يشهد قطاع العقارات في لندن ازدهارا غير مسبوق، وذلك بسبب حجم
الاستثمارات فيها، والذي جعل العاصمة البريطانية تتوسع بشكل لم تشهده في تاريخها الذي يعود لألفي عام.
فحول نهر "التيمز" من منطقة كناري وورف غربا، تطل
ناطحات السحاب التي غطت على قبة كاتدرائية سانت بول والكنائس التي كانت تسيطر على فضاء العاصمة في قرون سابقة، حيث تحجمت هذه أمام البنايات التي تنبت مثل الفطر في كل يوم.
وبحسب تقرير لمجلة "نيوزويك" الأمريكية، فغزو ناطحات السحاب يبدو أنه مستمر ولا توجد علامات على وقف تقدمه، حيث تستوطن العمارات الطويلة في مناطق برنت كروس، وستراتفورد وهامرسميث ومع تزيد أسعار البيوت حيث سجلت نسبة 13.2% في بداية العام الحالي.
وأضافت أنه "في الوقت الحالي هناك 236 بناية عالية، تمت المصادقة عليها أو تحت الإنشاء، وذلك حسب معهد المعمار في لندن "أن أل إي"، وقام المعهد بافتتاح معرض تحت شعار "تكبر"، ويظهر أثر ناطحات السحاب على لندن".
وتابعت بأن من هذه الأبراج 189 عمارة عالية، كل واحدة منها تحتوي على 20 طابقا، وستكون إسكانية وهناك 18 عمارة أو برج سيكون لأغراض المكاتب أو الاستخدام المزدوج، وهناك ثمانية فنادق وبرج واحد سيكون معهدا تعليميا.
ومن هذه الأبراج الـ236 هناك 22 برجا سيتكون كل واحد منها من 50 طابقا.
ومقارنة مع برج "تريليك"، الذي صممه المعماري إرينو غولدفينغر عام 1972، والذي احتوى على 31 طابقا، وكان أطول بناية في أوروبا، فهذه المشاريع تتفوق بكثير على هذا البرج.
وبحسب المجلة، دفع هذا التطور العمراني عددا من الكتاب والفنانين والأكاديميين والساسة القيام بحملة تحول دون تحول لندن إلى مانهاتن على التيمز، بحيث تقتل لندن التاريخية المعروفة بعمارتها الفيكتورية.
وقاموا هذا الأسبوع بنشر رسالة في صحيفة "أوبزيرفر"، هاجموا فيها الجيل الجديد من الأبراج أو العمارات العالية.
وجاء في الرسالة أن "سماء لندن أصبحت خارج السيطرة"، وطالبوا بلجنة تقوم بالتعامل مع أفق لندن وفضائها، وفق المجلة.
وتابع الكتاب بأن "الكثير من هذه الأبراج ذات قيمة معمارية تافهة، وأقيمت في أماكن غير جيدة، والكثير منها لا يهتم بالحجم أو المكان، ولا تسهم إلا قليلا في الفضاء العام، وصممت دون أخذ اعتبار للأثر أو الصدمة على الواقع، وما يميز التصميم المعماري لها أنه يشبه معمار المدن ذات العدد السكاني المتزايد حول العالم، وهو ما يهدد طبيعة لندن الخاصة وهويتها".
وانضم ولي العهد البريطاني الأمير تشارلس للنقاش، ففي آذار/ مارس قامت مؤسسته "بناء المجتمع" بإصدار تقرير يقترح بناء تجمعات سكنية تتكون من سبع إلى ثماني طوابق بدلا من الأبراج العالية، بحسب المجلة.
وقالت المجلة إن دعوة الأمير لقيت معارضة من المقاولين والمستثمرين، وكذا من عمدة لندن بوريس جونسون الذي وافق على بناء برجين في منطقة ازلينغتون، بعد أن رفض مجلس المنطقة الموافقة عليهما، لكن جونسون وافق بعد موافقة المستثمرين على أن تكون نسبة 30% من الشقق لأصحاب الدخل المتوسط.
وبحسب تقرير مقر عمدة لندن "سيتي هول" فالبلدية تخطط لخلق 430.000 فرصة عمل في الأعوام التسعة القادمة، وتوفير سكن لمليون شخص.
ويتوقع أن يبلغ عدد المقيمين في لندن بحلول عام 2031، عشرة ملايين نسمة ما يجعلها أكبر مدينة من ناحية أصحاب البيوت فيها أو المقيمين.
ومن أجل التصدي لمشكلة نقص السكن فسيتم بناء 40.000 بيت جديد كل عام ضمن خطة عمدة لندن الذي قال "سواء كانت "شارد" أو "ذا غيرغين" أو "ليدينهول، فالبنايات العالية التي تزين سماء لندن تظهر قدرتها على تصميم وبناء معمار عالمي من الدرجة الأولى".
وأضاف نحن بحاجة لبناء 40.000 بيت خلال العشرة أعوام القادمة "لا نستطيع حماية الحزام الأخضر ومنع بناء البنايات العالية إن أردنا توفير احتياجات سكان المدينة من البيوت".
ويقول التقرير إن هناك مشكلة في غرام العمدة جونسون بالأبراج، إنها أولا ليست رخيصة، أما الأمر الثاني فيتعلق بشكلها، ففي الوقت الذي تعلم مدينة نيويورك بناية أمباير ستيت، إلا أن ناطحات سحاب لندن عادة ما تبنى بسرعة ودون اعتبار جمالي.
وقالت المجلة إنه بحسب مواصفات بناء الأبراج يجب أن تكون مصممة بشكل جيد، وفي المكان المناسب. ولكن بحسب أحد أعضاء المجموعة المعارضة، فالكثير من الأبراج بنيت من أجل السخرية من كل هذا.
ومن بين المشاريع الأقل جدلا هو كناري وورف الذي أقيم بعيدا عن لندن التاريخية، وأنعش المنطقة الفقيرة، وصمم ليكون صورة مصغرة عن منهاتن في نيويورك.
لكن في مناطق أخرى ظهرت ناطحات السحاب على طول النهر، بسبب انعطافات النهر غير المناسقة وزواياه الحادة، على خلاف ضفة نهر هدسون المستقيمة وفق المجلة.