاطعة والاشخصيات الوطنية المنضوية تحت لواء "تنسيقية الاحزاب والشخصيات الوطنية المقاطعة لانتخابات الرئاسة في الجزائر" تنظيم تجمع شعبي حاشد يوم الجمعة 21 آذار/ مارس بقاعة "حرشة" بالعاصمة لدعوة المواطنين للمقاطعة وتحميل السلطة العمومية مسؤولية منح الرخصة القانونية بدلك.
وتم الإعلان عن تأسيس "التنسيقية" بعد اجتماع عقدته الأحزاب المشاركة فيها بمقر حركة "النهضة" الخميس، وضم كلا من رئيس "التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية" العلماني محسن بلعباس، والامين العام لحركة "النهضة" الاسلامية محمد دويبي، ورئيس حركة "مجتمع السلم" الاسلامية عبد الرزاق مقري، إضافة إلى ممثل عن رئيس حزب "جيل جديد" جيلالي سفيان، وهو مرشح منسحب من السباق، وكذلك المترشح المنسحب اسماعيل سعداني وممثل عن "جبهة العدالة والتنمية" الاخضر بن خلاف. كما ضم الاجتماع رئيس الحكومة الاسبق احمد بن بيتور الذي أعلن انسحابه من السباق الرئاسي قبل ثلاثة ايام.
ونددت "التنسيقية في بيان لها عقب اجتماع قادتها الخميس والذي استمر حتى ساعة متأخرة من الليل؛ بشدة بما أسمته "منع المسيرات والوقفات، وقمع المشاركين فيها"، وأكدت "تعاطفنا مع ضحايا هذا القمع".
ويشير بيان التنسيقية التي خرجت من رحم الحراك السياسي المناهض للولاية الرابعة للرئيس عبد العزيز
بوتفليقة؛ إلى حملة الاعتقالات التي قامت بها الشرطة ضد الصحفيين والنشطاء الخميس، خلال تجمع لحركة "بركات" وسط العاصمة، حيث اقتيد العشرات من المثقفين المناهضين لبوتفليقة الى مراكز الشرطة قبل إطلاق سراحهم.
وتعتبر هذه اول خطوة أريد لها ان تكون موسعة من قبل قادة الاحزاب السياسية المقاطعة والشخصيات الوطنية، وذلك بعد ان اتخذت في السابق قرارات مقاطعة فردية أو قرارات اشتملت على توافق حزبي ضيق مثل ذلك الذي قام بين التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية وحركة مجتمع السلم (حمس) وحركة "النهضة".
وتشير التطورات الاخيرة الى بداية توسع جبهة المعارضة المقاطعة في إطار شامل بغية إعطاء مصداقية وفاعلية للقرار امام السلطة قبل نحو اربعين يوما من
انتخابات الرئاسة.
وأوضح قادة "التنسيقية" بأن "الازمة السياسية القائمة لا تتعلق بالعهدة الرابعة فقط، رغم ان هذه العهدة هي المظهر الاسوأ لنظام حكم مترهل، وجب العمل على تغييره بالطرق السياسية السلمية" .
وقال الامين العام لحركة "النهضةّ" محمد دويبي في تصريح خاص لـ"عربي 21": "في اعتقادنا لا يزال أمامنا مشوار هام لتجسيد الحريات في الجزائر، الأمر الذي يتطلب مزيدا من الجهد والعمل مع الأحزاب السياسية الجادة والتواقة إلى تكريس الفعل السياسي المبني على القواعد السليمة والذي يوفر أجواء المنافسة بين مختلف هذه الأحزاب على أساس البرامج التي تنطلق من عمق الشعب الجزائري وتحقق له الحرية والعيش الكريم".
وأضاف: "إننا رفعنا مطالب للسلطة كان يفترض لو استجابت لها ان تحفز الطبقة السياسية الجادة في المشاركة بقوة". وتابع: "كان أبرز هذه المطالب: إنشاء هيئة وطنية محايدة تشرف على العملية الانتخابية بدل الجهاز التنفيذي من خلال الإدارة التي لم تكن يوما ما تتسم بالحياد، وتغيير الحكومة الحالية واستبدالها بحكومة محايدة توفر ضمانات ونزاهة الانتخابات وتحقق مبدأ تكافؤ الفرص بين المترشحين، غير أن السلطة أدارت ظهرها لهذه المطالب".
وتابع دويبي: "إن أي رئيس بعد 17 أبريل لا يمكن أن يجد الطريق معبّدا لا للفساد ولا للاستبداد، فقد أصبح للشعب الجزائري واعيا ومتحملا للمسؤولية".
وقرر قادة التنسيقية تشكيل لجنة مشتركة لتحضير "ندوة وطنية سياسية من اجل الحوار حول مستقبل الجزائر وآليات الانتقال الديمقراطي"، بالاضافة إلى "تنظيم لقاءات دورية للمجموعة لتطوير برنامج المقاطعة من قبل قيادات الاحزاب المقاطعة والشخصيات الوطنية".
ودعا المقاطعون قواعد الاحزاب السياسية ومناصري الشخصيات السياسية المقاطعة للتفاعل مع إجراءات المقاطعة والتنسيق فيما بينها. وأفاد المجتمعون "نرفض سياسية التأزيم، وافتعال الاحداث المفتعلة، لا سيما في بعض مناطق الوطن لتمرير المشاريع السياسية وفرض الامر الواقع على المواطنين".
وطالب المجتمعون من المرشحين لانتخابات الرئاسة بالانسحاب من السباق الذي وصفوه بـ"المهزلة الانتخابية التي اكدت انحياز الادارة ومختلف مؤسسات الدولة للرئيس المرشح بأنها محسومة مسبقا"، معتبرين "أن المشاركة في هذه المهزلة، مجرد تزكية لهذا المسار الذي يشكل خطرا كبيرا على مصلحة واستقرار البلد. كما دعا المجتمعون الشعب الجزائري الى مقاطعة هذه الانتخابات التي تكرس الرداءة والتزوير والفساد وإلى المساهمة الفعالة للتغيير السلمي.
لكن رئيس "الجبهة الوطنية الجزائرية" موسى تواتي، المرشح للانتخابات، رفض تلبية دعوة الانسحاب التي أطلقتها المعارضة، وقال لـ"عربي21" انها دعوة يطلقها فاشلون والمقاطعة لا تخدم المعارضة بل تخدم النظام" حسب تعبيره.
ومن جهة أخرى، أثار قرار أقدم حزب معارض في الجزائر وأكثر التشكيلات الحزبية مقاطعة للانتخات منذ استقلال البلاد عام 62؛ بالتزام "الحياد" في انتخابات الرئاسة في الجزائر استغراب الطبقة السياسية.
وكانت جبهة القوى الاشتراكية بقيادة زعيمها حسين آيت احمد؛ قد قررت التزام الحياد بخصوص انتخابات الرئاسة. وأعلن بيان صدر عن الحزب اليوم الجمعة أن الحزب "لن يقاطع ولن يشارك ولن يساند"، معتبرا أن الاستحقاق المقبل بمثابة "اللاحدث".
واستقطب حزب الزعيم التاريخي حسين آيت احمد؛ اهتماما زائدا في الآونة الاخيرة، باعتباره الوحيد الذي تأخر كثيرا في إبداء موقف محدد من الانتخابات الرئاسية، في وقت اتهم بعقد "صفقة" مع النظام. وقد اعترف أمينه الأول احمد بطاطش ان الحزب "علماني" فاوض النظام، لكنه لم يذكر تفاصيل المفاوضات.