شهد محيط قصر
الاتحادية الرئاسي، صباح الاثنين، ثلاثة
تفجيرات متتالية بعبوات ناسفة أسفرت عن مقتل رجلي شرطة وإصابة عشرة آخرين لدى محاولتهم تفكيك القنابل قبل انفجارها.
وبسبب حساسية موقع التفجيرات، مثل الحادث حرجا بالغا للنظام الحاكم، حيث جرت التفجيرات على بعد أمتار قليلة من مقر إقامة الجنرال عبد الفتاح
السيسي قائد الانقلاب الذي تولى رئاسة
مصر بعد انتخابات رئاسية مشكوك في نزاهتها.
وأظهرت سلسة التفجيرات ما وصفه خبراء بـ"مدى القصور والضعف الأمني الذي تعاني منه وزارة الداخلية، إذ أن الجماعة التي تبنت العملية كانت قد أصدرت بيانا صحفيا منذ أربعة أيام تعلن فيه أماكن وجود القنابل بدقة كبيرة، وأشارت إلى أنها زرعتها في محيط القصر الرئاسي منذ 12 يوما، كما أعلنت تراجعها عن تفجير القنابل مخافة إصابة المدنيين المتواجدين في هذه الأماكن، ومع ذلك لم يهتم أحد في الداخلية بالأمر حتى وقعت الانفجارات اليوم".
وأصيب ثمانية أشخاص الأربعاء الماضي عندما انفجرت ثلاث عبوات ناسفة بدائية الصنع في محطات لمترو الانفاق، وأخرى رابعة خارج محكمة بالقاهرة، كما قتل اثنين في انفجار بمدينة 6 أكتوبر السبت الماضي.
وفي نفس اليوم، قتل أربعة مجندين برصاص مسلحين مجهولين بشمال سيناء لدى عودتهم من إجازة، في تكرار لحادثين سابقين وقعا في نفس المنطقة، وبنفس الطريقة.
وهذه الحوادث المتتالية هي الأولى التي تقع منذ تولي قائد الجيش ووزير الدفاع السابق السيسي رئاسة مصر أوائل حزيران/ يونيو الحالي.
تفجيرات محددة الزمان والمكان
وكانت جماعة "
أجناد مصر" أصدرت بيانا، الجمعة الماضي، على "تويتر" توعدت فيه بتنفيذ تفجيرات في الأيام المقبلة، وحذرت الجماعة من وجود عبوتين ناسفتين وسط الزراعات الموجودة بزاوية القصر عند المدخل إلى شارع الأهرام من طريق الميرغني، ونبهت المارة بتلك الأماكن من خطورة العبوات، مؤكدة إلغاء عملية التفجير.
وقالت في البيان، إن سرية تابعة لها تمكنت من اختراق الإجراءات التأمينية حول قصر الاتحادية الرئاسي في 18 حزيران/ يونيو، وفخخت مكان اجتماع قيادات الأجهزة المسؤولة عن تأمين القصر، كما زرعت عبوات ناسفة عدة بمحيط القصر لاستهداف القوات.
وأكدت "أجناد مصر" أن هذه العبوات لم تكتشفها قوات الأمن رغم نفي وزارة الداخلية وجودها، وكشفت عن أماكن بعض القنابل خشية أن تطال التفجيرات مدنيين.
وأوضحت في بيانها: "في وقت التنفيذ تواجد عدة أفراد بزي مدني قرب مكان العبوة الرئيسية، ولم يتسن لنا التأكد من انتسابهم للأجهزة الإجرامية، وخوفا من وصول الشظايا إليهم تم وقف التنفيذ والإلغاء الكامل للعملية".
وأضافت: "وبعد عشر ساعات لاحظ حراس القصر العبوة الناسفة، وأغلقوا محيط القصر والميادين المجاورة، وقاموا بتمشيط المنطقة لعدة ساعات، وبدأ الخبر ينتشر، وسرعان ما حاولت الأجهزة الإجرامية التكتم على هذا الاختراق ونفيه، وخرج في الأنباء تصريح منسوب لمصدر أمني ينفي العثور على أي قنابل، زاعما أن قصر الاتحادية على أعلى درجة من التأمين، ولا يمكن الوصول إليه".
وتابعت "أجناد مصر": "بعد مرور أكثر من أسبوع تبين لنا أن أغلب العبوات لم تكتشف، ولم نتمكن من سحبها لأسباب أمنية، ورغم أن العبوات مؤمنة بحيث لا تصيب المارة إلا أنه وزيادة في الاحتياط ننبه المارة إلى جهة من الجهات الملغمة بتلك العبوات، نظرا لقربها من الطريق بعض الشيء، حيث توجد عبوتان ناسفتان في الزراعات الموجودة بزاوية القصر عند المدخل إلى شارع الأهرام من طريق الميرغني".
واعتبرت الجماعة أن تكتم الأجهزة الأمنية على هذه العبوات وعلى غيرها من العمليات في الفترة الماضية دليل على ما وصلت إليه من ضعف وانهزام وانعدام للثقة في قدراتها.
ودعت في ختام بيانها إلى الشد على الأجهزة الأمنية في تلك الفترة والاجتهاد في الإثخان فيهم بكل الوسائل المتاحة، على حد تعبيرها.
مطالبات بإقالة وزير الداخلية
من جانبه طالب رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد، بإقالة وزير الداخلية، وقال عبر "تويتر": "إن محمد إبراهيم وزير داخلية مرسي وعدلي منصور والسيسي نجح في القمع فقط، وفشل في تحقيق الأمن وسيادة القانون، ارحل غير مأسوف عليك".
أما أمين شباب حزب الحرية والعدالة بالجيزة علي خفاجي فكتب عبر "فيسبوك": "كوميديا سوداء، أجناد مصر طلعت بيان من أربعة أيام، وقالت فيه إنها نجحت في اختراق تحصينات قصر الاتحادية، وفخخت مكان لتجمع قادة امنية، ويوم التفجير لقوا ناس واقفين بزي مدني فمرضيوش يفجروا حفاظا على أرواح المدنيين، وقالت في البيان ان فيه قنبلتين معرفناش نشيلهم ووصفت مكانهم بالظبط، تيجي النهاردة الداخلية وبعد 4 ايام تروح تدور عليهم تقوم مفرقعة في الظباط ويموتوا".
وسخر الصحفي المتخصص في شؤون الحوادث أحمد الضبع من الأمر، وكتب: "بيقولك مرة خلية إرهابية في دولة نامية أعلنت أنها زرعت قنابل قرب قصر الرئيس قوم وزارة الداخلية بتاعة الدولة النامية تيجى تقول ده تخويف والدنيا تمام.. قوم يحصل 3 انفجارات في نفس المكان اللى قالت الخلية عنه.. بالذمة دى دولة ولا دى وزارة؟".
أما إمام مسجد عمر مكرم مظهر شاهين أحد أشد مؤيدي الانقلاب، فقال عبر "فيسبوك": "الصورة الأمنية سوف تهتز لدى الداخل والخارج البلاد، تفجير الاثنين عند الاتحادية هو مجرد رسالة لإحراج النظام، وعلى الرئيس أن يرد بمنتهى القوة القانونية حتى لا تتكرر الجريمة".
وعلق دكتور أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة سيف الدين عبد الفتاح على التفجيرات بقوله: "فاقد الأمن لا يعطيه".
الداخلية تصدر بيانا معتادا
من جانبه، اكتفي وزير الداخلية محمد إبراهيم، بإصدار بيان -تلقت "عربي21" نسخة منه- حيث نعى الوزير الضباط القتلى، وقال إن "مثل هذه العمليات الخسيسة لن تزيد قوات الشرطة إلا إصرارا وعزيمة على مواجهة الإرهاب الأسود الذى يحاول العبث بأمن وسلامة المصريين".
وتأتي هذه التفجيرات في الذكرى الأولى لمظاهرات 30 حزيران/ يونيو التي مهدت الطريق أمام الانقلاب العسكري، وقبل ساعات من احتفالات أعلنت عنها الحكومة في محيط قصر الاتحادية.
وأعلنت الأجهزة الأمنية، حالة الاستنفار الأمنى بجميع ميادين مصر قبل الاحتفالات بذكرى ثورة 30 حزيران/ يونيو، كما أعلنت إغلاق محيط قصر الاتحادية وميدان التحرير.
واختتم الوزير بيانه بالتعهد المتكرر بمواصلة الحرب على "إرهاب تنظيم الإخوان حتى اقتلاع جذوره كاملة"، على حد قوله.