كتبت أبيغيل هوسلوهنر، مديرة مكتب واشنطن بوست في القاهرة، تقريرا حول المرشح حمدين
صباحي قالت فيه: "في بلد حيث تم سجن شخصيات المعارضة بالآلاف والعسكري الذي قاد الانقلاب ويبدو وصوله للرئاسة مؤكدا، فإن فرص حمدين صباحي لا تبدو جيدة أبدا".
وتقول الكاتبة إن ترشح الصباحي يوفر للحكومة "صورة" عن انتخابات تجري في البلاد في ظل قرار عدد من المرشحين النزول فيه.
ورأت أن أحدا لا يستطيع التنبؤ بما ستواجهه حملة صباحي عندما تبدأ رسميا الأربعاء تحضيرها للانتخابات التي ستجري في 26-27 أيار/مايو إلا أن "الحقيقة تبقى سواء قبلها صباحي أم لم يقبلها أنه يلعب دورا مهما لحكومة وقعت تحت ضغط متواصل من المجتمع الدولي بسبب معاملتها للمعارضين السياسيين بحسب المحللين.
وأشارت إلى أنه وبالنسبة للمؤسسة المؤيدة للعسكر فإن صباحي يوفر منافسا في انتخابات لو لم يدخلها لكانت سباق رجل واحد".
ويبدو صباحي، كما تقول وهو سياسي معارض " الرجل الوحيد - في بلد فيه 85 مليون شخص - المستعد لمنافسة قائد الجيش السابق عبد الفتاح
السيسي في الانتخابات الرئاسية المزمع إقامتها الشهر القادم وهي الأولى منذ قاد السيسي انقلابا ضد أول رئيس منتخب للبلاد قبل ما يقارب العام".
بالنسبة لمنتقديه، فترشح صباحي لا يتعدى كونه مهزلة، فهم يعتبرونه مجرد بيدق في ديمقراطية زائفة أو أنه دخل السباق ليرضي غروره فقط.
ويقول الآخرون إنه بالتأكيد يعيش حالة هذيان ليتنافس مع رجل تبدو أن كل العوامل لصالحه، من بيروقراطية الدولة المترامية الأطراف إلى الأمن القوي إلى الإعلام الحكومي.
ولكن بالنسبة لصباحي، اليساري ذو الشخصية الكاريزمية، ليس هناك بديل عن لعبة الكرة حتى لو كانت المنافسة غير متكافئة.
وقد قال الأسبوع الماضي: "أنا لست مثاليا لدرجة أن أنتظر البلد لتصبح غير متحيزة .. فأنا أعتقد أن الديمقراطية تأتي من خلال التجربة العملية".
وتشير الصحيفة لتاريخ الصباحي حيث تقول إنه برلماني سابق عرف بمعارضته للرئيسين السابقين أنور السادات وحسني مبارك، كما عرف عنه إعجابه بالسياسات الإشتراكية لرئيس سابق آخر هو جمال عبدالناصر، إضافة إلى نفوره من السلام مع إسرائيل.
وجاء صباحي في المرتبة الثالثة في انتخابات 2012 والتي انتهت بسباق بين القيادي الإخواني محمد مرسي والعسكري أحمد شفيق.
وبحسب مؤيدي صباحي لو كان هناك عدد أقل من المرشحين لكانت فرصة صباحي في النجاح أكبر. ولكن هذه الإنتخابات مختلفة وحتى صباحي نفسه يعرف ذلك.
وفي سباق عام 2012 كان هناك حوالي 12 مرشحا من ليبراليين إلى إشتراكيين ووجود مرشحين اثنين فقط في هذه الإنتخابات يعكس مدى التراجع في الديمقراطية
المصرية منذ
الإنقلاب بحسب المحللين.
يقول إيساندر العمراني، الخبير في مصر والذي يشرف على مشروع شمال أفريقيا التابع لـمجموعة الأزمات الدولية: "واضح أن كثيرا من الناس فضلوا البقاء بعيدين عن هذا السباق لاعتقادهم بأن الظروف السياسية لا تشجع على الدخول".
وأشار إلى أن كلا المرشحين في هذه الانتخابات قومي عمره 59 عاما ودعم الانقلاب ضد محمد مرسي ويريد بقاء الإسلاميين المنتخبين ديمقراطيا في السجن ويمدح الجيش الذي تتهمه المؤسسات الحقوقية وناشطو الديمقراطية بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان وبالفساد.
ولم يقدم أي من المرشحين أي خطة لمستقبل مصر، ولكن كلاهما ادعى شبها بعبد الناصر خلال حملتيهما.
يقول رائد سعد وهو رجل أعمال من الفيوم وكان قد صوت للإسلاميين في الانتخابات السابقة، ولكنه يعتزم مقاطعة هذه الانتخابات لأن الخيار الذي يريد غير موجود: "هما متشابهان – السيسي وصباحي .. فكلاهما محب لذاته ومهووس بشخصية عبد الناصر .. والناس محبطون"، وصباحي يصر على أن هذا ليس صحيحا.
وولد الصباحي في منطقة الدلتا الريفية ونشأ في عهد حكم عبد الناصر، وبدأ ممارسة أنشطته السياسية كطالب في الجامعة حيث عارض اتفاقية السلام التي أبرمها السادات مع إسرائيل وبذلك دخل السجن أول مرة، وسجن مرة أخرى خلال حكم مبارك.
وفي السنوات الأخيرة أكتسب سمعة كمعارض للفساد الرأسمالي وما يسميه الناس هنا الإمبريالية الغربية مما أكسبه أتباعا من الطبقة العلمانية المثقفة ومن الناشطين السياسيين الشباب الذين ينظرون بحنين إلى فترة حكم عبدالناصر.
وقال الأسبوع الماضي "أنا ناصري جديد" بينما كان يجلس في حافلة بجانبة صورة عليها إطار للزعيم العسكري الراحل.
وأضاف أنه يسعى لتحقيق العدالة الإجتماعية وتطوير البلاد مثل عبد الناصر ثم يقول: "فإن كان السيسي يشبه عبد الناصر لأنه وقف بجانب الشعب في خلعه لمرسي، فأنا وقفت مع الشعب لمدة 40 عاما".
وأضاف أنه بعكس السيسي الذي عمل على اسكات المتظاهرين والعمال المضربين في الأشهر التي تبعت الإنقلاب فإن إدارته ستقوم بإلغاء القانون الذي يحرم التظاهر وتضع خطة واضحة لتحسين حقوق العمال.
وقد تتحمل المؤسسة العسكرية ترشح صباحي لأنه لا يقول الكثير فمع أنه انتقد قمع المعارضة إلا أنه لم يصل إلى حد انتقاد السيسي مباشرة وتجنب الدعوة لوضع حد للتنفذ العسكري.
ويعلق الخبير في مصر في (سنتشاري فاونديشن) في واشنطن، مايكل وحيد حنا "أظن أنه يسير على خط دقيق جدا".
وقد فتح المدعي العام المصري هذا الشهر تحقيقا في مصادر تمويل صباحي والذي يقول إنه من جيبه الخاص أو من أي تبرعات بسيطة يحصل عليها من مؤيديه. كما أن الصحافة المحلية فتحت النار على صباحي بعد تسريب صحيفة لتسجيل تقول إنه يدعو فيه لمحاكمة السيسي.