عبر مسؤولون أمريكيون ومن خلف الأبواب المغلقة، عن قلقهم من تصرفات "أصدقائهم"
الإسرائيليين، وقالوا إن هؤلاء ذهبوا بعيدا في عمليات
التجسس التي يقومون بها داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب تقرير سري حول التشريعات التي تخفف من شروط منح التأشيرات للمواطنين الإسرائيليين، كشف عن محاولات إسرائيل سرقة
الأسرار الأمريكية تحت غطاء البعثات التجارية، وعقود الدفاع التكنولوجية المشتركة، وأن إسرائيل قد "اجتازت الخطوط الحمراء".
وفي تقرير نشره موقع مجلة "نيوزويك" الأمريكية، قال إن جهود التجسس الإسرائيلية في أمريكا لا ينافسها أحد.
وتابعت بأن "عملاء يكافحون التجسس قدموا شهادة أمام أعضاء في اللجنة القضائية ولجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، جاء فيها أن النشاطات التجسسية الإسرائيلية ذهبت أبعد من نشاطات حلفاء مقربين للولايات المتحدة مثل ألمانيا، فرنسا، بريطانيا واليابان".
ونقلت المجلة عن موظف في الكونغرس على إطلاع بالنقاشات وصفه للشهادات بأنها "خطيرة، ومثيرة للقلق، وحتى مخيفة"، فيما وصفها موظف آخر" بالمدمرة".
وقال التقرير إن الهدف الرئيسي للجهود التجسسية التي تقوم بها الدولة اليهودية هو "الأسرار الصناعية والتقنية الأمريكية".
وقال موظف سابق في الكونغرس: "لا توجد دولة مقربة من الولايات المتحدة ولا تزال تتجاوز الحدود في مجال التجسس مثل ما يفعل الإسرائيليون"، وقد حضر الموظف مناقشة حول الموضوع في نهاية عام 2013، وكانت واحدة من عدة نقاشات تمت في الأشهر الأخيرة، وقدمها مسؤولون في وزارة الأمن القومي، الخارجية، ومسؤولون من مكتب التحقيقات الفدرالي "أف بي أي"، ودائرة مكافحة التجسس الوطنية، بحسب المجلة.
وقال الموظف السابق وفق ما نقلته المجلة إن الوكالات
الاستخباراتية لم تقدم معلومات محددة عن مظاهر التجسس، لكن الموظف تحدث عن "التجسس الصناعي"، حيث يأتي أشخاص بمهام تجارية أو يعملون مع شركات إسرائيلية، أو عملاء إسرائيليون تدير تحركاتهم الحكومة، "وأفترض أن ذلك يتم من خلال السفارة (الإسرائيلية)" في واشنطن.
ورفضت السفارة الإسرائيلية التعليق على الاتهامات التي طفت على السطح وبشكل متكرر خلال الأعوام القليلة الماضية.
وفي الوقت نفسه رفض ممثلون لمؤسستين أمنيتين أمريكيتين التعليق على الشهادة السرية في الكونغرس، مع أنهم اعترفوا بوجود مشاكل مع الجواسيس الإسرائيليين.
ولم ينف "أف بي أي" أو يؤكد تقديمه تقارير للكونغرس.
واضافت المجلة أن "وزارة الخارجية قالت إن موظفين من قنصلها ومسؤول الشؤون الإسرائيلية – الفلسطينية قدما تقريرا للكونغرس حول موضوع تبادل التأشيرات".
وتقول المجلة: "طبعا هناك جواسيس أمريكيين في إسرائيل "، فهي المكان الأخير الذي تريد أن تقضي فيه إجازة"، وذلك حسب عميل بارز سابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي أي إيه"، بسبب الرقابة الإسرائيلية الشديدة. ولكن مستوى التجسس الإسرائيلي في الولايات المتحدة أدى لسخط الوكالات والعملاء الأمنيين الأمريكيين.
ونقلا عن الموظف السابق: "لا أعتقد أن أحدا سيدهش من هذه المعلومات.. ولكن عندما تجلس وتفكر تجد أنه لا يوجد بلد يقوم باستغلال العلاقة الأمنية معنا مثلما تقوم إسرائيل باستغلالها لأغراض التجسس، وأعتقد أن هذا صادم، وبعد فرك الأيدي حول (جوناثان) بولارد لا تزال هذه الأمور تحدث" على حد قوله.
وطالبت إسرائيل واللوبي المؤيد لها أكثر من مرة بالإفراج عن بولارد، الذي سرق عشرات الآلاف من الأسرار الأمريكية ونقلها لإسرائيل، ويقضي بولارد الذي كان يعمل محللا في البحرية حكما بالسجن مدى الحياة منذ عام 1987.
وتعتقد مؤسسات مكافحة التجسس الأمريكية أن إسرائيل تبادلت بعض هذه الأسرار مع الاتحاد السوفييتي السابق، مقابل السماح لليهود الروس بالهجرة لإسرائيل.
فبعد إنكار إسرائيل كون بولارد يتجسس لصالحها، اضطرت إسرائيل للاعتراف والاعتذار، ووعدت أن توقف عمليات التجسس. ومنذ ذلك تم القبض على أكثر من جاسوس.
ونقلت المجلة عن المسؤول البارز في مكافحة التجسس في "أف بي أي"، أي سي سميث، أثناء فضيحة بولارد، قوله: "في بداية الثمانينات من القرن الماضي، كان الموظفون المتخصصون بتلك المنطقة يشعرون بالإحباط أثناء التعامل مع إسرائيل، فقد كان الإسرائيليون واثقين أن لديهم نفوذا في داخل الإدارة، حيث كان بإمكانهم التصرف بالطريقة التي يريدونها".
وفي الوقت الذي كان يحدث كل هذا كانت إسرائيل تضغط باتجاه وضعها في قائمة الدول (38 دولة اليوم)، ممن لا يحتاج مواطنوها تأشيرة دخول للولايات المتحدة.
وظلت إسرائيل وحتى وقت قريب تميز وتعامل بقسوة العرب- الأمريكيين والفلسطينين الأمريكيين الراغبين بدخول إسرائيل، كما فشلت في الوفاء بشروط المشروع، وهو عدم إبلاغها بسرعة عن الجوازات المسروقة والضائعة.
ولكن هذه هي المرة الأولى التي عبر فيها مساعدون في الكونغرس عن مظاهر قلق المؤسسات الأمنية والأمن القومي من إمكانية إضافة إسرائيل على قائمة الدول المعفاة من التأشيرات، حسب المحرر الأجنبي في "سي كيو رول كول" موقع الأخبار في الكونغرس، جوناثان برودر، والذي كتب قبل شهر نقلا عن مصدر بارز في الكونغرس قوله إن "المجتمع الاستخباراتي الأمريكي قلق من أن يؤدي إضافة إسرائيل لبرنامج الدول المعفاة من التأشيرات لدخول جواسيس جدد".
وكانت إسرائيل تعتقد أن بإمكانها "التأشير بأصابعها" وتحصل على ما تريد من تشريع يضمها لقائمة الدول هذه، لكن مظاهر القلق الأمني أدت بإسرائيل للتعاون مع الولايات المتحدة واتخاذ الخطوات المطلوبة، بحيث تضم اسمها للدول المعفاة من التأشيرات، بحسب تقرير المجلة.
وأضافت المجلة أنه وفي الوقت الحالي يقول مساعدون في الكونغرس إن إسرائيل لم تعمل شيئا حتى يتم ضمها إلى هذا البرنامج، رغم تصريحات نقلتها المجلة عن متحدث باسم السفارة الإسرائيلية في واشنطن، تأكيده اتخاذ بلاده خطوات من هذا النوع.
وقال مسؤولون في الكونغرس: "يعتقدون ( الإسرائيليون) أن أصدقاءهم في الكونغرس سيدخلونهم في هذا البرنامج، وليس هذا هو الوضع، يمكن للكونغرس تمهيد بعض العراقيل، لكن لا يستطيع الكونغرس إصدار تشريع يضم إسرائيل".
ويرى التقرير أن طريق إسرائيل للانضمام للدول المعفاة من التأشيرات طويل، ويحتاج حسب مساعد في الكونغرس لاستصدار جوازات الكترونية تضم رقاقة تحتوي على كل المعلومات فيها، ولم تبدأ إسرائيل بإصدارها إلا قريبا للدبلوماسيين والمسؤولين البارزين، ولن يحصل كل إسرائيلي على واحد منها إلا بعد 10 أعوام.
وأشار التقرير إلى أن وكالات مكافحة التجسس ستكون لها الكلمة الأخيرة في الموضوع، ولأنه ليس من المحتمل توقف إسرائيل عن عاداتها في التجسس فستبقى والحالة هذه القيود على دخول الإسرائيليين للولايات المتحدة.
وقال الضابط السابق في "سي أي إيه" في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، بول بيلار: "لا يمكن قتل العادات القديمة، فالصهاينة كانوا يرسلون الجواسيس لأمريكا حتى قبل ولادة إسرائيل، لجمع المال والمواد اللازمة لبناء الدولة.. كما وتم جمع جزء كبير من المشروع النووي الإسرائيلي بطريقة سرية في الولايات المتحدة".
وأضاف المساعد السابق في الكونغرس: "لو أتحنا لهم حرية الدخول إلى هنا، فكيف سنوقفهم (...) هم شرسون بطريقة لا يمكن تخيلها، وفي كل مظاهر العلاقة مع الولايات المتحدة، ولكن استخباراتهم مختلفة عنهم".