في محاولة للتوصل إلى هدنة بين قبيلتي بني هلال والدابودية، زار شيخ الأزهر الدكتور أحمد
الطيب أسوان السبت، وعقد لقاءات مغلقة من أجل نزع فتيل
الأزمة التي أسفرت عن مقتل 28 قتيلاً، وإصابة العشرات في
اشتباكات دامية استمرت عدة أيام بين القبيلتين.
والتقى الطيب بقيادات الشرطة والمسئولين التنفيذيين بالمحافظة، قبل أن يعقد اجتماعين منفصلين مع وجهاء بني هلال والدابودية، استمع خلالهما إلى الجانبين للتعرف على مطالبهما لتحقيق التهدئة الكاملة للأوضاع بأسوان.
انتقاد الأمن والقضاء
وفي انتقاد لتقاعس الشرطة في تدارك الموقف، قال شيخ الأزهر: "إنه كان يجب على قوات الأمن، الفصل بين الطرفين قبل تفاقم المواجهات".
من جهته، أعلن حسن أبو الغيط رئيس جمعية قبيلة بني هلال، أن القبيلة تطالب بمحاكمة القيادات الأمنية بمحافظة أسوان، نظرا لعدم قيامهم بواجبهم لمنع المجزرة التي حدثت رغم علمهم بالتخطيط لها قبل إندلاع الاشتباكات، موضحا أن الأهالي كانوا يتصلون بالقيادات الأمنية لوقف الاشتباكات في بدايتها، ولكنهم كانوا يرفضون قائلين: "إحنا بنلم الجثث فقط".
وأضاف أبو الغيط، في حوار مع قناة القاهرة والناس السبت، أن المسئولين الذين يجب محاكمتهم وإقالتهم من منصبهم هم، محافظ أسوان ومدير الأمن ونائب مدير الأمن والحكمدار ومأمور قسم شرطة أسوان، لتقاعسهم عن أداء دورهم في الحفاظ على الأمن.
وحذر شيخ الأزهر، في مقابلة بثها التلفزيون
المصري الجمعة، من ظاهرة انتشار السلاح بين الشباب في مصر، مرجعا ما حدث إلى "انهيار المنظومة الأخلاقية في مصر" خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
كما عبر الطيب عن استيائه من بطء التقاضي في مصر قائلا: "إنه يؤجج الثأر خاصة في الصعيد،، مشدداً على ضرورة إنشاء محاكم خاصة للفصل في جرائم القتل على وجه السرعة حقناً للدماء.
وفي تبرئة للإخوان من تهمة اشعال الفتنة بين القبيلتين قال الطيب: "إن سبب ما حدث بين القبيلتين، هو شجار بين تلاميذ مدرسة صناعية وآخرين من قرنائهم، بعدها كتب بعضهم على الحوائط عبارات مسيئة إلى نساء الآخرين".
وكان شيخ الأزهر، قد وصل إلى أسوان، على متن طائرة عسكرية خاصة، على رأس وفد كبير من علماء الأزهر ووزير الأوقاف وسط استقبال شعبى ورسمي.
تعهدات بإنهاء الأزمة
وعقب انتهاء وساطته، أكد شيخ الأزهر إلتزام قبيلتي بني هلال والدابودية بالهدنة المتفق عليها بما ينهي الفتنة في أسوان، وكل منهما أعرب عن صفائه وقبوله للتصالح، ولديهما استعداد طيب لتفادي الدماء مرة أخرى".
وأضاف، خلال مؤتمر صحفي عقده السبت، "حصلت على تفويض من القبيلتين لتشكيل لجنة برئاسة الدكتور منصور كباش رئيس جامعة أسوان، وبرعاية الأزهر الشريف وإشراف مصطفى يسري محافظ أسوان، لتمنح كل طرف حقه، وكل منهما تعهد باحترام المصالحة وعودة الحياة الطبيعية".
وقال: "إن اللجنة ستقوم بتقصي الحقائق من كل الاتجاهات، والإعداد لإتمام الصلح طبقا لأعراف الشريعة الإسلامية"، مؤكدا أن عمل اللجنة سيبدأ من الآن على أن تنبثق منها لجان مصغرة تتناول أطراف الموضوع.
ودعا شيخ الأزهر وسائل الإعلام إلى تبني خطاب رشيد حقناً للدماء، بعد أن أبدت جميع الأطراف استياءها من طريقة تناول الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي للأحداث في أسوان، مما كان له الأثر في تأجيج مشاعر الطرفين، مطالباً الإعلام بـ "أن يتقي الله في مصر والمصريين".
واختتم شيخ الأزهر حديثه بالوقوف وقراءة الفاتحة، لإلزام الطرفين بما تعهدا عليه.
تاريخ من الوساطات الفاشلة
يشار إلى أن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، له عدة مواقف سياسية منها، دعمه لإنقلاب 30 يونيو، والمشاركة فى بيان خارطة الطريق.
وتولى "الطيب" مشيخة الأزهر خلفا للدكتور محمد سيد طنطاوي عام 2010، وينتمى "الطيب" إلى عائلة صوفية بالأقصر لها تاريخ فى حل النزاعات والخلافات في الصعيد، كما أطلق
مبادرة الأزهر فى عهد الرئيس محمد مرسي من أجل لم الشمل، وحل الأزمة والتى شارك فيها عدد من القوى السياسية، لكن أحدا لم يتلزم بتلك المبادرة وظلت حبرا على ورق.
كما أطلق الطيب في 2011 ما يعرف باسم "بيت العائلة المصرية" وهو تجمع يضم شخصيات إسلامية ومسيحية تسعى للقضاء على الفتنة الطائفية في البلاد ومعالجة آثارها السلبية، لكنه فشل في منع تلك الحوادث، بل إن العكس هو ما حدث حيث اترتفعت وتيرة الصدمات الطائفية في مصر في السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق.
يشار إلى أن الحكومة كانت قد أعلنت الأسبوع الماضي، عن زيارة رئيس الوزراء السبت إلى أسوان، لمتابعة جهود إنهاء الأزمة، إلا أن الحكومة عادت وأعلنت إلغاء الزيارة دون إبداء أسباب.
ويقول مراقبون: "إن محلب فضل إلغاء الزيارة تجنبا للتعرض لمزيد من الحرج، حيث كان قد قام بزيارة لأسوان الأسبوع الماضي لإنهاء الأزمة، وبعد مغادرته المحافظة بساعات تجددت الاشتباكات مرة أخرى وسقط خمسة قتلى.
وقال اللواء مصطفى يسرى محافظ أسوان، في تصريحات تلفزيونية : "إن وجود شيخ الأزهر فى المصالحة بين قبيلتى "الهلايل والدابودية"، هو أكبر ضمان لعدم التصعيد فى الفترة المقبلة، فهل يصمد إتفاق أسوان الأخير أم يلقى نفس مصير مبادرات شيخ الأزهر السابقة؟