شهدنا خلال الأسابيع الماضية ثلاثة انتخابات مهمة الأولى برلمانية في العراق واثنتان رئاسيتان في
سوريا ومصر، وقد يكون لدى الكثير من القوى العربية والإسلامية ملاحظات عديدة حول هذه الانتخابات ومدى شرعيتها أو صحة نتائجها أو توفر الظروف الطبيعية لإقامتها في ظل ما تعانيه هذه الدول من مشاكل سياسية وأمنية وعسكرية وفي ظل تراجع الحريات والقهر والظلم الممارس في هذه الدول ، لكن رغم كل هذه الملاحظات وأهميتها وصحتها ، فان ذلك لن يلغي نتائج الانتخابات وانها أفرزت وقائع جديدة على الصعيدين السياسي والشعبي.
أما في لبنان فلا يزال اللبنانيون ينتظرون حصول الانتخابات الرئاسية ويعيش لبنان في شغور أو فراغ رئاسي والحكومة اللبنانية تدير الأوضاع بانتظار حصول الانتخابات الرئاسية مع أن بعض قيادات قوى 8 آذار تتوقع حصول الانتخابات النيابية قبل الرئاسية ، مما يعني أننا سنكون أمام خريطة سياسية جديدة بعد عدة اشهر.
ويقول مفكر إسلامي ناشط على صعيد
الحوار الإسلامي- الإسلامي والإسلامي –القومي : إن على القوى الإسلامية والقومية أن تتعاطى مع التطورات المستجدة برؤية جديدة وعدم البقاء في المربعات السابقة للازمات القائمة، فالأوضاع في سوريا لا تتحمل المزيد من الصراعات والقتل والعنف لان ما يجري يستنزف القوى الحية في الأمة ولا سيما القوى الإسلامية، وفي مصر تتجه الأوضاع نحو مرحلة جديدة والخاسران الأساسيان التياران الإسلامي والقومي وقوى الثورة الحقيقية ، وقد استفادت قوى النظام القديم من أخطاء الجميع وها هي تعود إلى الساحة مجددا، وفي العراق سيتم تشكيل السلطة مجددا رغم الصراعات الأمنية والعسكرية والسياسية ، واذا لم تتشكل هذه السلطة بروح تشاركية ووحدوية فان الخسارة ستشمل الجميع من قوى عراقية أو قوى مؤثرة في العراق.
وإزاء كل ذلك يعتبر المفكر القومي –الإسلامي: أن المطلوب من القوى الإسلامية والقومية والثورية في الوطن العربي ، إضافة للقوى الفاعلة في العالم الإسلامي إعادة دراسة ما يجري من تطورات والعودة لفتح حوار عميق حول ما يجري والوصول إلى تسويات أو اتفاقات جديدة فيما بينها لتجاوز مرحلة الصراع السابقة، وان
تركيا وايران إضافة للقوى والحركات الإسلامية الفاعلة تستطيع أن تلعب دورا مهما في إعادة تصويب البوصلة ووقف الصراعات غير المنتجة والوصول لحلول سياسية أو إعادة تحديد أفق جديد للصراعات القائمة.
ورغم حالة الإحباط واليأس والقلق التي تسود لدى بعض النخب العربية والإسلامية، فان هذا المفكر القومي-الإسلامي يعتبر أن المتغيرات الحاصلة في المنطقة هي لصالح القوى التغييرية والثورية لان القوى التي كانت تحكم المنطقة هي في حالة تراجع رغم هجومها المضاد، وان القوى المقاومة نجحت برسم آفاق جديدة للصراع ولم تعد أميركا وإسرائيل قادرتان على تغيير المعادلات ،والقوى المعادية للتغيير لن تستطيع أن تمنع حصوله إن آجلا أو عاجلا.
إذن نحن أمام رؤية إيجابية ومتفائلة للأوضاع، لكن في موازاة ذلك فان القوى الإسلامية والقومية تحتاج إلى إعادة قراءة جديدة للتطورات وتقديم رؤية مختلفة عما هو السائد حتى اليوم، وفي الأشهر القليلة المقبلة سنكون أمام ثلاثة محطات مهمة : الأولى انعقاد المؤتمر القومي العربي في بيروت في شهر حزيران(يونيو) الحالي والثانية انعقاد الجمعية العامة للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين في إسطنبول في شهر آب/أغسطس المقبل والثالثة انعقاد المؤتمر القومي-الإسلامي في تونس في شهر أيلول/سبتمبر وخلال هذه المرحلة تتكثف الحوارات واللقاءات والاتصالات الإقليمية والدولية وبين القوى الإسلامية والقومية، فهل نشهد رؤية جديدة للتطورات أم سنظل غارقين في الصراعات العبثية؟