تستمر الاحتفالات أمام نافورة "فوينتي دي لا هيسبانيداد" في سان خوسيه عاصمة كوستاريكا منذ فوز الأخيرة على إيطاليا 1-صفر الجمعة الماضي في مباراتها الثانية ضمن مونديال
البرازيل 2014 لكرة القدم وضمان تأهلها إلى الدور الثاني.
جماهير ترتدي قمصان منتخب "لوس تيكوس" خرجت ببحر من اللحظات الحمراء بعد صافرة النهاية أمام إيطاليا وفوز البلاد بهدف براين رويز، على وقع هرم من اللاعبين غير المصدقين على مستطيل ملعب "ارينا برنامبوكو" في رسيفي.
خلق التأهل حالة جنون بعد إقفال المدارس أبوابها مانحة الأطفال فرصة الانضمام إلى الاحتفالات، فذرفت دموع الفخر بغزارة في شوارع سان خوسيه، لدرجة أن بعضهم هتف على وقع الصدمة: "سنحرز
كأس العالم.
أنا سعيد لهذه الدرجة!".حتى الرئيس لويس غييرمو سوليس المنتخب حديثا نزل بين الآلاف من الحشود مشاركا في الاحتفالات، بعدما أصاب بتوقعه نتيجة الفوز 1-صفر لبلاد يصفها البعض بانها الأسعد في العالم. من كان يتصور أن كوستاريكا المغمورة ستساهم في إقصاء بطلين سابقين للعالم من مجموعة الموت الرابعة التي تضم إيطاليا، الأوروغواي وإنكلترا.
كان فوزها الأول على الأوروغواي (3-1) صادما، فرأى المدرب البرتغالي الشهير جوزيه مورينيو أن "كوستاريكا حققت نتيجة مفاجئة ويستبعد أن تكررها مرة ثانية أمام إيطاليا. (المهاجم) جويل كامبل ليس جديدا، ولا الأسلوب التكتيكي الذي يعتمدونه أو حتى الطريقة التي يضغطون بها إلى الأمام... ستكون مفاجئة كبرى إلا تفوز إيطاليا في هذه المباراة".
بعد الفوز الصاخب على إيطاليا، لم يتأخر المدرب الكولومبي خورخي لويس بينتو بالرد على مورينيو، فأهدى بطله والمدرب الأسطوري شكره "لشكوكه في امكاناتنا"، وتابع "مورينيو، الذي اعتبره قدوة لي، قال إننا لن نحقق المفاجأة مرة ثانية!".
قد يكون انتقاد مورينيو لطيفا، لكن ما وعد به المهاجم الإيطالي ماريو بالوتيلي بحال تسجيله وإنقاذ انكلترا من الخروج بطلب قبلة من الملكة اليزابيث كان مهينا. تحدت كوستاريكا بالوتيلي بالفوز عليها، لكنه اهدر عدة كرات وسقط مرارا في مصيدة التسلل.
امضى فترات اللقاء محبطا من دفاع "لا سيلي" (لقب آخر للمنتخب) ونال بطاقة صفراء لرميه مدافعا على الارض.لكن الإهانة الكبرى التي لم يهضمها الكوستاريكيون حدثت بعد مباراة ودية خسرتها أمام اليابان مطلع حزيران/يونيو 1-3، فوصفت صحيفة اوروغويانية المنتخب بـ"كوستا بوبري" أي الساحل الفقير بدلا من الاسم الحقيقي للبلاد "كوستا ريكا" أي الساحل الغني.
انتظر أبناء الدولة الواقعة في أميركا الوسطى أسابيع قليلة وردت الصحف المحلية بعد الفوز الكبير على كافاني ورفاقه 3-1، بوصف "كوستا ريكويسيما" أي الساحل الغني جدا.يشعر نجما الفريق براين رويز وجويل كامبل انهما لم يحصلا على فرصة كاملة في الدوري الإنكليزي، مع فولهام وأرسنال على التوالي، ويأملان استغلال كاس العالم لتعزيز مستقبل افضل.
كامبل الذي تعاقد مع أرسنال في 2011 أعير لمشكلات تتعلق بعدم منحه تأشيرة عمل، وبعد حلها، أعاره المدفعجية مرة جديدة، لكن النادي اللندني لن يتجرأ ربما على إعارته مجددا بعد مستوياته الجيدة في البرازيل.
أما مستقبل رويز فيبقى غامضا، لذا كان لنجاحه الجمعة طعم الذ. بعد معاناته مع فولهام، أعاره النادي الإنكليزي إلى ايندهوفن، ولا يدرك قائد المنتخب ما اذا كان سيعود إلى لندن. انتقد كثيرا لمستوياته المخيبة مع فولهام لكنه رد بان فريقه لم يعرف كيف يستغل طاقته.
رأسيته في الدقيقة 44 من مباراة إيطاليا منحت كوستاريكا تقدما كافحت للحفاظ عليه حتى النهاية، ولم تنفع التدعيمات الهجومية التي قام بها برانديلي بإعادة التوازن الرقمي، فكانت انكلترا ضحية الأضرار الجانبية بفعل تكرار كوستاريكا إنجاز تأهلها عام 1990 في إيطاليا ببلوغها الدور ثمن النهائي للمرة الأولى في تاريخها بقيادة الصربي الفذ بورا ميلوتينوفيتش مع نجومها هرنان مدفورد وروجر فلوريس والحارس لويس كونيخو وأوسكار راميريز، لكن خروجها كان مؤلما وبفارق بسيط أمام تركيا عام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان مع نجومها باولو وانشوب ورولاندو فونسيكا ووالتر سنتينو وونستون باركس. لكن مواجهة كامبل ورويز مع انكلترا غدا الثلاثاء ستحمل طعما مختلفا لهذا الثنائي عندما يواجهان نجوم البرميير ليغ على غرار ستيفن جيرارد، واين روني ودانيال ستاريدج.
"كيف تروننا الآن؟" هكذا عنونت صحيفة "تيكو تايمز" الصادرة من البلد الصغير البالغ عدد سكانه 4،5 ملايين نسمة والمهتم بالبيئة بشكل كبير، بعد ضمان بلوغ الدور الثاني، علما بان ترشيحات ما قبل البطولة منحتها حظا بنسبة 1 على 2500.يدين الفريق بنجاجه الكبير إلى مدربه بينتو (61 عاما) الذي فشل بمحاولتين سابقتين بالوصول إلى المونديال مع كوستاريكا وكولومبيا. انتقده الجمهور والإعلام لتغيير خطة كوستاريكا وتركيزه على خطة 5-4-1 الدفاعية، لكن الضحكة الأخيرة كانت له.
لا يسكت بينتو، الذي انفجر غضبا لعدم احتساب الحكم التشيلي ركلة جزاء لمصلحة كامبل أمام المدافع الإيطالي جورجيو كييليني، على من ينتقده، فعندما وصف مستمع لبرنامج إذاعي المنتخب بانه يفتقد للتماسك، اتصل المدرب المزاجي بالإذاعة ووبخ المتصل واصفا إياه بقليل الاحترام. بعد مباراتين فيهما الكثير من المحطات التكتيكية أمام المدربين أوسكار واشنطن تاباريز وتشيزاري برانديلي اسكت بينتو منتقديه، فإلى أين سيتابع القطار الكوستاريكي "الغني" مشواره؟