عبّر
المؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان المؤقت وأعلى سلطة بالبلاد) عن إدانته الشديدة للمحاولات "الانقلابية" المتتالية للاستيلاء على السلطة، واصفًا إياها بـ"
الإرهاب الجديد والخروج عن الشرعية"، مطالبًا الحكومة الجديدة بـ"القبض على كافة العسكريين
الانقلابيين وتقديمهم للمحاكمة".
وقال رئيس اللجنة القانونية والدستورية بالمؤتمر، عمر بوليفة، في بيان قرأه أمام الصحفيين بمقر البرلمان، برفقة بعض النواب، إن "البرلمان قدّم كافة التسهيلات المالية والغطاء القانوني لحكومة تصريف الأعمال المقالة (حكومة عبد الله الثني) إلا أنها فشلت في أداء مهامها وأهدرت المال العام على المجموعات المسلحة، فضلاً عن تخاذلها في تطبيق قرارات وقوانين البرلمان الليبي".
وأضاف بوليفة أن "الإهمال وتراكم الأزمات تسببا في انفلات يصعب العمل على معالجته، الأمر الذي دفعنا لضرورة التعجيل في استلام الحكومة الجديدة (حكومة أحمد معيتيق) لأداء مهامها في ظل الوضع الأمني المتدهور وتمكينها لتدارك الأمور".
وأشار النائب الليبي إلى أن "القادة الأمنيين والعسكريين دائمًا ما كانوا يوهمون اللجان التخصصية أن الأوضاع الأمنية جيدة وتحت السيطرة، وهو أمر عارٍ عن الصحة إطلاقًا ويعكس مدى تخاذل هذه الأجهزة الأمنية والعسكرية".
ولفت إلى أن "البرلمان طلب مرارًا من الحكومة المقالة مراقبة وإبعاد العسكريين المتقاعدين عن المعسكرات، والذين استغلوا قصور الحكومة في بسط نفوذهم على ثكنات وأسلحة الجيش الليبي
ما أحدث انقسامًا داخل القوات المسلحة".
ودعا بوليفة في نهاية البيان كافة الناخبين الليبيين إلى ضرورة التوجه إلى صناديق الاقتراع في 25 حزيران/ يونيو المقبل (انتخابات البرلمان الجديد)؛ حفاظًا على مبدأ التداول السلمي للسلطة والمسار الديمقراطي بالبلاد، مطالبًا الحكومة بحماية صناديق الاقتراع.
جاء ذلك إثر عقد البرلمان الليبي جلسة تشاورية، هي الثالثة من نوعها بعد اقتحام مقره بالثامن عشر من أيار/ مايو الماضي من قبل مسلحي القعقاع والصواعق، وحضرها 75 نائبًا دون الوصول إلى النصاب القانوني لعقد جلسات رسمية المقدر بـ 92 نائبًا من إجمالي 182 نائبًا.
وميليشيا "القعقاع" وميليشيا "الصواعق"، وهما من أقوى الميليشيات المسلحة وتأسستا بعيد انتهاء الثورة في
ليبيا في 2011، وعُهد لبعضها بحماية مسؤولي الحكومة والمجلس الانتقالي السابق، وسبق لهما الاعتداء على نقاط أمنية، ومقر المؤتمر الوطني العام (البرلمان).
ونالت
حكومة معيتيق، الأسبوع الماضي، ثقة البرلمان بـ83 صوتاً من أصل 93 نائبا حضروا جلسة التصويت على منح الثقة، فيما حجبت أربع حقائب وزارية، وهي التعليم والدفاع والخارجية والتخطيط، وذلك من أجل إشراك القوى المعارضة للحكومة في التشكيلة الوزارية.
واعتبر بعض أعضاء المؤتمر أن منح الثقة "باطل"، لمخالفته تعديل الإعلان الدستوري الذي يقضي بضرورة منح الثقة بـ 120 صوتاً، وفق اتفاق سابق بين الكتل السياسية في البرلمان، خلافا للقانون الذي يقضي بمنح الثقة أو سحبها من الحكومة، بنسبة 50% + 1، الأمر الذي يثير خلافا حول "شرعية" منح الثقة لمعيتيق.
وحاليا، يبلغ عدد أعضاء البرلمان الليبي 182، بعد أن كان 200 عضو، حيث استقال بعض النواب، واستبعدت لجنة "تطبيق معايير النزاهة والوطنية" البرلمانية، بعض النواب لأسباب تتعلق بـ"النزاهة".
وترفض حكومة الثني تسليم مهامها إلى حكومة معيتيق، وتعتبر أن عملية تكليف معيتيق برئاسة الحكومة من قبل المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت) الأسبوع الماضي لم تكن قانونية، وتنتظر حكما من المحكمة العليا (الدائرة الدستورية) في هذا الشأن.
إلا أن رئيس الحكومة الليبية الجديدة، أحمد معيتيق، دخل الليلة الماضية، مقر رئاسة الوزراء بالعاصمة طرابلس، وسط تعزيزات عسكرية مشددة، بحسب مصادر مسؤولة.
ومنذ نحو أسبوعين، تشهد الأوضاع الميدانية في ليبيا تصعيدا أمنيا إثر وقوع اشتباكات مسلحة بين قوات اللواء المتقاعد والمدعوم من دول إقليمية وغربية، خليفة
حفتر، وبين عناصر تتبع رئاسة أركان الجيش الليبي، في محاولة للسيطرة على مدينة بنغازي، تلتها محاولة مسلحين موالين له اقتحام مبنى المؤتمر الوطني العام بالعاصمة الليبية طرابلس؛ ما أسقط عشرات القتلى.