بدت سلطات الانقلاب في
مصر غير مكترثة على الإطلاق بالغضب الدولي الذي أثاره الحكم الصادر، الاثنين، بالسجن على صحفيين مصريين وأجانب بينهم من يعمل لدى شبكة
الجزيرة الإخبارية.
وقضت محكمة جنايات القاهرة، بمعاقبة 11 صحفيا بالسجن المشدد عشر سنوات بينهم هولندية وإنجليزيان تابعين للجزيرة، والسجن سبعة سنوات لسبعة متهمين آخرين بينهم أسترالي وكندي.
وتسبب الحكم في انتقادات دبلوماسية وحقوقية دولية لمصر، حيث استدعت بريطانيا وهولندا سفيري مصر لديهما لإعلان رفضهما للأحكام، كما أعربت منظمات دولية وحكومات غربية عن صدمتها.
أحكام مشينة وغير مفهومة
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان
كي مون إن أحكام الإعدام والسجن التي يصدرها
القضاء المصري، في الآونة الأخيرة "مشينة"، ولم تستوف المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
وأضاف كي مون في بيان مقتضب له تعقيبا على سجن صحفيي الجزيرة: "من المرجح أن تقوض تلك الأحكام الاستقرار في مصر على المدى الطويل".
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إنه أبلغ نظيره المصري سامح شكرى "استيائه" من قرار المحكمة "القاسي والوحشي" ضد صحفيي الجزيرة.
وأعرب وزير الخارجية البريطاني ويليام هيج عن استنكاره للحكم وأمر باستدعاء السفير المصرى في لندن لإبلاغه رفض بلاده.
وقال هيج، فى بيان صادر عن السفارة البريطانية بالقاهرة تلقت "عربي21" مسخة منه - "لقد هالني سماع نبأ صدور أحكام بإدانة صحفيين مصريين وأجانب في مصر اليوم، ومن بين الصحفيين المدانين صحفيان بريطانيان، هما سو تورتون ودومينيك كين، حوكما غيابيا".
وأضاف البيان: "أثرنا مرارا وتكرارا موضوع هذه القضية والقيود المفروضة على حرية التعبير فى مصر مع السيسى ووزير الخارجية المصرى والسلطات فى مصر، وسوف يواصل الوزراء والدبلوماسيون البريطانيون حث الحكومة المصرية على إبداء التزامها بحرية التعبير، وذلك بإجراء مراجعة عاجلة لهذه القضية".
وفى سياق ذي صلة، قال نائب السفير الهولندي بالقاهرة، إن بلاده "محبطة للغاية" من هذا الحكم الغريب وغير المفهوم، مضيفا أن الحكم على الصحفية الهولندية غيابيا بالسجن عشرة أعوام "غير عادل".
ومن جهتها أدانت "منظمة العفو الدولية" الأحكام، ودعت الى إطلاق سراح المتهمين "بدون شروط"، معتبرة أن هذه الأحكام "هجمة شرسة" على حرية الصحافة.
وشددت المنظمة في بيان لها الاثنين على أنها تعتبر الصحفيين "سجناء رأي"، وتهديد لحرية الصحافة.
فيما أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بيانا أدانت فيه الأحكام وقالت إن قضاة مصر تورطوا في الهستريا المعادية للإخوان المسلمين التي يتبناها السيسي".
وأضافت أن "الحكومة المصرية تعاقب الناس على ممارستهم أبسط الحقوق الأساسية نحو التحول الديمقراطي"، مشيرة إلى أن الادعاء فشل في تقديم أي دلائل منطقية على الجريمة المزعومة التي صدر فيها الحكم.
تجاهل مصري
وفي المقابل، تعاملت الحكومة المصرية مع كل هذه الانتقادات بتجاهل وصل إلى حد الصلف – بحسب مراقبين.
وفي تعليق له على الأحكام، قال وزير الخارجية سامح شكري إن مصر دولة مؤسسات وسيادة القانون، وأن الشعب المصري يثق فى سلطاته القضائية وحيادها، مشيرا إلى أن المتهمين عليهم الدفاع عن أنفسهم لإثبات براءتهم.
وشدد على أنه لا يجوز التعقيب على أحكام القضاء، سواء من جانب أطراف داخلية أو أطراف خارجية أيا كانت، باعتبار أن ذلك يمثل مساسا باستقلال القضاء.
ووصف النائب العام المستشار هشام بركات الحكم بأنه "رادع" لكل من يحاول الإضرار بمصر عبر اختلاق أخبار كاذبة.
وأوضح النائب العام فى بيان أصدره - تلقت "عربي 21" نسخة منه - أن المتهمين أدينوا بالانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين التي أسست على خلاف أحكام القانون، وأيضا منع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، واستهداف المنشآت العامة، وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.
قضاؤنا شامخ ومستقل
ووجهت الخارجية المصرية سفراء مصر في الخارج، بالمبادرة بطلب إجراء مقابلات عاجلة مع المسؤولين بوزارات الخارجية بدول العالم المختلفة، لطرح بيان مكتب النائب العام المصري حول ملابسات الحكم الصادر ضد الصحفيين.
وقالت الخارجية في بيان لها، إن "هذه التوجيهات تأتي بصفة استباقية بهدف نقل حقائق الأمور بعيدا عن الصور والمعلومات المغلوطة حول هذه القضية".
وأوضحت أنه "تم إمداد السفراء بشرح لملابسات القضية وأوامر الإحالة والتهم الموجهة إلي المتهمين سواء المصريين أو الأجانب، لشرح كافة الأمور المتعلقة باستقلالية السلطة القضائية وما كفله الدستور المصري الجديد من حقوق وضمانات تضمن حرية واستقلالية الإعلام، فضلا عن إجراءات التقاضي، التي تكفل لجميع المتهمين الفرصة للطعن علي الحكم أمام المحكمة المختصة بنظر الطعن".
ووصف البيان استدعاء بعض السفراء المصريين في الخارج بأنه إجراء دبلوماسي ويوفر مناسبة لشرح حقيقة الأوضاع وإطلاع المسؤولين في الخارج بصورة دقيقة وطرح بيان مكتب النائب العام حول هذه القضية بعيدا عن أي مغالطات أو استنتاجات خاطئة تنال من استقلالية القضاء المصري.
وشدد البيان، على "الرفض الكامل لأي تدخل في الشؤون الداخلية للبلاد أو المساس باستقلالية القضاء المصري".