تساءل الكاتب البريطاني روبرت فيسك عما إذا كانت
الحرب الأهلية في
الجزائر قد عادت وبدأت تطل برؤوسها بعد حادثة مقتل 14 جنديا في أبو درين.
وقال فيسك: "هل عاد العملاء الذين زرعتهم الدولة لاقتلاع الإسلاميين للعمل من جديد، أم يمكن ربط مقتل
الجنود بمحاولات الدولة العميقة زرع الخوف في قلوب الجزائريين من خلال
قتل الجنود".
ووصف فيسك في مقالته بصحيفة "إندبندنت" الانتخابات الجزائرية التي أعيد فيها انتخاب الرئيس عبدالعزيز
بوتفليقة بنسبة 81% بالصورة عن "النفاق والسخرية المرة والخداع"، خاصة أن الرجل مريض وينتقل على العربة المتحركة و"لا يفهم بالكاد ما يدور حوله".
وقال فيسك إن "السياسة في الجزائر مسرح والدم حقيقي، فقد تتحدث ساخرا عن إعادة انتخاب بوتفليقة لولاية رابعة في الرئاسة، لكنك لا تشكك في الكمين الذي قتل فيه 14 جنديا جزائريا في أبو درين في جبال البربر، وليس بعيدا عن مدينة تيزي وزو، وكالعادة فقد ألقت نفس (المصادر) العسكرية اللوم على
القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".
وتحدث فيسك عن زيارة وزير الخارجية الأمريكي للجزائر قبل أقل من أسبوعين من انتخابات 17 نيسان/ أبريل، وكانت الزيارة على ما يبدو بمثابة توقف قصير في جولاته لصنع السلام في المنطقة ولكي يقدم "دعمه لبوتفليقة".
وأشار إلى قول كيري "نتطلع لأن تكون الانتخابات شفافة وتتبع المعايير الدولية، وستعمل الولايات المتحدة مع الرئيس الذي سيختاره الشعب الجزائري"، وأضاف "نريد حقيقة العمل والتعاون، ونريد عمل هذا حتى يكون لدى قوات الأمن الجزائرية الأدوات والتدريب التي تحتاج إليها لهزيمة القاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية".
ولفت فيسك إلى أن الأدوات التي تحدث عنها كيري "بالتأكيد هي أساليب التعذيب من أدوات قلع الأظافر والتعذيب بالمياه، ليس على الطريقة التي استخدمتها وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي أي إيه) ضد أعدائها".
واعتبر الكاتب أن أساليب التعذيب هي مجال "لا تحتاج فيها أجهزة الأمن الجزائرية لمساعدة من كيري، وما تحتاجه الجزائر من الأمريكيين ومن الفرنسيين على حد سواء -وبحسب اعتراف وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمامرة- هو المشاركة في الاستخبارات الإلكترونية".
وأشار إلى أن هذا المجال لا يستطيع تقديمه سوى الولايات المتحدة، مما سيؤهل الجزائر الدخول والمشاركة في الحرب المتقدمة والتكنولوجية على "الإرهاب"، والتي تحدث عنها كيري بنوع من البهجة، وتظل أساسا لإعادة انتخاب بوتفليقة.
وقال فيسك إن كل الحديث الدائر عن المعايير الدولية والشفافية "ما هو إلا كلام فارغ في عالم السياسة الجزائرية". فبعد الانتخابات أشار المرشح الخاسر علي بن فليس، وزير العدل السابق الذي استقال بسبب فتح معسكرات الصحراء في عام 1991، والذي لم يحصل إلا على نسبة 12.8% من أصوات الناخبين "أشار إلى التزوير مرة واحدة فقط".
وأضاف أن بوتفليقة مثل جاره "المخلوع" زين العابدين بن علي والإمبراطور نيرو "يمكن انتخابه وإبقاؤه للأبد حاكما على الجزائر" على حد قوله.
وقال إن الجزائر تدار من قبل الجنرالات والخدمات الأمنية الذين يقومون من خلال "الفساد بتحديد المعايير الدولية للانتخابات".
وأشار فيسك إلى أن بوتفليقة خلال أعوامه العشر الأولى في الحكم "مشى في الطريق السهل"، حيث أنفق ما قيمته 10 مليارات دولارات على الإسكان والقروض والرواتب والمتنزهات والساحات العامة.
إلا أنه لفت إلى الوجه المظلم في هذا الطريق وهو أن الدولة "وفرت وظائف في مجال الأمن والشرطة، وعندما تحدث مستشار الأمن القومي محمد بنير إلى طلاب جامعة ورغلا العام الماضي عرض 16 ألف وظيفة على كل متخرج يريد الانضمام للدرك الجزائري".
وتساءل الكاتب "ألم يكن بوتفليقة هو الذي أنهى الحرب الأهلية بين النظام والجماعات الإسلامية التي قتل فيها أكثر من 25 ألف جزائري أو ما يعرف بالعقد الأسود"؟ وأضاف "لذلك أجد أن مقتل 14 جنديا أمرا مثيرا للصدمة".