تساءلت صحيفة "
إندبندنت" البريطانية عن الأصوات التي لم تحتج أو تظهر شجبا، على دفن الأمل بولادة ديمقراطية في
مصر.
وخصصت الصحيفة افتتاحيتها للحديث عن
الانتخابات المصرية التي يتوقع فيها فوز وزير الدفاع السابق عبد الفتاح
السيسي، واصفة إياها بالفجر الكاذب، وقالت إن كبار السنّ من المصريين، قد يرحبون بعودة الاستقرار في ظل السيسي؛ لكن هذا النظام لن يكون سوى مرحلة قصيرة، وما تحتاجه الدول العربية الحريّة وليس أقل من ذلك.
وعلقت الصحيفة على وعود السيسي في حملته الانتخابية؛ بأنه سيحرم المصريين من النوم لحثهم على العمل، قائلة "وعد بحرمان الناس من النوم الجيد قد لا يكون مدعاة للتصويت، ومن ثم الفوز في الانتخابات في الكثير من البلاد، لكن بالنسبة للجنرال المتقاعد عبد الفتاح السيسي، الرئيس القادم وبشكل مؤكد لمصر، فالحديث عن الحب القاسي والوعد به هو جزء من الجاذبية".
وأضافت أن كلام السيسي الذي تحدث به على التلفزيون، معلنا أنه حينما يصبح رئيسا للبلاد "لن أنام ولن تناموا أيضا"، وهذا كلام معروف من رجل يحبذ مقارنة مصر بالطفل الكسول، والجيش الذي يمثل الأب الذي لا يوفر العصا في هذه الحالة لحث الابن على الجد والاجتهاد.
وأكدت الصحيفة أن "انتخابات اليوم ليست انتخابات حقيقية، فهناك منافس واحد للسيسي، يساري تعرض للتدجين سمح له بالنزول في الانتخابات لتقديم وجه جميل للمنافسة، ويغيب عن الانتخابات الإسلاميون، الذين فازوا بشكل مقنع في كل الانتخابات التي أعقبت سقوط مبارك. وغيابهم ليس مثيرا للدهشة، حيث دفع السيسي لحظر الإخوان المسلمين واعتبارها جماعة إرهابية".
وتساءلت قائلة "أين هي إذا الأصوات التي رفعت احتجاجا على دفن الآمال بالديمقراطية؟ ليست موجودة، فالحكومات الغربية نفسها التي هللت بالإطاحة بمبارك ورحبت بالفجر الجديد، تشعر بالارتياح بعد سنوات قليلة بأن هذا الفجر قد انتهى".
ونوهت إلى أنّه "ليس الأمريكيون فقط؛ بل إنّ حلفاءهم الأوروبيين أيضا يرحبون سرا بعودة الوضع القائم في مصر، وحكم الرجل الذي يمثل أب الأمة، فضلا عن كل دول الخليج التي رحبت بذلك.
وأضافت الصحيفة: لا أحد من الذين حرقت أصابعهم بما أطلق عليه الربيع العربي، يشعر بالندم على أن تجربة الديمقراطية التي اتسمت بالفوضى أزيحت جانبا، بل إنّ وصول السيسي لحكم مصر، علامة طمأنة لهم على أن الربيع العربي قد مات ودفن.
وشددت على أنّ الأمر لا يتوقف عند حدود مصر، البلد المؤثر جدا من حيث الجغرافيا والحجم. فنظام يقوده السيسي سيريح نظام الأسد في سوريا، الذي بات متفوقا على أعدائه المنقسمين على أنفسهم وفقا للصحيفة.
وتفترض الصحيفة أنّ "بقاء مصر في يد الإسلاميين، الذين فازوا في انتخابات عام 2012، كان من شأنه أن يشجع السنة بسوريا الذين يقاتلون نظام الأسد، ولكن لسان الحال اليوم أنّهم محاصرون أكثر من أي وقت مضى".
وأكدت "أن استمرار الحرب في سوريا بمسارها الحالي؛ سيؤدي لظهور محور قوي في الشرق الأوسط والمغرب يبدأ من دمشق إلى الجزائر عبر القاهرة، وسيتكون من سلسلة من الأنظمة الداعمة للعلمانية والاستبدادية وشبه العسكرية، والزعم الوحيد الذي تحمله هذه الأنظمة لسكانها، أنها حمت بلادها من الرعب المزدوج: الإسلام المتشدد والفوضى الاجتماعية".
وخلصت الصحيفة إلى نتيجة تصور الخديعة التي تعرض لها الشعب المصري؛ الذي تخدره الجرعات الزائدة من الحديث عن الوطنية، والتبشير ببداية فجر جديد، وتداعب جيله القديم رسائل السيسي عن ذكريات الأيام الجميلة للجنرال ناصر، عندما كانت مصر لاعبا مهما في العالم أكثر منها الآن، فيما السيسي يمضي في طريقه نحو الرئاسة دون أن يوقفه أحد.
وحذرت الصحيفة من "أنّ المشكلة هي أن كل ذلك يشير لنظرة رجعية، فحيوية الأنظمة التي يديرها الجنرالات ليست دائمة؛ لأنها لا تحب الانتقاد أو التغيير. وإن كان السيسي يبدو متقدما بضع سنوات، لكن ما تحتاجه الدول العربية على المدى البعيد حكومات أكثر حرية وليس أقل".