ملفات وتقارير

234 ألف عاطل عن العمل أمام حكومة "التوافق الوطني"

السوق الشرقي من مدينة نابلس قبلة الفقراء - عربي21
تواجه حكومة "التوافق الوطني" الفلسطينية التي أعلن عن تشكيلها اليوم تحديات عدة، ومن ضمنها مستويات الفقر والبطالة المرتفعة في المجتمع الفلسطيني.

فمن يسير في الشوارع الرئيسة في مدينة نابلس، وفي التجمعات التجارية سيجد انتشارا لمتسولين، ويلاحظ أن معظمهم من الأطفال والنساء، بينما يشهد السوق الشرقي من المدينة الذي يبيع الملابس والأدوات المستعملة إقبالا من مختلف شرائح المجتمع لأسعاره المقبولة عند المستهلك ذي الدخل المحدود.

وتتعدد نماذج المعاناة، فالمواطن إسحق (50 عاما)، يتقاضى مبلغ 750 شيقلا (نحو 220 دولارا) كل ثلاثة شهور، من الشؤون الاجتماعية بسبب فاقته. يقول لـ"عربي21": "المبلغ لا يكفيني حتى لشراء الحاجيات الأساسية، الأسعار مرتفعة ولا تناسب المواطن، وأنا مريض بالتصلب اللويحي والأعصاب والضغط وأحتاج لأدوية كثيرة غالية الثمن بالنسبة لدخلي، ولا أتمكن من دفع أجرة المنزل وفواتير الكهرباء والماء، فأنا غير قادر على العمل بسبب وضعي الصحي".

وأوضحت بيانات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، أن معدل البطالة بين المشاركين في القوى العاملة في فلسطين بلغ 20.6 في المئة، خلال الربع الثاني من العام 2013، وبلغ عدد العاطلين عن العمل 234 ألف شخص، منهم 126 ألفاً في الضفة الغربية و108 آلاف في قطاع غزة.

وتشير رنا المصري، مديرة الشؤون الاجتماعية بنابلس، إلى أن عدد الأسر الفقيرة المسجلة لدى الشؤون الاجتماعية في الضفة لوحدها هو 150 ألف أسرة، وتقدم الشؤون الاجتماعية مساعدات لـ110 آلاف من الأسر المسجلة، بينما هناك 40 ألف أسرة فقيرة ما زالت بحاجة للدعم.

وفي قطاع غزة، قال رئيس اللجنة الشعبية لكسر الحصار عن غزة  جمال الخضري، إن نسب ومعدلات الفقر والبطالة في قطاع غزة تجاوزت الـ50% من السكان، بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر للعام الثامن على التوالي.

وقال الخضري خلال تصريح صحفي في شهر آذار الماضي، إن أكثر من مليون مواطن يعتمدون على المساعدات الإغاثية، فيما يبلغ معدل دخل الفرد اليومي دولارين فقط.

أسباب المشكلة


وتعزو المصري في حديثها  لـ"عربي21" سبب الفقر إلى الاحتلال وإجراءاته، وفقدان الكثير من العمال فرص العمل داخل فلسطين 48، وسيطرة الجدار العنصري والمستوطنات على الأراضي الزراعية، واستيلاء الاحتلال على المياه الجوفية، ما تسبب في تراجع الزراعة وفقدان الكثير من المزارعين لمصدر رزقهم، وتسببت هذه البطالة المرتفعة بزيادة الفقر.

 وأشارت إلى مشكلة اقتصادية يقع فيها الكثير من الأهالي، وهي اعتمادهم على القروض لتعليم أبنائهم، ما يتسبب في تراكم الديون والمستحقات في ظل عدم توفر فرص العمل.

وتعتمد الكثير من العائلات المحتاجة على خدمات ومساعدات وكالة الغوث، وترى المصري أنه في حال تراجعت الوكالة عن تقديم هذه الخدمات فستزداد مشكلة الفقر تعقيدا، ويزداد العبء على وزارة الشؤون الاجتماعية. فخلال إضراب العاملين في الوكالة الذي استمر لشهرين واجهت الحكومة مشكلة حقيقية من خلال اضطرارها لتقديم المساعدات الطبية عندما توقفت عيادات الوكالة عن العمل، واضطرت لتقديم الخدمات التي كانت تقدمها لجان المخيمات.

بدوره قال الخبير الاقتصادي الدكتور يوسف عبد الحق لـ"عربي21"، إن السبب الأساسي للفقر هو الاحتلال وسياساته، لكنه اعتبر أن الاحتلال ليس وحده المسؤول عن سوء الوضع الاقتصادي الفلسطيني، إذ إن "هناك السوء الإداري وضعف توزيع الثروة وعدم تطبيق القانون في كثير من الحالات وبالتالي زيادة معدل الفقر. كما أن للاتفاقيات الاقتصادية دور في الفقر مثل اتفاقية باريس الاقتصادية التي ربطت الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي، وزادت العبء على المواطن بسبب رفع الأسعار المستمر، إضافة إلى الدول المانحة التي زادت معدلات الفقر باستخدام مساعداتها للضغط على الفلسطينيين وانتزاع التنازلات أو قطع المساعدات".

وحذر عبد الحق من عواقب ازدياد معدل الفقر، لما يمكن أن ينجم عنه من انهيار اجتماعي، "لأن المواطن أصبح يبحث عن سد رمق ابنه ولا يبحث عن أي شيء آخر، وتنازل عن دوره في المجتمع، كما أن من الممكن انتشار الجرائم، والخطورة تطال الجيل القادم بسبب عدم قدرة الكثيرين من الأهل على تعليم أبنائهم".

واعتبرت المصري أن حل مشكلة الفقر أمر معقد ويحتاج إلى تكامل الجهود بين المؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة، "لأن السلطة تعاني من أزمة مالية ولا يمكنها السيطرة على الفقر وحدها، وندعو المؤسسات لدعم الأسر الفقيرة من خلال تمويل المشاريع الصغيرة حتى تتمكن من الاعتماد على نفسها بدلا من تلقي المساعدات التي لا تكفي وهذا يخفف العبء عن الحكومة".