نشرت "يديعوت أحرنوت" للكاتبة
الإسرائيلية سمدار بيري الاثنين، مقالة تروي فيها ملاحظات عن حياة أمين عام "
حزب الله" حسن
نصر الله، هي في مجملها تصورات أكثر منها وقائع، إلى جانب أمنيات خجولة بموته، بأي طريقة كانت. ولعلها إجابات عن أسئلة يطرحها الإسرائيليون بعامة، عن طريقة تفكيره، وممارساته اليومية، ومتابعاته السياسية، وحروبه الساخنة والباردة، ورصده مستجدات الإعلام وبخاصة الإسرائيلي منه.. وفي الوقت نفسه، أظهرت الكاتبة أن نصر الله ليس بالقائد المعجزة، وأنه كان بمقدور "إسرائيل" أن تغتاله بسهولة رغم حرّاسه "العصبيين"..
ويما يلي نص المقال:
لا يصدق كيف يمر الوقت: منظمة حزب الله اللبنانية باتت ابنة ثلاثين، والأمين العام نصرالله بات منذ 12 سنة في منصبه، نحو عشر سنوات تقريبا في مخبئه. وهو هنا وهناك يتأزر بالشجاعة ويظهر في حملات رفع المعنويات، وهكذا رأيناه قبل سنتين يخرج على نحو مفاجئ من خلف الستار الكتيم الذي بث عليه خطابه المسجل. وقد جلب الابتسامة الشريرة. دقيقتان أو ثلاث دقائق أمام الكاميرات، إلى أن دفعه الحراس العصبيون إلى خندقه، كي لا يبيد لهم أحد الأمين العام.
وبالإجمال، هذه شهادة فقر لنصرالله في أن إسرائيل لا تبذل جهودا في تصفيته. وكما هو معروف، حاولوا مرة واحدة تسميمه، ولكن أطباء إيرانيين أنقذوا حياته في اللحظة الأخيرة، واستدعى نصرالله المسجلين ليبث نفيا غير مقنع. يقال إن العيون تتابعه إلى كل مكان كي يعرف بأنه مكشوف. وكانت فرص، أيها السيد نصرالله، كان بوسعهم أن يتخلصوا منك بكل سهولة، وهم يعرفون من سيحل محلك. وبالإجمال، يتبين أنهم يفضلون البقاء مع من يعرفونه.
الزمن يفعل فعله ونصرالله لم يعد يدير الأمور الكبرى. في شقته التي يختبئ فيها يغرق في قراءة الصحف بهوس. يقرأنا، لديه سياسيون ومحللون يحرص على أن يحصل على ترجمتهم، وهو يحب أن يستولي عندنا على العناوين الرئيسة. وهو يلوح بالإعلام اللبناني، يؤشر إلى أعداء، يعد رؤوس أقلام للخطاب التالي ويستدعي طاقما تلفزيونيا. ليس كل ما يسجل ينشر بالضرورة على الشاشات الكبرى. مشوق أن نكتشف في كل مرة من جديد كيف تعلموا عندنا كيف يقرأونه وكيف أنه مكشوف حتى في حياته السرية. ويبدو وكأن الخبراء في شؤون نصرالله قادرون على أن يخمنوا دائما تقريبا ما الذي يلح على الأمين العام، ما هي قائمة الرسائل التي أعدها لنفسه، وأي أحبولة سيدحرج، وماذا كتب له مؤشر الأنباء الحيوية الإيراني.
في الصورة الكبرى، نصرالله لا يبعث على الاهتمام. نوصي بعدم الفزع من محاولاته الإخافة، والكشف، إذا كان على الإطلاق يوجد سبب للكشف، عن المكان الذي يبحثه لنفسه في المعسكر الشيعي والشرف الذي يسعى لأن يحققه للمقاتلين الذين يبعث بهم إلى سوريا بأمر من طهران. ينبغي الانتباه إلى أنه متورط مع الحكومة اللبنانية، مع الأمهات اللواتي يطلبن جوابا مقنعا لماذا إجبار الفتيان الشبان على القيام بعمل الجيش السوري. وهو متورط أيضا مع القرى في جنوب لبنان الذين يفضلون نيل الرزق من الزراعة، لا أن يروا كيف يسيطرون لهم على الأراضي ويصادرون المخازن.
في أيار الماضي ألقى نصرالله بقنبلة عندما كشف السر الأكبر عن مئات رجال حزب الله الذين أرسلوا للقتال في سوريا. سطحيا، لم يكن له مفر. فلم يكن ممكنا طمس الآثار عندما باتت تعاد التوابيت بمئات جثث أعضاء المنظمة ممن اختفوا فجأة. وليلة أول أمس (السبت) في الخطاب الذي بث على شاشة كبيرة في جنوب لبنان، قرر نصرالله الإصرار على أن "دخلنا إلى سوريا متأخرين"، نوعا من الاعتذار لمدرائه في طهران. ومن نفس الشاشة ينقل أيضا رسالة متلعثمة إلينا في أنه ليس معينا بالدخول في مواجهة وأنه لن يكون هو من سيبدأ معنا.
وهو سيواصل، مع قادة قسم العمليات في حزب الله، التحرش بمحاولات زرع العبوات الناسفة. وإذا كانت فرصة فلن يكون أسعد منه لاختطاف جندي إسرائيلي. ولكن في الغرفة المأطومة يتعلم كيف يستوعب صورة الوضع الجديد: عندما تدير إيران مفاوضات مع الإدارة الأمريكية، وأوباما يتعهد في السعودية بـ"ألا يعقد صفقة سيئة"، والسعوديون يواصلون اعتبار لبنان مرعيا لهم، فإن نصرالله سيحذر من التورط بأعمال تؤدي إلى رد إسرائيلي قوي.