أثار ضعف الإقبال على
الانتخابات الرئاسية
المصرية التي فاز بها قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، انتقادات وسائل الإعلام الغربية التي قالت إن حلم السيسي القديم برئاسة مصر تحول إلى كابوس بسبب مشاهد لجان الاقتراع الخاوية.
وقالت صحف دولية إنه بالرغم من فوز السيسي - الذي يزعم أنه ترشح نزولا عند رغبة الشعب - إلا أن هذا الشعب لم يقبل على انتخابه كما كان يتوقع، وظهر جليا عزوف الناخبين بالرغم من الإلحاح الإعلامي غير المسبوق وحثهم على المشاركة.
وعقدت وسائل الإعلام مقارنات بين انتخابات "الانقلاب" ونظيرتها التي تلت ثورة يناير ومنحت الرئيس المنتخب محمد مرسي شرعيته.
إعلام السيسي ينهار
وقالت صحيفة "تليغراف" البريطانية إن حالة من الانهيار يعانيها الإعلام الموالي للنظام الحالي بعد ثبوت خطأ تنبؤاته بدعم كاسح لقائد الانقلاب، فجاء الإقبال على التصويت ضعيفا للغاية، وهو ما دفع اللجنة العليا للانتخابات إلى مد التصويت ليوم ثالث.
وأضافت الصحيفة أن السلطات الحاكمة اتخذت مجموعة من الإجراءات "العنيفة" لمحاولة زيادة نسب المشاركة في الانتخابات وسط مخاوف بشأن مصداقية السيسي.
وأشارت "تليغراف" إلى أن الجيش والإعلام الموالي للسيسي الذي طالما تباهى خلال الشهور الماضية بشعبيته الجارفة بعد الانقلاب على الرئيس مرسي، اصطدم بمقاطعة ناجحة أطلقها أنصار جماعة الإخوان المسلمين والمعارضة اليسارية.
وأكدت عزوف شريحة الشباب عن هذه الانتخابات، حيث بدت لجان التصويت فارغة إلا من مجموعات صغيرة من العجائز والنساء، بالرغم من الإجراءات التي اتخذتها اللجنة العليا للانتخابات لتشجيع المواطنين على النزول للتصويت.
بدورها، قالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية إن الآلة الدعائية الجبارة للمشير عبد الفتاح السيسي فشلت في حشد المصريين للتصويت على اعتلائه عرش مصر، ما دفع السلطات إلى مد التصويت ليوم ثالث لحث الناخبين على المشاركة في الانتخابات.
وأشارت إلى أن السلطات بذلت جهودا مضنية لدفع الناخبين للإدلاء بأصواتهم فأعلنت الحكومة يوم الاثنين الماضي عطلة رسمية ونقلت المغتربين إلى محافظاتهم مجانا.
واعتبرت الصحيفة أن ضعف الإقبال يشير إلى أن شريحة كبيرة من الناخبين - أكثر بكثير من الإسلاميين الذين يتعرضون للقمع الشديد - غير مقتنعة بأن الجنرال السابق يمكنه تنفيذ وعوده بالأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي في مصر المنقسمة بشدة.
الحكومة مذعورة
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن السلطات الحالية واجهت مشكلة في إقناع المصريين بالمشاركة في انتخابات الرئاسة، بعد أن كانت المشكلة الأساسية في كل الاستحقاقات التي تلت ثورة يناير هي كيفية استيعاب الحشود التي تريد التصويت في الانتخابات.
وأضافت الصحيفة أن مد المسؤولين فترة التصويت ليوم ثالث لم يكن بسبب صفوف الناخبين الطويلة، وإنما كان بسبب قلة أعداد المشاركين بالأساس، مشيرة إلى أن علامات الذعر ظهرت بشدة على الحكومة عندما ظلت لجان الاقتراع فارغة في اليوم الثاني.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن الإقبال الضعيف ربما يعكس نفور المصريين من العودة لمثل هذه الانتخابات المخططة والمعروف نتيجتها مسبقا، بعدما جربوا انتخابات حرة وتنافسية عقدت بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك عام 2011.
وتابعت: "يرى مراقبون أن فقر المشاركة كان أيضا أحدث مؤشر على أن أنصار السيسي كانوا أضعف مما صورهم الإعلام".
أما وكالة "رويترز" فقالت إن مد التصويت يوما إضافيا كان محاولة لزيادة الإقبال الذي جاء أقل من المتوقع بحيث يهدد بتقويض مصداقية السيسي.
فيما رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن إعلان الحكومة المصرية مد التصويت ليوم الثالث أمر "يدعو إلى التشكيك في شرعية السيسي"، مضيفة أن الإقبال الهزيل سوف يجرح السيسي سياسيا ويطيح بصورته كقائد لا يقهر.
انتخابات بدون ناخبين
من جانبها، أكدت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن الناخبين خيبوا ظن عبد الفتاح السيسي، حيث كان الإقبال على مراكز الاقتراع ضعيفا، عكس ما كان يتوقعه الجميع حتى السيسي نفسه.
وقالت الصحيفة، إن "الإعلام الحكومي والخاص، قاد حملة لدفع أكبر عدد من المصريين إلى المشاركة في الانتخابات، حيث قال أحد المذيعين (في إشارة إلى توفيق عكاشة) إنه مستعد لتقبيل أيدي وأرجل المواطنين حتى يذهبوا للتصويت"، داعيا لقتل النساء اللاتي فضلن التسوق على المشاركة في الانتخابات. وأضافت أن رئيس الوزراء إبراهيم محلب هدد المواطنين بفرض غرامات مالية على المقاطعين.
وأكدت "فاينانشيال تايمز" أنه بالرغم من كل هذه الجهود، فقد ظلت مراكز الاقتراع خاوية تماما كما كانت تبدو عليه في عهد مبارك، مشيرة إلى أن الانتخابات تزامنت مع عمليات قمع استهدفت الإسلاميين واليساريين المعارضين للحكومة.
ونقلت عن محللين قولهم إن المصريين أصيبوا بالإرهاق من تكرار الذهاب للانتخابات في 3 سنوات فقط، مضيفة أن إغراق شوارع مصر بالدعاية للسيسي أدت إلى عزوف شريحة كبيرة من الناخبين.
واختتمت تقريرها بالقول إن الوصول إلى نسب مشاركة تتعدى انتخابات الرئاسة في عام 2012 التي جاءت بالرئيس المنتخب محمد مرسي، يمثل تحديا للسلطة الحالية حيث تحتاجه بشدة لتعطي الرئيس القادم شرعية على المستويين الدولي والمحلي.
أما شبكة "سي أن أن" الإخبارية الأمريكية، فأذاعت تقريرا لها اعن الانتخابات الرئاسية فضح اللجان الانتخابية الفارغة إلا من رجال الأمن الذي كانوا دوما أكثر من المصوتين.
وتساءل مراسل الشبكة في القاهرة: "لماذا إذن مددت السلطات التصويت ليوم ثالث إذا كانت اللجان خالية من الطوابير أو الزحام؟".
من جانبها قالت وكالة الأناضول التركية إن مشهد انتخابات الرئاسة كشف عن حقيقة أن مقولة "المصريون أبهروا العالم"، لم تعد دقيقة بالشكل الكافي وأصبح من المنطقي استبدالها بمقولة جديدة هي "المصريون حيروا العالم".