أكدت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن
سوريا خسرت جيلاً من الشباب كان يمكن أن يلعب دورا في بناء البلد، مشيرة إلى أنه "تخلى عن أحلامه الحقيقية، وبدأ يعمل من أجل تأمين لقمة العيش والنجاة في مجتمعات
اللاجئين".
وترى الصحيفة في تقريرها، الخميس، أن الكثير من اللاجئين السوريين الذي يصلون الأردن، هم من أبناء الطبقة المتوسطة والمؤهلين جامعيا، جاءوا من بلد كان يخرج كما تقول "أحسن الأطباء والمحامين ورجال الأعمال"، ولكن الأردن يعاني من نسبة عالية في البطالة التي تصل إلى 37% بين الشباب ما بين 20-24 عاما قد منع السوريين من العمل، ومع أنها فتحت المجال لتعليم الاطفال السوريين مجانيا في المدارس الحكومية إلا أنها لم تتح للشباب نفس الفرصة للدراسة في الجامعات والمعاهد المهنية.
ولا توفر
المخيمات التي تعيش فيها نسبة 20% من السوريين في الأردن إلا فرصا قليلة للتعليم المهني لأبناء السوريين والموجهة لهم، يقول الخبراء " الجيل الضائع" وهم الشبان من سن 18- 30 عاما.
وبحسب الصحيفة "ففي مخيم الزعتري الذي يعيش أكثر من 120.000، لا يوجد إلا برنامج صغير يتعلم فيه 350 طالبا وطالبةـ الخياطة والحلاقة واللحام وعلوم الكمبيوتر. وتقوم الفتيات الشابات بتخييط الحقائب الصغيرة التي تصنع من قماش الخيام والملابس المستعملة، فيما يقوم الشبان بحلاقة شعر اللاجئين مجانيا للتدرب مرة واحدة في الإسبوع".
وتنقل الصحيفة عن ياسمين فرحات وهي مسؤولة في مجلس المهاجرين النرويجي "نريد أن نراهم وهم يعملون، لاستخدام وقتهم ويستفيدون منه".
وتضيف أن الوضع في المدن أصعب منه في المخيمات فهناك فترات مسائية في 78 مدرسة تقدم خدمة لحوالي 100.000 تلميذ ولكن بدون مؤسسات موازية في التعليم العالي. فقبل الأزمة السورية كانت المدارس السورية ترسل طلابا للجامعات الحكومية فيما كان يتزايد عدد طلاب المدارس الخاصة والمعاهد في معظم أنحاء البلاد، وكانت نسبة 20% من ميزانية الدولة تذهب نحو التعليم.
وتقول آيات الخطيب وهي سورية التعليم الجامعي مهمل بين اللاجئين، "كنا ندرس مجانيا في النظام الحكومي، والآن حتى اللاجئين الذين يحصلون على علامات عالية في المدارس الحكومية لا فرصة لهم " لدخول الجامعات".
وكان محمد البداوي، وهو عامل فني ينتظر مستقبلا جيدا أمامه قبل اندلاع الإنتفاضة عام 2011، فقد تخرج من الكلية وحصل على وظيفة مع الحكومة في حمص لتصليح المعدات الزراعية، وكان يخطط للزواج من خطيبته نادين ويبني بيتا، ولكن الحرب وصلت لحمص ولم تعد خطيبته قادرة على الوصول إليه.
وبدأت حياة نادين تنهار عندما قتل والدها وشقيقها وعمها في عام 2012. واستطاع محمد ونادين الخروج من حمص لدمشق ومنها هربا لعمان. كان هذا قبل عامين واليوم لا يملك محمد البداوي بيتا ولا يعمل، ويتطوع للعمل مع المنظمات غير الحكومية التي تقدم له الطعام والمصاريف اليومية مقابل عمله معها ستة أشهر، ويعيش هو وزوجته مع شقيقاها وعائلته في شقة في عمان.
ويظل محمد البداوي محظوظا، فهناك من اضطروا للعمل بدون رخصة ويحصلون على اجور لا تتناسب مع وظائفهم. فعلاء الذي فقد رجله يعيش في غرفة واحدة مع زوجته الحامل ويشعر بالقلق حول المستقبل، ومع أنه لم يدرس في الجامعة إلا أنه كان قبل الحرب يحصل على راتب جيد من عمله في مصنع للإسمنت في السعودية، وبعد عودته لسوريا لإكمال خدمته العسكرية فقد رجله في حادث سيارة، حيث حدث تصادم أثناء مواجهات بين الجيش والمقاتلين، ولم يستطع العودة للسعودية لمواصلة عمله هناك وهو يعيش في الأردن بدون بخيارات قليلة "انظر إلي" قال مشيرا لرجله المقطوعة "كيف يمكنني العمل". وحتى لو وجدت فرص عمل للسوريين فهي قليلة ومن الصعب الحصول عليها، فالسوريون الذي يبدأون أعمالا يسمح لهم بتوظيف نسبة 50% من السوريين، فيما تقبل المنظمات غير الحكومية السوريين للعمل معها ولكن بأجور رمزية وبعقود قصيرة الأمد.