بعبارات مكررة وكلام "مُعاد" يذكر بخطابه الأول بعد انطلاق الثورة
السورية، يحاول الرئيس السوري بشار
الأسد الإيحاء بقرب "انتصاره" وأن الأمور تتحول لصالحه، محليا وإقليميا ودوليا، وهذا ما عبّر عنه أخيرا في حديث نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية الأربعاء.
لكن
زهير سالم، الكاتب السوري البارز والقيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين، يرفض وضع طريقة حديث بشار الأسد في إطار "الثقة" أو "الانتصار". لكنه يوضح في المقابل؛ أن الذين "يراهن" عليهم الأسد "هم أنفسهم من راهن عليهم في الماضي"، مستدركا بالقول: "هؤلاء ليسوا
إيران أو روسيا فقط، بل هو هو يراهن على الغرب".
ومع ذلك يؤكد سالم أن "الناس ترفضه" (الأسد)، حتى لو عادت بها عقارب الساعة إلى ما قبل آذار/ مارس 2011. واستذكر سالم بداية عهد بشار الأسد في السلطة، وقال إن كل الدول دعمته وساعدته على تثبيت حكمه لسبب أو آخر.
وقال سالم إن ما نقلته صحيفة الأخبار عن الأسد "معاد وسمعناه كثيرا في الفترات الماضية"، كما أن الحديث عن "الحوار والانتصار هو نفس الكلام الذس سمعناه في الماضي".
ويقول سالم: "يبدو أن الدور الإيراني يحاول كسب الحلفاء" في المنطقة، مشيرا إلى زيارة حسن روحاني إلى تركيا على سبيل المثال، وهي الزيارة التي تحدث عنها بشار الأسد وعلق عليها آماله لتغيير السياسة التركية تجاه ما يجري في سورية.
وكان الأسد تحدث عما أسماها "إشارات" أمريكية وغربية تعبّر عن تغير المواقف الغربية لصالحه، متحدثا في المقابل عن "صمود" موقف حليفه الإيراني.
من جهة أخرى، عبّر زهير سالم عن أسفه إزاء الافتراق بين السعودية من جهة وقطر وتركيا من جهة أخرى؛ على خلفية الخلاف حول مصر. وأوضح أنه "في ظل حالة الاستقطاب هذه يبحث الإيرانيون عن مرتكز لهم. والخاسر هو الشعب السوري".
وشدد سالم على أنه "ليس هناك داعم حقيقي" للثورة السورية وخصوصا على المستوى العسكري. ورغم إشارته إلى الدعم الإنساني التركي، إلا أنه على مستوى الدعم بالسلاح على سبيل المثال فإن جميع الأطراف "مقيدة" في النهاية بالقرار الأمريكي، وفق تقديره.
وهاجم سالم الموقف الأمريكي بشدة، معتبرا أنه يقوم على ثلاثة مقومات منذ البداية: "إطلاق يد الأسد في استعمال كل أنواع الأسلحة، مع رسم خط أحمر يتعلق باستخدام الأسلحة غير التقليدية"، و"إطلاق يد أنصار الأسد وحلفاؤه من الإيرانيين والروس لتقديم كل أشكال الدعم"، وفي المقابل، "كانت الإدارة الأمريكية تقيد يد الثائر السوري، سواء على مستوى تقييد السلاح أو الحركة".
وأضاف سالم: "هذا كله ربما يجعله (الأسد) يطمئن". ورأى أن "الذي يرى الموقف الأمريكي غير هذا في قلبه شيء أو في عقله شيء".
وفي حين نقلت الصحيفة اللبنانية عن الأسد هجومه على المبعوث الدولي السابق إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، الذي استقال من مهمته الشهر الماضي، حيث اتهمه الأسد بعدم النزاهة لأنه نصحه في السابق بالتنحي عن السلطة، قال سالم إن الإبراهيمي "أصبح جزءا من الماضي، ولكنه تحمّل وزر كل جرائم بشار الأسد" التي وقعت خلال فترة مهمته.
ولم يشأ سالم التعليق مباشرة على زعم بشار الأسد أن السعوديين عرضوا عليه في بداية الثورة المساعدة في "سحق المنتفضين، وخصوصا الاخوان المسلمين"، واكتفى سالم بالقول إن القضية لم تكن قضية إخوان مسلمين.
وكانت صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله في لبنان؛ قد نقلت عن الأسد قوله أنه "حين بدأت الازمة في سورية، أرسل لنا (العاهل السعودي) الملك عبد الله ابنه عبد العزيز يطلب منا ان نسحق المنتفضين، وخصوصا الاخوان المسلمين، سريعا وعرض المساعدة" حسب قوله. وأرجع الأسد تغير الموقع السعودي إلى "الإملاءات الأمريكية تختلط مع الحقد الشخصي، فينتج هذا الموقف العدائي من السعودية" وفق تعبيره.
ولم يصدر أي تعليق رسمي سعودي على هذه المزاعم.
وقال الأسد أيضا إن الغرب "لن يستطيع أن يفعل أكثر مما فعل لتغيير المعادلة"، وزعم أن "الأسلحة الفتاكة وغير الفتاكة متوفرة عند المسلحين
الإرهابيين منذ فترة طويلة بما فيها مضادات الطائرات"، حسب قوله.
كما اتهم قطر بأنها "لا تزال تدعم وتموّل المسلحين، لكنها تسعى الآن الى التقارب مع إيران، وتعرب عن استعدادات لتغيير شيء من موقفها". كما وجه اتهامات مماثلة إلى تركيا بدعم "الإرهاب".
وقال إن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين "يحاولون التواصل معنا، لكنهم لا يجرؤون بسبب لوبيات تضغط عليهم"، حسب قوله.
وحول مؤتمر "جنيف 2" الخاص بسورية، اعتبر الأسد أن المؤتمر "انتهى لأن الظروف تغيرت.. والنصر في نهاية المطاف لنا" حسب قوله. وأضاف: الحوار مع "معارضة الخارج" لن يقدم شيئا "لأنها ببساطة لم تعد تمون على شيء، ليست لها علاقة لا بالناس ولا بالأرض، بيعت لها أوهام من دول غربية وعربية فباعت الناس أوهاماً، جاءت الانتخابات لتعرّيها، ما بعد الانتخابات ليس كما قبلها، والناس قالوا رأيهم وعلينا احترامه". بل إن الأسد تحدث عن إعادة الإعمار التي قال إنها ستبدأ بعد سيطرته على حلب، وفق ما نقلت عنه صحيفة الأخبار.