لم يجد "محمد عادل فهمي" الصحفي بشبكة "
الجزيرة" الفضائية القطرية، كندي الجنسية، وأحد المتهمين العشرين فى القضية المعروفة إعلاميًا بـ"خلية الماريوت"، مفرا من أن يؤكد أمام هيئة المحكمة أنه يشرب الخمور، كي يدحض اتهام النيابة له بأنه ينتمي إلى جماعة "
الإخوان المسلمين"، حيث تعتبر سلطات الانقلاب الجماعة "إرهابية".
فقد سمحت هيئة محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بمنطقة طرة جنوب القاهرة، في رابع جلسات نظر قضية "خلية ماريوت" الإثنين، بخروج المتهمين من القفص، والتحدث أمام القاضي، قبل أن تصدر قرارها بتأجيل نظر القضية إلى يوم 10 نيسان/ أبريل الجاري.
وقال المتهم الأول "محمد عادل فهمي": ''أنا لم أنضم لجماعة الإخوان، وقدمت صورا لي إلى رامي السيد رئيس نيابة أمن الدوله العليا، تبين عدم انضمامي إلى الإخوان، وأشرب الخمور".
وتساءل فهمي: ''هل أحد من الإخوان يفعل ذلك؟ وأضاف: "أنا لم أعرف المتهمين، ومن بينهم أنس البلتاجى، ولم أرهما إلا فى السجن؟''.
وقال: "كنت أؤدي واجبي مثلما فعلت في سوريا والدول الأخرى وحزب الله والعراق، وأنا رجل ليبرالي، وأطلب إخلاء سبيلي".
وشدد على أن مراسلي الجزيرة الإنجليزية لم يعملوا في الخفاء، وأن الجميع كان يعلم أنهم يتخذون من غرفة بفندق الماريوت مقرا لعملهم، مشددا على أنهم لم يفبركوا أي موضوعات لأنه ليس لديهم وحدة مونتاج بمقر عملهم من الأساس، وطالب بإخلاء سبيله نظرا لتعرضه لكسر في يده، ملتمسا أن يتم تأجيل القضية لأمد قصير في حال عدم الإفراج عنهم، لضمان سرعة الفصل في الدعوى.
أمام هيئة المحكمة
وعندما جاء الدور على المتهم الثاني في القضية بيتر جريس قال -عن طريق مترجم- لهيئة المحكمة إنه لا يعرف ما هي جماعة الإخوان المسلمين، وإنه لم ينضم إليها، مؤكدًا أنه لم يمثل أي خطر على أمن
مصر داخليا أو خارجيا، وطالب بإخلاء سبيله لأنه لم يُوجه إليه أي اتهام، ثم وجه الشكر لهيئة المحكمة.
وقال أنس البلتاجي إنه ليس صحفيا، وليس له أي علاقة بالقضية أو بقناة الجزيرة، ولا يعلم كيف تم الزج به في القضية.
وأشار إلى أنه قبل ضبطه بأسبوع كان يزور والده القيادي الإخوانى محمد البلتاجي بسجن طرة، وتم احتجازه بقسم المعادي لمدة أربع ساعات متواصلة لإجراء تحريات حوله، وعندما تأكدت الأجهزة الأمنية من عدم تورطه في أي شيء قرروا إخلاء سبيله، إلا أنه فوجئ عقب أسبوع بضبطه.
وأكد باهر محمد حازم، أنه تعلم الصحافة مع اليابانيين، ولم يسبق له طوال عمره فبركة أي تقارير صحفية، والتمس من رئيس المحكمة الرأفة به، وإخلاء سبيله لعدم اعتياده على السجن، ولظروف زوجته الحامل مشيرا إلى أنه لا يستيطع رؤية بكاء أطفاله عند زيارته بالسجن.
ومن جهته، طالب "صهيب" بمعاملته معاملة آدمية بالسجون، والتمكن من لقاء أهله بدون أي حواجز زجاجية قائلا: "مش عارفين نحضن أهالينا"، مشيرا إلى أنه عندما يشكو من الأمر يرد عليهم الضباط بالقول: "إحنا ملناش علاقة بالمحكمة ،ومفيش غير كده".
وهو الأمر الذي وافقه فيه "خالد" الذي شكا من سوء المعاملة بالحبس، وعدم السماح لأهاليهم بالدخول بسيارتهم، وتعنت الضباط معهم قائلين لهم: "اخبطوا دماغكم في الحيط"، وطالب بتوقيع الكشف الطبي عليه لتعرضه لقطع في رباط الساق.
واستمع رئيس المحكمة إلى أقوال "شادي عبد الحميد"، الذي شكر المحكمة التي سمحت بتوقيع الكشف الطبي عليهم، لبيان آثار التعذيب بهم من قبل الضباط الذين عصبوا أعينهم لمدة ثلاثة أيام، وضربوهم بالبيادة على ظهورهم، وأبرحوه ضربا حتى حطموا أسنانه لإجباره على الإدلاء باعترافات باطلة، وشكا أيضا من تعرضه للتعذيب النفسي بالسجن.
وقال "أحمد عبد الحميد"، إنه لا يعلم كيف تم الزج به في القضية التي ليس له أي علاقة فيها، مشيرا إلى أن أخاه أيضا في السجن، ووالده مريض، ملتمسا إخلاء سبيله.
وتعقيبا على التقارير الطبية المقدمة من قبل النيابة بشأن عدم وجود آثار تعذيب ظاهرية لاثنين من المتهمين، أكد دفاع المتهمين أن آثار التعذيب التي تعرضوا لها يسهل اكتشافها بالرغم من مرور ثلاثة أشهر على واقعة الاعتداء عليهم عند ضبطهم من قبل ضباط أمن الدولة، وذلك من خلال الفحص والأشعة التي تراها مصلحة الطب الشرعي مناسبة، مطالبا بإعادة توقيع الكشف الطبي الدقيق عليهم.
كما طالب دفاع المتهمين بالسماح لأهالي المتهمين بزيارتهم داخل محبسهم، نظرا لوجود تعنت من قبل مصلحة السجون بشأن الزيارات.
أدلة الثبوت
وكانت النيابة أسندت إلى المتهمين اتهامات بالانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون لتعطيل أحكام العمل بالدستور والقانون، ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية، والسلم الاجتماعي، واستهداف المنشآت العامة، وتعريض سلامة المجتمع، وأمنه للخطر.
ووجهت النيابة إلى المتهمين تهم ارتكاب جرائم التحريض على مصر من خلال قناة "الجزيرة"، واصطناع مشاهد، وأخبار كاذبة، وبثها عبر القناة.
ونقلت صحف مصرية عن تحقيقات النيابة أنها كشفت عن أن المتهمين اتخذوا جناحين بأحد الفنادق الفاخرة كمركز إعلامي لهم، ودعموه بالأدوات والحواسب الآلية، ووحدات التصوير والمونتاج، واستخدموها بالتلاعب بإنتاج مشاهد غير حقيقية، وبثها على قناه "الجزيرة" الفضائية، لتوصيل صورة للخارج بأن ما يحدث في مصر حرب أهليه تنذر بسقوط الدولة.
وكان الضابط بقطاع الأمن الوطني "أحمد.ح" شاهد الإثبات في القضية أكد أنه أجرى التحريات حول الواقعة، مشيرًا إلى أنه ورد إليه معلومات بأن المتهمين يبثون لقناة "الجزيرة مباشر مصر"، ولأنه صدر حكم من محكمة القضاء الإداري بوقف بث القناة، كما أنه من المعروف أن العاملين بـ"الجزيرة" ينتمون للإخوان، لذلك تم اعتبار المتهم الخامس "محمد فهمي" من أفراد الجماعة.
قلق "مراسلون بلا حدود"
من جهتها، أعربت منظمة "مراسلون بلا حدود" عن قلقها إزاء صحفيي قناة "الجزيرة" المحتجزين الذين يتم محاكمتهم بمصر حاليا.
وذكرت المنظمة، ومقرها باريس، فى بيان صحفى الثلاثاء، أن عشرين إعلاميا من الشبكة القطرية أحيلوا إلى المحكمة الجنائية بتهم "نشر معلومات كاذبة"، ويوجد من بينهم ستة عشر مواطنا مصريا متهمين بالانتماء إلى "منظمة إرهابية"، و"إضعاف هيبة الدولة، وتكدير السلم العام".
وأضافت أن الأجانب الأربعة متهمون بالتعاون مع زملائهم المصريين من خلال "إمدادهم بالمال والمعدات والمعلومات"، وأنه يوجد ثلاثة رهن الاعتقال منذ إلقاء القبض عليهم يوم 29 كانون الأول/ ديسمبر الماضي في القاهرة، ويتعلق الأمر بكل من الأسترالي بيتر جريست، ومحمد عادل فهمي، الذي يحمل الجنسيتين الكندية والمصرية، إضافة إلى المصري باهر محمد، الذين بدأت محاكمتهم يوم 20 شباط/ فبراير الماضى.
وأشارت إلى أنه، وفي خلال جلسة الاثنين، ولأول مرة منذ بدء
المحاكمة، كان بإمكان بيتر جريست، ومحمد فهمي التحدث مباشرة إلى القاضي، حيث أكدا مرة أخرى براءتهما مع نفي وجود أية صلة بجماعة الإخوان المسلمين أو أية منظمة إرهابية، مجددين طلبهما بإطلاق سراحهما بكفالة، لكن القاضي رفض التماسهما مرة أخرى.
وقالت لوسي موريون، رئيسة قسم الأبحاث والمرافعات في المنظمة: "يتعين على السلطات الكف عن التذرع بمكافحة الإرهاب في سبيل اضطهاد المعارضين.. إننا نطالبها بإطلاق سراح جميع الفاعلين الإعلاميين المعتقلين تحت هذه الذريعة الواهية، وسحب جميع الدعاوى القضائية المرفوعة ضدهم"، مطالبة السلطات المصرية بالوفاء بالتزامات مصر الدولية فيما يتعلق بحرية الإعلام.
وذكرت المنظمة أن محمد فهمي يعاني وضعا صحيا يبعث على القلق، لأنه يعاني من إصابة في الكتف، ولم يتلق الرعاية الكافية، علما بأنه لا يزال غير قادر على تحريك ذراعه، وقالت إن عائلته وجهت رسالة إلى الرئيس المؤقت عدلي منصور تدعوه فيها للإفراج عن الصحفي، مطالبة في الوقت ذاته بحقه في الحصول على الرعاية الطبية اللازمة.