لم يكن يعلم عهد عابد الطالب الذي انقطع عن
الدراسة في جامعة اليرموك الأردنية الحكومية بسبب ظروفه المادية أنه سيعود لمقاعد الجامعة بعد انقطاع استمر 5 سنوات، ليجلس على مقاعد جامعة خاصة برسوم مرتفعة جداً مقارنة مع سابقتها.
"لا يكاد يكفي راتبي لأقساط ومصاريف الجامعة.. التحقت بالدراسة المسائية بحكم عملي في النهار" هكذا يتحدث عابد الذي يدرس التسويق في جامعة الزيتونة الأردنية الخاصة لـ"عربي 21".
وفي ظل الأحوال الاقتصادية السيئة في المنطقة العربية، لم تسلم
رسوم الدراسة الجامعية الخاصة التي ارتفعت بنسبة 35 % بالمئة في السنوات الخمس الماضية بحسب مختصين.
منسق الحملة الوطنية لحقوق الطلبة في الأردن "ذبحتونا" الدكتور فاخر دعاس أكد أنه لا يوجد ما يمنع
الجامعات الخاصة من رفع أسعارها لغياب التشريعات الضابطة، وأن بعض الجامعات الخاصة تتفاوت فيما بينها بالرسوم الدراسية مشدداً على أنها تحقق أرباحاً هائلة.
وأضاف دعاس لـ"عربي 21" أن المواطن العربي لديه شغف للعلم الأمر الذي تستغله الجامعات الخاصة لرفع رسومها فالجامعات الخاصة وفقاً لدعاس تطرح التخصصات المرغوبة من الطلاب لا التخصصات التي تدعم البحث العلمي أو حاجات المجتمع الأمر الذي يؤثر على مخرجات العملية التعليمية.
ويتساءل دعاس عن ضآلة حجم مخصصات البحث العلمي في الجامعات الخاصة العربية وانخفاض حجم البعثات التي ترسلها الجامعات لإتمام التعليم العالي وانخفاض نسبة البحوث العلمية المقدّرة الصادرة عنها، مشيراً إلى أن الجامعات الخاصة العربية انتقلت من مرحلة الرسالة إلى مرحلة التجارة.
ارتفاع مبرر
في ذات السياق يرى الرئيس السابق للجامعة الأردنية الألمانية الدكتور لبيب الخضرا أن تكاليف الدراسة في الجامعات الخاصة مبررة، وأنها تأتي لتغطية التكاليف الدراسية من مختبرات وأكاديميين وأساتذة، وأن التفاوت بين الرسوم من جامعة لأخرى يأتي لتفاوت المصاريف التشغيلية.
غير أن الخضرا وافق في حديثه لـ"عربي21" على أن مخرجات التعليم الخاص لا علاقة لها بالرسوم الدراسية، وأن الجامعات الخاصة بشكل عام تفتقر للجودة لكون الهدف الأساسي لها هو الربح المادي على حساب العملية التعليمية.
ويخشى الرئيس السابق للجامعة الأردنية الألمانية أن يتحول التعليم في الوطن العربي مستقبلاً إلى تجارة بحته أبعد ما تكون عن الرسالة التي يفترض بها أن تقدمها.
غياب الإرادة السياسية
ويرى خبير التنمية البشرية والمستشار التربوي السعودي الدكتور محمد حسن عاشور أن المخرج العلمي للجامعات الخاصة العربية متدنٍ مقارنة بالجامعات العالمية ما يجعلها تتذيل القائمة.
ويعود لذلك بحسب ما أوضح عاشور لـ"عربي 21" إلى كون 60 % من الجامعات تضع القيمة الأولى لعملها جني المال ومن ثم تأتي الرسالة التعليمية في المرتبة الثانية أو الثالثة.
كما يؤكد عاشور أن جودة المخرج التعليمي المتدنية للجامعات العربية تعود بالمقام الأول لغياب الإرادة السياسية قبل أن تعود لملاك الجامعات، ولو وجدت الإرداة السياسية كما في سنغافورة وماليزيا واليابان مثلاً لكان المخرج الأكاديمي أفضل ومنافسا ولأصبح المعيار الأول لملاك الجامعات النهوض بالشعوب بحسب تعبيره.
الفلسطيني هاني الحاج محمد طالب يدرس التمريض في الكلية العصرية بمدينة رام الله يرى أن تكاليف الدراسة مرتفعة جداً حتى وإن كان والده الذي يعمل ضابطاً في الأمن هو الذي يدفعها.
ويضيف الحاج محمد لـ"عربي 21" أن مبرر الجامعة في ذلك هو تكاليف التدريس ورواتب المحاضرين إضافة إلى ارتفاع رسوم إيجارات المكاتب التي تستعملها الكلية.
وبانتظار الإرادة السياسية العربية وتخلي الجامعات الخاصة العربية عن بعض أرباحها لصالح الرسالة السامية، يبقى الطالب العربي بين مطرقة تكاليف الدراسة وسندان سوق العمل الذي يبحث عن الخبرة والكفاءة قبل أي شيء آخر.