مع تفاقم الأوضاع الإنسانية وسقوط عشرات بل مئات
القتلى يوميا من المعارضة والقوات النظامية، تبرز بعض القصص الإنسانية التي تختزل المأساة التي حلت بسوريا، ومن هذه القصص التي تثير المشاعر الإنسانية قصة "
بائع البسكويت" ذو العشرة أعوام، حيث ذكر ناشطون سوريون أن طفلاً يبلغ من العمر نحو 10 سنوات كان يبيع البسكويت في
حلب، قتل في
قصف جوي لقوات النظام على المدينة.
لم يكن يعلم الطفل "بائع البسكويت" كما يسميه أهالي الأحياء التي تسيطر عليها قوات المعارضة في مدينة حلب شمالي
سوريا، أن الليرات القليلة التي جمعها في جيبه من جراء بيعه للبسكويت لن يستطيع إيصالها بنفسه لعائلته كعادته وإنما سيقوم من حاول إسعافه بإيصالها لهم مع جثته.
الطفل البالغ من العمر نحو 10 أعوام والذي لا يعلم اسمه الحقيقي معظم سكان الأحياء الذين كانوا يشاهدونه يومياً يبيع البسكويت في شوارع وأزقة أحياء حلب، سقط قتيلاً، يوم الجمعة، جراء قصف جوي لقوات النظام على حي بستان القصر في حلب، حسب ما ذكر ناشطون سوريون معارضون في المدينة.
وفي تصريح لوكالة "الأناضول"، قال محمد نيال، وهو ناشط إعلامي من مدينة حلب، إن الطفل القتيل كان يحمل بشكل دائم صندوقاً من الورق المقوى وفيه بضع قطع من البسكويت ليبيعها داخل الأحياء "المحررة" من قوات النظام ليعيل عائلته بثمنها، قبل أن تتعرض المنطقة التي كان يتواجد فيها لقصف جوي من قبل قوات النظام أودى بحياته.
عشرات القتلى من القوات النظامية بحلب
كما قتل 20 عنصرا على الأقل من القوات النظامية والمسلحين الموالين لها السبت عندما فجر مقاتلو المعارضة نفقا في مدينة حلب في شمال سوريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال المرصد "فجرت الكتائب الإسلامية صباح اليوم نفقا بالقرب من سوق الزهراوي في حلب القديمة، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 20 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها".
وأشار إلى ان التفجير تبعته اشتباكات بين قوات النظام وعناصر الكتائب الإسلامية المقاتلة، ما أدى إلى سقوط مقاتل معارض على الأقل.
ونشرت "الجبهة الإسلامية"، وهي اكبر التشكيلات المقاتلة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، شريط فيديو على حسابها الرسمي على موقع "تويتر"، قائلة انه لعملية التفجير.
وتسمع في الشريط أصوات اطلاق نار كثيف، قبل حدوث انفجار ضخم أدى إلى قذف كميات هائلة من الأتربة والحجارة لعشرات الأمتار في الهواء. وبقيت أصوات الرصاص تسمع بعد الانفجار.
ولم يكن في الإمكان التحقق من صحة الشريط من مصدر مستقل.
وكثف مقاتلو المعارضة في الأسابيع الأخيرة من استخدام تكتيك تفخيخ الأنفاق في المعارك ضد القوات النظامية. ويقوم المقاتلون بحفر انفاق بدءا من مناطق يسيطرون عليها، وصولا إلى مواقع تابعة للنظام. ويقومون عادة بتفخيخها وتفجيرها، أو يتسللون منها لشن هجمات.
وتبنت "الجبهة الإسلامية" غالبية تفجيرات الأنفاق، وآخرها عملية نسف فندق الكارلتون الأثري في حلب القديمة الذي كانت تستخدمه القوات النظامية كمركز لها، ما أدى إلى مقتل 14 عنصرا منها في الثامن من أيار/مايو.
وبقيت حلب، كبرى مدن الشمال السوري، في منأى عن النزاع الذي اندلع في سوريا منتصف آذار/مارس 2011. إلا ان المدينة تشهد معارك يومية منذ صيف العام 2012، ويتقاسم النظام والمعارضة السيطرة على أحيائها.
استمرار قصف النظام لمواقع المعارضة
تعرضت مناطق سيطرة المعارضة في حلب وريفها لحملة من القصف الجوي العنيف خلال الأشهر الماضية، أدت إلى مقتل نحو ألفي شخص من المدنيين منذ مطلع العام 2014، بحسب المرصد.
والسبت، ألقى الطيران المروحي خمسة براميل متفجرة على مناطق في حي الصاخور (شرق)، ما أدى إلى مقتل امرأة، بحسب المرصد.
كما تعرضت أحياء الشعار وكرم الجبل وبستان القصر لقصف مماثل.
اشتباكات بريف دمشق
وفي الأثناء تعرضت أماكن بريف دمشق في قريتي عين البيضا والثورة لقصف من قوات النظام، دون معلومات عن خسائر بشرية إلى اللحظة، في حين تدور اشتباكات بين مقاتلي الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية من طرف وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف آخر في شمال مدينة داريا بالغوطة الغربية، بالتزامن مع قصف بقذائف الهاون والمدفعية من قبل قوات النظام على مناطق في المدينة، دون إصابات حتى الآن، في حين تستمر قوات النظام في قصف مناطق في بلدة المليحة ومحيطها، بينما ارتفع إلى 10 عدد الصواريخ التي يعتقد أنها من نوع أرض - أرض، والتي أطلقتها قوات النظام على مناطق في المليحة، وسط استمرار الاشتباكات بين جبهة النصرة ( تنظيم القاعدة في بلاد الشام) والكتائب الإسلامية من طرف، وفوات النظام والمسلحين الموالين لها وحزب الله اللبناني من طرف آخر في المليحة ومحيطها.
اشتباكات بمناطق متفرقة
تجددت الاشتباكات بين الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة من طرف وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف آخر في الجهة الشمالية من مدينة داريا بالغوطة الغربية، وسط قصف من قبل قوات النظام على منطقة الاشتباك، بينما لاتزال بلدة المليحة ومحيطها تشهد اشتباكات بين قوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومسلحين من جنسيات عربية ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة ومقاتلي جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام ) و الكتائب الإسلامية من جهة أخرى، بالتزامن مع قصف من قبل قوات النظام على مناطق في البلدة ومحيطها، في حين فتحت قوات النظام نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في مدينة سقبا بالغوطة الشرقية، كما دارت اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها ومقاتلي لواء أبو الفضل العباس الذي يضم مقاتلين من الطائفة الشيعية من طرف وجبهة النصرة ( تنظيم القاعدة في بلاد الشام ) والكتائب الإسلامية من طرف آخر في أطراف بلدة البلالية بالغوطة الشرقية، وأنباء عن قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها، في حين استشهد 4 رجال من مدينة النبك داخل سجون قوات النظام.
تفاقم الوضع الإنساني للاجئي لبنان
وفي سياق متصل أصدر وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق اليوم السبت قرارا يطلب من النازحين السوريين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الامتناع عن الدخول إلى سوريا اعتبارا من يوم غدا الأحد "تحت طائلة فقدان صفتهم كنازحين في لبنان"، وذلك قبل أيام قليلة من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في الداخل السوري، ودعوة النظام لهم للمجيء والانتخاب ثم العودة إلى بلد اللجوء مجددا.
وقال بيان صادر عن مكتب المشنوق أنه من أجل تنظيم عملية دخول وخروج الرعايا السوريين إلى الأراضي اللبنانية، يُطلب إلى جميع النازحين السوريين والمسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الامتناع عن الدخول إلى سوريا اعتبارا من الأول من شهر حزيران/يونيو المقبل "تحت طائلة فقدان صفتهم كنازحين في لبنان".
محاولة لإفشال الربيع العربي
وحول ما يجري في سوريا قال الإعلامي التركي "طوران قشلاقجي" أن أي تغيير يعصف بالشرق الأوسط لا يقتصر تأثيره على المنطقة فحسب، بل يمتد ليشمل العالم برمته، واصفاً القمع والدم النازف في سوريا بأنه محاولة لإفشال الربيع العربي، الذي بدأ في تونس وامتد إلى غيرها من دول المنطقة.
جاءت تصريحات قشلاقجي في محاضرة بعنوان "الربيع العربي والتوازنات في سوريا والشرق الأوسط"، ألقاها في ورشة عمل، تحت اسم "اختبار العالم بالأزمة السورية"، نظمها مركز "غاب" للأبحاث الزراعية، وأدار أنشطتها النائب في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية بولاية عنتاب "علي شاهين".
وأوضح قشلاقجي أنه "بات من الصعب العثور على الحقيقة في هذا العصر"، وعزا ذلك إلى "اتباع الناس لما تمليه عليهم مذاهبهم ومشايخهم وزعماؤهم عوضاً عن الحقيقة، وهو ما يحدث تماماً في الشرق الأوسط"، كما لفت إلى أن التقلبات التي يعيشها الشرق الأوسط عامة، وسوريا خاصة، بحاجة إلى تحليل ودراسة معمقة.