يدخل تشكيل "
حكومة التوافق" الفلسطينية مرحلة المخاض، ويصحب ذلك تصريحات متفائلة من المسؤولين المطلعين على تطورات الأحداث، درجة التفاؤل وصلت إلى التوقع في تكوين الحكومة قبل المهلة المحددة لها.
ويشير وصول مسؤول ملف
المصالحة في حركة "فتح" عزام الأحمد مساء الأربعاء إلى قطاع
غزة للقاء قيادة حركة "
حماس" لبحث تشكيل حكومة التوافق، تطورا مهما في مرحلة المخاض هذه، فزيارة الأحمد للقطاع شابها سابقا بعض التصريحات التي أشار بعضها إلى أن الزيارة كان من المفترض أن تتم قبل فترة من موعدها إلا انه تم تأجيلها لحين لقاء الرئيس محمود عباس برئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل في العاصمة القطرية الدوحة.
ما تم تسريبه للإعلام أن زيارة الأحمد لغزة تأتي في إطار المشاورات الجارية لتشكيل حكومة التوافق الوطني ولا تقتصر على تداول وتبادل الأسماء فقط.
حكومة ذات فترة زمنية قصيرة وأجندة كبيرة
الناطق باسم كتلة فتح البرلمانية النائب جمال الطيراوي، اعتبر الخطوات المنبثقة عن المصالحة بـ"الرائعة وتلبي طموح كل فلسطيني لأنها تصب في وحدة البيت الفلسطيني، ومن جانب آخر نحن ننظر لحكومة التوافق الوطني أنها ستكون لفترة مؤقتة حتى تحمل أجندة وملفات المرحلة القادمة للإشراف على الانتخابات وكل ما اتفقنا عليه من تفاصيل في اتفاق القاهرة".
وأشار الطيراوي في تصريح لـ"عربي21" أن الحكومة القادمة هي حكومة محدودة السقف الزمني وأمامها مهمات أبرزها التحضير للعملية الانتخابية، والكثير من الملفات الشائكة والصعبة والمعقدة، تحديدا فيما يتعلق بمعالجة قضايا الانقسام وما ترتب عليه.
ويضيف الطيراوي: "نحن نقول اذا استطاعت هذه الحكومة التي ليس لها صلة بالملف السياسي بتقديري، أن تنجز الملف التحضيري للانتخابات وان تأخذ على عاتقها بعض القضايا تحديدا المالية التي ستكون إحدى مترتبات هذا الاتفاق، تكون قد تجاوزت الأمور التي تؤدي إلى نجاحها، وأمامها أيضا الكثير من البنود الصعبة، ككيفية تنفيذ بنود المصالحة فيما يتعلق بالقضايا الداخلية، وأمامها الموضوع الأكثر صعوبة وهو الموضوع المالي الذي سيترتب على الكثير من القضايا الإجرائية فيما يخص المصالحة".
وأوضح أن "حكومة التوافق" ستتميز عن أي حكومة سابقة بأنها "حكومة توافق وطني لفترة مؤقتة ومرهونة بالتحضير للانتخابات، اذا هي ليست حكومة دائمة وليست حكومة أمامها سقف زمني طويل جدا، فهي مؤقتة ومحدودة لإنجاز مهام معينة مرتبطة باتفاق القاهرة واتفاق قطر لتجسيد المصالحة الفلسطينية على الأرض".
وحول المدة الزمنية المتوقعة للحكومة المزمع تشكيلها قال الطيراوي: "من يقول إنه يستطيع أن يتكهن بالسقف الزمني للحكومة فهو مخطئ لأن الموضوع مرتبط بالخطوات التي يجب تنفيذها باتجاه المصالحة، وكيفية تسارع الخطوات باتجاه المصالحة وترتيب الأمور التي تم الاتفاق عليها".
وحول أبرز العقبات التي يتوقع أن تواجه الحكومة، أشار إلى أن هناك الكثير من العقبات تعترض هذه الحكومة وعلى ضوء ذلك هناك الكثير من المسائل التي بحاجة إلى جهد من أجل إنجازها، ولكن هذه الحكومة يجب أن تحدد النوايا الصادقة لدى الفصائل فيما يخص القضايا العالقة والصعبة.
وأضاف: "نحن لا نريد أن نتحدث كثيرا في الإعلام حول العقبات، لكن نحن نستطيع أن نرى الكثير من القضايا التي ستشكل حالة من الصعوبة أمام الحكومة تحديدا في القضايا المالية والأمن والمعابر، هذه القضايا مهمة جدا ونتمنى أن يسود الموقف الوطني باتجاه تجاوز هذه القضايا، ومقياس مدى جدية الفصائل في المصالحة هو هل سيعقد المجلس التشريعي أم لا؟ هذه المسألة هي مقياس جدية المصالحة، هذا تحدي للفصائل الموقعة على المصالحة وليس للحكومة، ولكن على الحكومة العمل والسير في خطوات التي من شأنها ضمان عقد المجلس التشريعي، مجتمعنا الفلسطيني وكينونتنا السياسية الفلسطينية تحتاج المجلس التشريعي ليقر ويعدل العديد من المشاريع".
وحول المطلوب من القوى والفصائل الفلسطينية حتى تنجح الحكومة، طالب الطيراوي الفصائل الابتعاد عن المحاصصة والأجندة الحزبية لمكتسبات حزبية تنظيمية فقط، المطلوب الآن –بحسب الطيراوي- من الفصائل "الذهاب باتجاه المصلحة العليا فقط، ومن فصائلنا الأخرى التي تعلق تعليقات غير مقبولة أن تتنازل عن أجندتها في المحاصصة التي تبحث عنها، أتمنى أن تكون مصالحة حقيقية لتشكل الضمان للمشروع الوطني الفلسطيني. وليس فقط لإدارة الانقسام، وخصوصا أن المعادلة الإقليمية في الوطن العربي تتطلب أن يكون هناك وحدة حال".
وحول بعض الأسماء التي تتداولها بعض وسائل الإعلام على أنها مرشحة لتولي حقائب وزارية، قال إن "كل ما يبرز حاليا هو مجرد تسريبات، وحتى الآن الحوار جاري بين الحركتين وعلى طاولة الرئيس وعند الإخوة في حماس، ولكن لا يوجد شيء نهائي وأسماء نهائية حتى الآن. هناك معايير محددة لتقوم عليها الحكومة.. حكومة تكنوقراط وحكومة كفاءات وإن كنت أتمنى على الإخوة في حركة حماس وفتح أن يتم الحديث عن حكومة توافق وطني بشخصيات وطنية، لأننا الآن نريد الضمان الوطني لمشروعنا السياسي ولا نريد نظام المحاصصة".
وأوضح بأن المقصود بـ"الشخصيات الوطنية" التي أشار إليها بأن "تكون شخصيات ذات بعد سياسي حتى تحمي مشروعنا السياسي في أكثر المراحل خطورة وهي المرحلة التي نمر بها.. سواء كانت الشخصيات في فتح آو حماس أو مستقلة فقط نحن نريد شخصيات فيها ضمانة لمشروعنا السياسي، كأن يكون صاحب تاريخ وانتماء وكفاءة ورؤية سياسية.. لا أن تكون حكومة قائمة على تكنوقراط وأصحاب تخصص ورأس مال، نحن نريد أشخاصا لهم ضمانة وطنية ليستطيعوا قيادة الشعب إلى بر الأمان".
حكومة خدماتية
بدوره قال النائب حسن يوسف، القيادي في حركة "حماس"، أن حكومة التوافق الوطني هي "مرحلة انتقالية لتوحيد شقي الوطن والقيام بالأمور الخدماتية للشعب الفلسطيني، ولا دخل لها بالجانب السياسي والتفاوض مع
إسرائيل، لأن هذه من مهمات منظمة التحرير، وننتظر منها بالإضافة إلى توحيد شقي الوطن وتقديم الجوانب الخدماتية أيضا الإشراف على الانتخابات القادمة للمجلس التشريعي والمجلس الوطني والانتخابات الرئاسية. هذه الحكومة تأتي بناءً على برنامج توافقي بين كل القوى الفلسطينية بما فيها حماس، لتسيير المرحلة التي تسبق تشكيل الحكومة التي ستنتج عن الانتخابات، فالكل متفق أن تكون هذه المرحلة بإدارة كفاءات وحكومة كفاءات وليس حكومة ذات صبغة أخرى".
وتوقع يوسف في تصريح لـ"عربي21" وجود عقبات ستعترض الحكومة، وتتمثل العقبة الرئيسة بـ"الضغوط الإسرائيلية الأمريكية، حيث يحاولون الحيلولة دون تشكيل الحكومة التي يتوافق عليها الفلسطينيون كلهم خاصة بعد إنجاز ملف المصالحة، وهنالك ضغوطات أمريكية وإسرائيلية دافعها رفض أي تواجد لحركة حماس في هذه الحكومة حتى إعطاء مباركة وشرعية للحكومة من قبل الحركة فهو مرفوض أمريكيا وإسرائيليا، والمطلوب من السلطة والجانب الفلسطيني عدم الخضوع للإملاءات الإسرائيلية والأمريكية، وإذا خيروا بين المصالحة وأي شيء آخر أن يختاروا المصالحة لأنها مصلحة فلسطينية بامتياز".
وحول الفرق بين "حكومة التوافق" و"الحكومة الحادية عشرة" التي كانت حكومة تكنوقراط وانتهت بالانقسام، قال يوسف: "في تقديري الناس الآن أنضج مما كانوا عليه في تلك المرحلة، بالإضافة إلى ذلك فإن القضية الفلسطينية في مربع الخطر وبالتالي مطلوب من الكل الفلسطيني الآن أن يضع القضية الفلسطينية والمصلحة الفلسطينية فوق كل اعتبار لمواجهة كافة التحديات، الظروف الآن مختلفة والناس مختلفين والأوضاع مختلفة والمنطقة فيها تغيرات، فالظروف مختلفة عن المرحلة السابقة بشكل كامل".
الحكومة لن تواجه حصارا اقتصاديا
ويرى النائب مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، أن المطلوب من حكومة التوافق الوطني، هو معالجة أثار الانقسام وثانيا التحضير لإجراء الانتخابات بكل مكوناتها وثالثا تسيير الأمور وقضايا المواطنين والمساهمة في معالجة الأزمة الإنسانية المستفحلة في قطاع غزة.
ويعتقد البرغوثي أن الحكومة لن تواجه حصارا اقتصاديا، في ظل ما وصفه الرد الحاسم من الاتحاد الأوروبي بأنه لن يحاصر الحكومة، "وهذا تطور كبير عما جرى عام 2007، حتى الجانب الأمريكي يبدو مترددا في فرض حصار، واعتقد أن إسرائيل تراجعت عن تهديداتها بعدم تحويل مخصصات الضرائب عندما شعرت أن الرد سيكون حاسما، لذلك أنا أتوقع إذا أنجزت الحكومة لن تحاصر، حتى لو فكرت إسرائيل بالحصار أوروبا مؤكد أنها لن تساندها وأعلنت أمس موقفا صريحا بهذا الشأن".
وأكد البرغوثي حلال تصريح لـ"عربي21" على أهمية توفير حسن النوايا لنجاح الحكومة، وأن تكون تركيبتها تركيبة قوية وقادرة على القيام بكل المهمات التي تقع على عاتقها.
وكان وفدا منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "حماس" وقعا على اتفاق إنهاء الانقسام في 23 نيسان الماضي.