قال الأكاديمي
المصري عماد شاهين في مقاله له بالموقع البريطاني The Conversation أن
طلاب الجامعات منذ الانقلاب كانوا في طليعة النضال ضد الحكم العسكري، ووصف شاهين تصاعد التظاهرات الطلابية ضد العسكر بأنه دليل على أهمية هذه الشريحة المجتمعية في المقاومة ضد عودة الدولة البوليسية القمعية لعصر مبارك.
ويوضح شاهين أن النظام العسكري في مصر منذ الانقلاب تبنى إجراءات وحشية ضد المعارضة ولكن ذلك تجلى بشكل خاص في العنف الممنهج الذي تمارسه السلطات ضد الطالبات الجامعيات.
ويؤكد شاهين أن المستوى الحالي للتجاوزات الممارسة ضد
المرأة المصرية لم تشهد له مصر مثيلا حتى في عهد مبارك. ويستشهد بيوم الانقلاب نفسه الذي تم فيه اغتصاب أكثر من 100 امرأة أثناء احتفال أنصار الانقلاب بما اعتبروه نصرا. ومنذ ذلك اليوم أصبح استهداف المتظاهرات سلاحا تستخدمه السلطات الأمنية والجيش مع تصاعد حملات الاعتقالات والاعتداءات البدنية واللفظية والتحرش الجنسي بهن.
ويستشهد شاهين بالإحصاءات التي عرضها موقع "ويكي ثورة" والذي ذكر أنه منذ انقلاب يوليو شهدت مصر مقتل ما لا يقل عن 70 واعتقال 240 امرأة، وأن هذا الرقم في تصاعد مستمر. وهذا التوجه لم يستهدف فقط الإخوان ومعارضي الانقلاب ولكنه كذلك شمل المتظاهرات غير المنتميات إلى التيار الإسلامي. فعلى سبيل المثال قامت قوات الأمن بتفريق مظاهرة "لا للمحاكمات العسكرية" بعنف، وقامت بضرب المتظاهرين بوحشية بمن فيهم النساء، وقامت باعتقال عشرات النساء والاعتداء البدني عليهن وإلقائهن في الصحراء في منتصف الليل.
كما يشير شاهين إلى جامعة الأزهر العريقة التي أصبحت ساحة رئيسية للتظاهرات الطلابية التي أسفرت عن أكبر عدد من القتلى والمعتقلين الطلاب (184 طالب وأكثر من 1800 معتقلين). ويوضح أن مشاركة الطالبات النساء في هذه التظاهرات عرضهن للقمع الوحشي من قبل السلطات. ففي خلال أحد المظاهرات الأخيرة قتلت قوات الأمن ثلاثة طالبات واعتقلت 98 بدون محاكمة.
ويشير شاهين أن اعتقال ومحاكمة الناشطات السياسيات لم يكن أمرا روتينيا في عهد مبارك ولكنه أصبح اعتياديا بعد الانقلاب ويحدث بشكل يومي.
ويذكر الكاتب مثال محاكمة فتيات "حركة 7 الصبح" التي تم الحكم فيها بالسجن 11 عاما على فتيات عمرهن أقل من 23 عاما، ويعلق قائلا أنه على الرغم من تخفيف الحكم إلى الغرامة؛ ولكنه بمثابة رسالة أرسلها النظام إلى معارضيه مفادها أنه لن يتراجع عن ترهيب ومعاقبة أي شخص يتجرأ على مواجهته.
سوء المعاملة أثناء الاحتجاز
ويضيف شاهين أن المعتقلات من النساء يتعرضن لاختبارات العذرية واختبارات الحمل من قبل الشرطة والجيش، وهو تقليد بدأه المجلس العسكري بعد عزل مبارك ودافع عنه رئيس الانقلاب والمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي.
فقد دافع السيسي عن كشوف العذرية بالرغم من النقد الواسع لها، وقال أنها ضرورية لنفي تهم الاغتصاب عن الجيش. لذلك ليس من المستغرب أن تستمر هذه الممارسة بعد الانقلاب الذي قاده السيسي.
ويذكر شاهين قصة دهب حمدي الفتاة التي اعتقلت وهي حامل وأجبرت على الولادة وهي مكبلة اليدين، وهو ما دلل على مدى القمع الذي يمكن أن تصل إليه سلطات الانقلاب. كما يذكر مثال الطفلة علا طارق (14 عام) وهي أصغر معتقلة سياسية في مصر وكذلك كريمة الصيرفي التي اعتقلتها قوات الانقلاب لإجبار والدها (سكرتير الرئيس مرسي) على الإدلاء بشهادات تدينه بالعمالة، كما تم اعتقال أربعة من زملائها لزيارهم لها وتم اتهامهم بالانتماء لتنظيم إرهابي.
ويعتقد شاهين أنه على الرغم من القمع المتزايد للمرأة المصرية على يد سلطات الانقلاب إلا أن المتظاهرات لازلن مصرات على الاستمرار في النضال. فعلى سبيل المثال أرسلت آيات حمدي طالبة الأزهر المعتقلة رسالة إلى زميلاتها قائلة: "سوف أكون دائما ثائرة حرة ولن يكسرني السجن."
ويحلل عماد شاهين هذا القمع قائلا أن العسكر يهدفون أولا إلى ترهيب النساء والفتيات لعزلهن عن المشاركة المجتمعية حيث أثبتت النساء تواجدهن في الشارع المصري منذ ثورة يناير، وثانيا إلى إذلال المتظاهرين الرجال بإظهار عجزهم عن حماية زميلاتهم وبالتالي غرز الخوف في قلوبهم وكسر عزيمتهم. ولكن شاهين يؤكد أن هذه الاستراتيجية فاشلة لأن التظاهرات في تزايد وليس العكس.
ويختم الكاتب بقوله أن الاضطهاد والأذى البدني والجنسي والمعنوي الذي تتعرض له المرأة المصرية بشكل يومي هو أكثر عنف يمكن أن تتعرض له المرأة في الشرق الأوسط. ولكنه يشير أن هذا الاضطهاد يصاحبه تمكين للمرأة في مواجهتها لبلطجة النظام الانقلابي حيث أصبحت المرأة ممكنه بعزمها على الوقوف في وجه هذا النظام للمطالبة ليس فقط بحقوقها بل أيضا بحق جميع المواطنين في العيش أحرار في نظام ديمقراطي حقيقي.